عوض أن تتكفّل برعايتهم وزارة المرأة تبيع الأطفال فاقدي السّند للمنظّمات الماسونيّة
حدّث أبو ذرّ التونسي قال: في جريمة بشعة وإثم مضاعف ظلمات بعضها فوق بعض، وبعد أن تولّت تمرير قانون (سيداو) المتعلّق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة، عمدت نزيهة العبيدي وزيرة المرأة والأسرة والطّفولة إلى التخلّص من طفولة تونس الفاقدة للسند والتّفصّي من مسؤوليّة رعايتها وإهدائها على طبق من ذهب إلى أعتى المنظّمات الماسونيّة (أندية اللّيونس) في أسوأ شكل من أشكال الاستعباد: حيث تخضعهم هذه المنظّمة الصهيونيّة إلى (فورماتاج) ثقافي سياسي يتحوّلون بمقتضاه إلى (قريملّة لا دين لا ملّة) قبل أن تتولّى زرعهم في مفاصل البلاد لإحكام سيطرة الكافر المستعمر على كلّ كبيرة وصغيرة فيها…ونحن إذ نستشنع ونستنكر هذه الخطوة الخيانيّة الوقحة، فإنّنا نتساءل مشدوهين بكلّ حرقة: هل هذا كيان سياسي أم سوق سوداء للنّخاسة..؟؟ وهل هؤلاء طاقم حكم أم إحدى عصابات المافيا..؟؟ دولة تستقيل عن أبسط مظاهر رعاية الشؤون وتتفنّن في جباية الضرائب وترهن البلاد والعباد والمقدّرات للاستعمار…حكومة منزوعة السيادة والسلطان تمكّن الإنجليز والأوروبييّن من وضع الدستور ورعاية الانتخابات وصياغة العقيدة الأمنية والعسكريّة والإشراف على الدّوائر الحكومية وعلى قطاعي الإعلام والصّحة، بل والتحكّم في الأمن الغذائي للسكّان…مجلس نوّاب عبارة عن مجلس نوائب (مصائب) وظيفته الأساسيّة تبييض جرائم الدّولة وتمرير مخطّطات الكافر المستعمر التي تحاك ضدّ الشعب وتقنينها ودسترتها وتزويدها بالرّداء الشرعي الذي يستر عورتها…رئيس من أكبر مصنّعي الجعّة والخمور في البلاد يدير الدّولة بعقليّة (طبرناجي) همّه الوحيد إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا: في عهده السّعيد أُقرّت حريّة الضمير ونشطت جمعيّة شمس للمثليّين ورُفعت القيود عن استهلاك الحشيش والمخدّرات، وهاهو يخطّط لنسخ أحكام المواريث وإباحة زواج المسلمة من كافر…وسط سياسي موبوء بالعملاء والسماسرة وصنائع اليهود والماسون ينشط في دهاليز السفارات الأجنبية وأقبية مخابراتها، تباع فيه الذّمم والولاءات والأصوات والمواقف بالشيكل والدّولار والجنيه والفرنك (عيْناني)…أمّا عن (حرائر تونس) الوزيرات و(النّائبات) والحقوقيّات والإعلاميّات والمثقّفات والنّاشطات في (المجتمع المدني) فالسياسة عندهنّ حبيسة التيّار النسوي في نسخته المنسوبة إلى نوال السّعداوي: لا يرين التقدّم والحرّية والحقوق والمساواة إلاّ في التحلّل من القيم الإسلاميّة ومضاعفة جرعة الفجور والخلاعة…على أيديهنّ النّاعمة وعبر حناجرهنّ الرّقيقة (نزيهة العبيدي ـ مجدولين الشارني ـ بشرى بلحاج حميدة ـ مايا القصوري ـ مريم بالقاضي ـ سعيدة قرّاج ـ مريم بن حسين ـ آمال قرامي ـ راضية النصراوي ـ ألفة يوسف ـ رجاء بن سلامة…) تُرجمت اتّفاقية سيداو عمليًّا في أبشع فصولها المستهدفة للمرأة التونسية المسلمة في دينها وعفّتها وأسرتها وصحّتها وحرمتها… أمّا عن قضيّة الحال فهي تنحطّ بالسياسة ورعاية الشؤون إلى حضيض النخاسة والاسترقاق ودرك التّنصير والعمالة والخيانة وصولاً إلى (البيدوفيليا) والمتاجرة بالأعضاء، في مشهد سريالي مقزّز، ناهيك وأنّ المرأة التي تولّت كِبر هذه الفضيحة حافظت على حقيبتها في التحوير الوزاري الأخير كحركة تشجيع ومؤشّر على الرضوان…وبالمحصّلة (مرحبا بيكم في جمهوريّة البرمقلي)…
في الماسونية
إنّ مفتاح قراءة اتفاقيّة العار هذه هو ـ لا ريب ـ معرفة واقع الجمعيّة التي أُبرمت معها…وممّا لاشكّ فيه أنّ نادي (الليونس كلوب) من أشهر الجمعيّات الماسونية وأكثرها نشاطًا واستقطابًا في العالم عمومًا وفي البلاد العربيّة والإسلاميّة خصوصًا…والماسونية أو البنّاؤون الأحرار هي منظّمة يهودية صهيونيّة عالميّة تتّصف بالسرّية والتقيّة والغموض الشديد خاصّةً في شعائرها وأهدافها وأساليبها، أُنشئت تاريخيًّا بعد الأسر البابلي وتخريب هيكل سليمان، لكنّها لم تتبلور من حيث أفكارها ومبادئها وأنشطتها إلاّ في بداية القرن 18م حيث وُضع أوّل دستور للماسونيّة في المستعمرة الأمريكية سنة 1734على يد بنجامين فرانكلين، ومنذ ذلك التاريخ ظهرت في شكلها المعاصر وتعاظم نفوذها وعمّ كافّة أقطار العالم ناهيك وأنّ بعض الوزراء والصدور العظام في دولة الخلافة العثمانية كانوا ماسونيّين على غرار مدحت باشا صاحب دستور 1909…ورغم ظهورها للعيان إلاّ أنّ أهداف المنظّمة الماسونية ظلّت مُحاطة بهالة من التّكتم والغموض والسرّية لطبيعتها الإجراميّة الهدّامة، إلى أن افتُضح أمرها في كتاب بروتوكولات حُكماء صهيون: فهي تهدف إلى السّيطرة على العالم وتعبيده وتسخيره لليهود في إطار الحكومة العالميّة التي يبشّرون بها، ولتحقيق ذلك تسعى الماسونية إلى تفكيك الدّول وتذويب الأديان والعقائد وتحويل البشريّة إلى قطيع يسهل قيادته والتّحكم فيه وذلك عن طريق نشر العلمانيّة والإلحاد وضرب كافّة القيم الإنسانية الرّاقية وإشاعة الفسق والفجور والخلاعة والتّفسخ الأخلاقي والإدمان والقمار والجريمة المنظّمة…وتنشط المنظّمة الماسونيّة في شكل جمعيّات ومحافل ونواد عديدة منتشرة حول العالم أشهرها على الإطلاق ـ إلى جانب الليونس كلوب ـ الرّوتاري و فرسان الهيكل والمتنوّرون وأخويّة الغابة البوهيميّة والجمجمة والعظام ومحفل لوج كوكب الشرق (تخرّج منه جمال عبد النّاصر) ونادي البحر الأبيض المتوسّط (تخرّج منه الحبيب بورقيبة) ونادي حنّبعل (انتسب إليه راشد الغنّوشي في بريطانيا)…وأمّا في البلاد الإسلاميّة فتعتبر كلّ من مصر ولبنان وتونس والمغرب وتركيا مراكز ظاهرة للماسونيّة ناهيك وأن تونس لوحدها تضمّ ثلاثة نوادٍ (الليونس ـ الرّوتاري ـ نادي البحر الأبيض المتوسّط)…للماسونيّة عدّة رموز بمثابة البصمات التي تُعرف بها وأبرزها: نجمة داوود ـ المسطرة والبركار ـ العين ـ المِسلّة ـ المثلّث الهرمي ـ برج السّاعة الموجود في لندن والذي انتصب مؤخّرًا في مكّة المكرّمة مُشرفًا على الحرم المكّي (نعم مع شدّة الحسرة)…تتستّر المنظّمة الماسونية بالتبرّعات والأعمال الخيريّة والتطوّع والنشاطات الاجتماعية النّخبوية والأخويّات الجامعيّة من أجل تحقيق أهدافها في الخفاء، وتعمل عبر جمعيّاتها ومحافلها ونواديها على استقطاب مُريديها بشدّهم من بطونهم وفروجهم بالتسهيلات والإغراءات المادّية والجنسيّة (بن علي وليلى الطرابلسي نموذجًا) وغسل أدمغتهم ومسخهم وتحويلهم إلى ماكنات بشريّة لا انتماء لها تنفّذ دون تردّد…ثمّ زرعهم في مفاصل الدّول ودوائرها الاقتصادية والماليّة والثّقافية والعسكريّة ومراكز القرار السّياسي فيها…وبذلك تتمّ لها السّيطرة الفعليّة على البلاد والعباد والمقدّرات…
مضمون الاتفاقيّة
بعد أن فصّلنا القول في العاقِدَين واكتشفنا الاختلال المشط في موازين القوى بينهما: جمهوريّة البرمقلي التابعة العميلة الممسوخة الكسيحة، والمنظّمة الماسونية الماكرة الخبيثة ذراع القوى العظمى المتغلغلة في تلافيف الحكومات…نقف الآن عند المعقود عليه ـ أي الاتّفاقيّة نفسها ـ بما يمكّننا من استنطاقها وقراءة ما بين سطورها: فبتاريخ 16 أوت 2017 أعلنت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة (القديمة الجديدة) نزيهة العبيدي عن توقيع اتفاقيّة مع جمعيّة أندية الليونس للتكفّل بالأطفال المقيمين بالمراكز المندمجة للشباب والطّفولة وبقرى (س.و.س) في عدد من الولايات على غرار سيدي بوزيد وصفاقس وبنزرت وسليانة…وأكّدت الوزيرة أنّه بمقتضى هذه الاتفاقية سيتم وضع خطّة عمل مشتركة مع جمعيّة أندية الليونس الدّولية (إقليم 414 تونس) من أجل إيجاد واقع أفضل للأطفال فاقدي السّند عبر تقديم الخدمات الأساسية التي تتلاءم مع متطلّباتهم واحتياجاتهم العمرية من جهة، والرّفع من مستوى عيش كبار السنّ والنّهوض بجودة الخدمات الاجتماعية والثقافية والصحّية لفائدتهم من جهة أخرى…وتجدر الإشارة إلى أنّ أهم مجالات التّعاون المضمّنة بالاتّفاقية تتمثّل أوّلاً: في المساهمة في تهيئة وتجهيز وصيانة البنية الأساسيّة لتلك المؤسّسات ودعم قدرات أعوانها وإطاراتها والمساعدة على تأمين خدمات صحيّة واجتماعيّة لنزلائها ومنظوريها…كما تتمثّل ثانيًا في المساهمة في تنفيذ برامج ثقافيّة وترفيهيّة وتنشيطيّة تتماشى ومتطلّبات هذه المؤسّسات، وهذا بيت القصيد ومربط الفرس والسمّ الذي يمرّر في الدّسم…وقد اعترفت الوزيرة نزيهة العبيدي أن التعامل بين الطّرفين ليس جديدًا ولا وليد هذه الاتفاقيّة، بل هو قائم منذ سنوات، ولكن هذه الاتّفاقية ستضع الإطار القانوني لهذا التّعاون، أي ستخرجها من الخفاء والسرّية والشّبهة التي كانت عليها منذ عهد بورقيبة سليل المحفل الماسوني الفرنسي، إلى النّور والعلن والشرعيّة ببركة الرّاكبين على الثورة من الماسون الجدد…
حاميها حراميها
إنّ الأصل في الدّولة بما هي جهاز تنفيذي أن ترعى شؤون منظوريها وأن تتكفّل بحاجاتهم الأساسيّة الفرديّة (المأكل ـ الملبس ـ المسكن) والجماعيّة (التعليم ـ التطبيب ـ الأمن): فالشرع يُلزم ولي الأمر برعاية شؤون رعيّته وتوزيع الثروة عليهم وإعالة مُحتاجهم وتشغيل عاطلهم…ويتأكّد هذا الدور مع فاقدي السّند لاسيّما إذا كانوا أطفالاً قُصّرًا، يقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم (أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه، فمن ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديْنًا أو ضَياعًا فإليّ وعليّ)…غير أنّ هذا النظام الاستعماري بالوكالة المنصّب على رقاب التونسيّين لم يكتف بالتّفصّي من مسؤوليّاته تجاه شعبه والاستقالة عن رعاته شؤونهم، بل تمادى في غيّه وانتصب سمسارًا يبيع من يُفترض منه أن يعولهم ويحفظهم ويقضي حوائجهم ويتبنّى مصالحهم عبيدًا لألدّ أعدائهم وأعداء أمّتهم: الكافر المستعمر في نسخته اليهوديّة الصّهيونيّة الماسونيّة، وذلك نظير رشوة وعمولة لا تسمن ولا تغني من جوع…فمقابل بعض الخدمات المتعلّقة بالتهيئة والتجهيز والصّيانة والبنية الأساسية والتغذية والصّحة، يقدّم هذا الكيان الذي يدّعي أنّه دولة ذات سيادة فلذات أكباد شعبه القُصّر وفاقدي السّند (أيتام ـ مجهولي النّسب ـ مُعاقين ـ فقراء معدمين…) لقمة سائغة للماكنة الماسونيّة تطحن إنسانيّتهم: حيث يخضع الرّضّع للتبنّي من طرف العائلات الأوروبية فتطمس أصولهم بالتنصير القسري، هذا إن لم يتحوّلوا إلى قطع غيار بشريّة في المشافي الأوروبية أو إلى بضاعة جنسية رخيصة في سوق البيدوفيليا والرقيق الأبيض والشذوذ الجنسي…أمّا الرّاشدون منهم فمصيرهم غسيل الأدمغة والمسخ وفقدان الهويّة والانتماء بحجّة (البرامج الثقافية والتنشيطيّة والترفيهيّة) ثمّ التوظيف كقفّاز محلّي لإحكام السيطرة على بلدهم وأمّتهم وثرواتهم ومقدّراتهم ومقدّساتهم (ومن لحيتو يفتلّو شكال)…فهل يوجد أبشع من هذا المصير المأساوي الذي ارتضاه السبسي وزبانيّته للطّفولة التونسية..؟؟
بسام فرحات