طوفان الأقصى والحرب الدينية

طوفان الأقصى والحرب الدينية

أشار أبو عبيدة الناطق الرسمي بإسم كتائب القسام في آخر ظهور له إلى بقرات إسرائيل الحمر حيث قال: “نذكر بعدوان بلغ أقصى مداه على مسرانا وأقصانا وبدأ تقسيمه الزماني والمكاني فعلا وأحضرت البقرات الحمر تطبيقا لخرافة دينية مقيتة مصمَّمة للعدوان على مشاعر أمة كاملة”

فما قصة بقرات بني إسرائيل الحمراء وعلاقتها بهدم الاقصى؟

البقرة الحمراء لبني إسرائيل هي إحدى المعتقدات اليهودية التي عمل عليها اليهود المتطرفون سرا لسنوات طويلة. وحسب زعمهم فإن مجرد ظهور تلك البقرة سيأتي موعد نزول ما يسمى “بالمخلص”.

قبل حوالي عقد ونصف ظهرت بقرة حمراء اعتنوا بها سرا جيدا جدا إلا أنّ الحاخامات بعد فترة أعلنوا ظهور بعض الشعرات السوداء عليها مما جعلها غير صالحة للتطهر ومنذ ألفي عام لم تولد بقرة حمراء واحدة تطابق جميع المواصفات المطلوبة وهي أن يكون شعرها كله أحمر تماما ولم تحمل ولم تحلب ولم يوضع برقبتها حبل وقد ولدت ولادة طبيعية وان تكون ولدت في “ارض إسرائيل” لكن هذا الشرط الأخير تخلّو عنه أمام وجوب تحقق أكاذيبهم المزعومة, وفجأة وبعد ألفي سنة تظهر خمس بقرات تنطبق عليها جميع المواصفات دفعة واحدة وهذا دليل آخر على زيف وبطلان معتقداتهم, فلولى تدخل أمريكا المنقذ الدائم لهم لما تمكنوا من العثور على بقرتهم المزعومة أبدا, ففي ولاية تكساس قامت أمريكا بواسطة الهندسة الجينية بإنتاج خمس بقرات وقد قامت إسرائيل باستيرادهم في سبتمبر سنة 2022 وسط استقبال حكومي مهيب حيث قام المدير العام لوزارة القدس والتراث نتانيل إسحاق باستقبالهم في المطار ومن ثم وضعهم في مكان سري وسط حراسة مشددة ورعاية حكومية كبيرة حتى تتم العامين لتكون أداة للتطهر لمن سيهدمون المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث المزعوم مكانه حين تذبح في جبل الزيتون وفق طقوس معقدة لأنهم حسب اعتقادهم مدنسون الآن بما يسمونه دنس الميت ولا حل لهم إلا برماد البقرة الحمراء والغريب في هذا الموضوع ليس أسطورة البقرة وإنما مدى تأثير هذه الأسطورة على حكومة الاحتلال وطريقة تعاملها معها.

في بداية العدوان على غزة سمع العالم كله نتنياهو يتحدث عما سماه تطبيق نبؤة أشعيا على الأشرار ثم يسقط قتال العماليق في نصوصهم على الفلسطينين بما في ذلك من حث على القتل والتنكيل

فوحشية كيان يهود تتغذى على التطرف المتدثر بالسياسة, إذ قويت شوكة الصهيونية الدينية وبات صوتها أعلى في قيادة هذا الكان, فاليهود المتطرفون (وهذا لا يعني أن باقي يهود هذا الكيان عتدلون منصفون إزاء الاسلام والمسلمين) في حكومة نتنياهو يشغلون 15وزارة من أصل 32 كما لديهم 27 عضو في الكنيست من أصل 120عضو وبالتالي أصبحوا أكثرية في البرلمان وهذا ما أعاد للساحة قضية الهيكل المزعوم والبقرة الحمراء. فنتنياهو لم يعد يتردد في تمويل ودفع المشاريع والمخططات الهادفة لهدم الأقصى, فتركيبة حكومته المتطرفة المتوحشة ساهمت في هذا التوجه فهي تستند إلى الحركات الدينية اليهودية الخلاصية لا سيما حركتي “القوة اليهودية” بقيادة وزير الأمن القومي ايتيمار بن غفير وحركة الصهيونية الدينية برئاسة بتسلاس سموتريتش وتؤمن الحركات اليهودية الدينية الخلاصية بعقيدة الخلاص التي تقوم على فكرة نزول المخلص المنتظر.

وبحسب تحقيق لقناة 12الاسرائيلية فإن نتنياهو دعم وسهل عملية إحضار البقرات ورعايتهم وقد منحت وزارة الزراعة تراخيص استثنائية لاستيراد الأبقار من الولايات المتحدة الأمريكية. أما بن غفير وسموتريتش فإنهم صعدوا في اقتحامات الحرم الشريف وشددوا القيود على الفلسطينيين والاعتداء عليهم ومنعهم من الصلاة في الأقصى ودخوله خصوصا في الأعياد اليهودية, ففي تصريح لايتيمار بن غفير وزير الأمن الداخلي قال فيه “هذا المكان (أي المسجد الأقصى) هو أهم مكان للشعب الإسرائيلي” كما شرع بعد بدأ العدوان على غزة في تسليح المستوطنين بطريقة جنونية.

أما الباحث في منظمة عير عاميم أفيف تترسكي فقد قال :”المسلمون هم العدو الذي لا يجب أن يكون في جبل الهيكل والهدف هو طردهم وهدم قبة الصخرة وبناء الهيكل واستعادة عهدنا”.

وهذا الحقد الإسرائيلي الدفين هو غيض من فيض وما خفي أعظم, السبب الذي جعل حركة حماس تراه خطرا كبيرا على أهل فلسطين وعلى الأمة بأسرها وقياداتها حذروا منه أكثر من مرة واعتبروا انه كان واحدا من الأسباب الرئيسية لعملية طوفان الأقصى فقد صرّح محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام قائلا: “وقد أحضروا البقرات الحمراء لحرقها وذر ماء رمادها كإعلان عملي لهدم الأقصى وبناء الهيكل.”

للأسف، على الرغم من كل هذا فإن السلطة الفلسطينية لم تتخذ أي موقف مما كشفت عنه التحقيقات، حتى على الصعيد الإعلامي، حيث تواصل هذه السلطة العميلة نمط علاقتها الحالي مع لكيان المحتل، القائم بشكل أساس على التعاون الأمني. في الوقت ذاته فإن الأردن، صاحب “الوصاية الهاشمية” على المسجد الأقصى وبقية المقدسات الإسلامية في القدس، لم يتخذ أية خطوة؛ بل تواصل المملكة التعاون الأمني والشراكات الاقتصادية مع الكيان المحتل, حتى أن زوجة بن غفير إيالا والتي تلعب دورا إعلاميا كبيرا في الترويج للخط الإيديولوجي الذي يتبناه زوجها أكدت أن الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى لم تعد قائمة وهذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تعترف بدور الأوقاف الإسلامية في القدس. ورغم ذلك فملك الأردن لم يحرك ساكنا. وما ينطبق على السلطة الفلسطينية والأردن ينطبق أيضا على جميع الدول العربية والإسلامية التي يفترض أن تتحرك على عجل لإنقاذ الأقصى وإنقاذ أهل غزة من حقد اليهود, فمعتقداتهم الزائفة ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء, وان ما يحدث اليوم لإخواننا في فلسطين من المجازر والقتل والتشريد والتجويع  لخير دليل على مخططات بني صهيون وان خذلان الحكام العملاء المأجورين وصمتهم دون تحريك الجيوش وكسر الحدود وفك القيود لن يزيدكم إلا إذلالا ومهانة.

فيا أمة الإسلام يا من كان رسول الله قدوتكم يا من كان خالد ابن الوليد أسوتكم, ألم يئن الأوان لتهبوا هبة رجل واحد في وجه الحكام الخونة وتكسروا الحدود الوهمية الزائفة وتشتروا الدار الآخرة وتنصروا إخوانكم في فلسطين وتنقذوا مسرى رسول الله من دنس اليهود.

قال رسول الله ﷺ: «تكونُ بينَ يديِ السَّاعةِ فِتَنٌ كقطَعِ اللَّيلِ المظلِمِ يصبِحُ الرَّجلُ فيها مؤمِنًا ويمسي كافِرًا ويمسي مؤمِنًا ويصبِحُ كافِرًا يبيعُ أقوامٌ دينَهم بعرَضٍ منَ الدُّنيا» أخرجه الترمذي.

«لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» رواه البخاري ومسلم.

«بدأ الإسلام غريباً، وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء» رواه مسلم.

أمال بوليلة

CATEGORIES
Share This