فرنسا النووية.. هي فرنسا الدموية

فرنسا النووية.. هي فرنسا الدموية

في 13/02/1960 وتحديدا على الساعة السابعة والربع صباحا بدأت فرنسا أولى عمليات التجارب النووية في الصحراء الجزائرية التي ستسمح لها بدخول نادي الدول الكبار على غرار أمريكا وروسيا وبريطانيا وبهذا تتخلص من عقدة الضعف التي تلازمها تجاه هذه الدول.

شارل ديغول… مصاص دماء

لقد كان شارل ديغول حريصا على تسريع وتيرة السير نحو انضمام بلاده إلى قائمة الدول النووية. وكانت الصعوبة الوحيدة التي تعترضه هي مكان التجربة فكان الاختيار على الجزائر, وهذا يكشف عن عقلية الغرب في التعامل مع الأمة الإسلامية فأرضنا هي الحديقة الخلفية للدول الرأسمالية ففيها الغذاء وفيها الدواء وهي أيضا ميدان للتجربة. ومن جهة أخرى فان شارل ديغول أراد معاقبة هؤلاء المسلمين الذين يريدون التحرر من براثن الاستعمار الغربي. ولا زال هذا الأمر مستمرا إلى الآن ففي البلاد التي قامت فيها ثورات الربيع العربي مثلا نرى شدة الغرب عليها وتمويله للثورة المضادة من أجل تركيع الناس وجعلهم يكرهون الثورة وجدها وأباها وكل ما يمت للثورة بصلة من قريب أو من بعيد, وأن يحصل لدى الناس الحنين إلى المستبدين وأن يكون شعارهم ” يأكل القوت ويستنا الموت” وما الضوء الأخضر الذي أعطي لبشار الأسد من أجل ضرب الثائرين بالكيماوي إلا دليل قوي على ذلك. وفي بلادنا وبدل أن يقدم شارل ديغول كقاتل وسفاح خطير يقدم كبطل تسمى الشوارع والمدارس ودور السينما باسمه. والدولة التي تحترم نفسها لا تسمح بأمور كهذه إلا أن تكون إلى الآن تحت أقدام الاستعمار الغربي. ومن هنا كانت التجارب النووية الفرنسية تحقق هدفين بضربة واحدة.

ألوان العلم الفرنسي.. ألوان من الدماء

أطلقت فرنسا يرابيعها (جرابيعها) تنخر في جسد النساء والأطفال المسلمين وقد كانت كل تجربة ترمز إلى لون من ألوان العلم الفرنسي. وحيث أن الكيان الإسرائيلي شارك في العملية الأولى والأزرق هو أحد ألوان علم هذا الكيان المسخ فان فرنسا الإرهابية اختارت اسم اليربوع الأزرق للتجربة الأولى إرضاء للطفل المدلل لدى النظام الدولي ( ولا غرابة في هذا ففرنسا هي التي زرعت السم الصهيوني في جسد الأمة الإسلامية من خلال التصويت لصالح أحقية اليهود في أرض فلسطين سنة 1947 من خلال رئيس جمهوريتها ليون بلوم ذي الأصول اليهودية).

ثم توالت التجارب فكان اليربوع الأبيض ثم ألأحمر ليصل مجموعها إلى حوالي 57 تجربة نووية كان أولها يفوق قنبلة هيروشيما ب 4 مرات ولكن لا أحد يتذكر هولوكوست المسلمين.

ومن هنا يحق لكل مسلم أن يتذكر اتحاد الشياطين الفرنسيين مع أبالسة الصهاينة كلما نظر إلى العلم الفرنسي وأن يتذكر أن مجد فرنسا النووي قام على قتل أكثر من 24000 ألف مسلم و150 سجين من المجاهدين المقاومين وضعوا قسرا كفئران تجارب على بعد حوالي 1 كم من مكان الانفجار “لهدف علمي”.

الأرض المحروقة لا تنتج إلا ألما

لا زالت إشعاعات الجريمة الفرنسية النووية تمثل خطرا على صحة الناس في الجزائر وأصبحت تلك الأرض لا تنتج إلا الأمراض. وفي أول إحصاء طبي جزائري لسنة 1990 على مستوى مناطق التفجير النووي في منطقة رقان وما جاورها تم تسجيل إصابات بأشكال عدة من الأمراض السرطانية في النخاع العظمي والجلد والدم والغدة الدرقية في مرحلة الطفولة وإجهاض عدد كبير من النساء وارتفاع نسبة الولادات المبكرة وارتفاع نسبة الوفيات عند الولادة وتساقط الشعر وزيادة في نسبة الصم والبكم والمتخلفين ذهنيا. كل ذلك لأن العلم في العقيدة العلمانية لا يقوم إلا على أشلاء الأبرياء. وخاصة المسلمين.

السيادة المزعومة شريك في القتل

تحصل الجزائر على الاستقلال المزعوم بموجب “اتفاقية ايفيان” 1960-1962 التي وقعت مع العدو الفرنسي وقد كان القادة السياسيون والحكام الوكلاء ينددون ويشجبون ويستنكرون بعد كل عملية إجرامية لصناعة” مجد الجمهورية الفرنسية” إلا أنهم لا يطردون المستعمر فما الذي يحدث.

الحقيقة هي أن اتفاقية ايفيان المشؤومة كانت تتضمن بنودا سرية تتيح لفرنسا إمكانية الاستمرار في استغلال المواقع النووية لفترات تتراوح بين خمس سنوات وعشرين سنة, وكان ذلك قربانا لتسلم الحكم لدى الدوائر الغربية والضمانات الأساسية التي يقدمها كل سياسي لبيان ولائه وطاعته ومن أجل قبوله في اللعبة الديمقراطية.

وللأسف فان الأمر مستمر الى اليوم, وهاهو رئيس الحكومة التونسية اليوم يعيد إلى الأذهان نفس الصورة حين يسافر إلى فرنسا المجرمة رفقة كتيبة من الوزراء و يوقع اتفاقيات جديدة بالرغم من أننا إلى اليوم لا نعلم ما كتب في وثيقة استقلالنا المفقودة أصلا. كما أن القواعد العسكرية الاستعمارية أصبحت مكشوفة كقاعدة العديد في قطر وقاعدة الخبر في السعودية وقاعدة أنجرليك التركية وغيرها.. وكل هذه الخناجر المسمومة يوقعها الحكام والسياسيون باسم الشعب.

وبدل القطع النهائي مع الاستعمار بقطع رأس الأفعى نهائيا من خلال قلع مستوطنات الغرب العسكرية (قواعد عسكرية وتنسيق استخباراتي وتدشين مراكز الأمن تحت إشراف سفيرة بريطانيا) والسياسية (دستور تحت تمويل الأمم المتحدة) والاقتصادية (الاستثمار الأجنبي) والفكرية وغيرها.. بدل كل ذلك يستميت السياسيون  وبأوامر المسؤول الكبير من أجل ترك الباب الخلفي مفتوحا على مصراعيه لاحتمال فرضية الهروب أو العودة لأرباب النظام الرأسمالي ورجالاته ومعاونيه. إن نصف استقلال أو نصف ثورة أو نصف سيادة هو بالتأكيد سير في الطريق الخطأ.

فرنسا لم تشبع حقدها من دمائنا

إن المماطلة من الجانب الرسمي الفرنسي في تقديم الخرائط التي تبين مواقع التجارب النووية من أجل مقاومة أثار عدوانها على بلاد الجزائر ليؤكد للجميع أنها ترغب في مزيد من القتل وكأنها تقول “فليمت المزيد من المسلمين بالإشعاعات النووية ولتبقى أرضهم بورا وخرابا”. كما أن فرنسا تستغل خيانة الحكام من أجل استعمال أجواء بلد المليون شهيد للمرور بطائراتها العسكرية وضرب المسلمين في مالي أي أنها لم تكتف بأبرياء الجزائر المقاومين للاستعمار بل إنها تواصل إجرامها بقطع كل نفس يمكن أن يشكل خطرا على مصالحها في بلاد المسلمين.

والأدهى أن الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان الفرنسي) أصدرت بتاريخ 23/02/2005 قانون رقم (2005/158) الذي يقضي في فقرته الرابعة بأن “تتضمن البرامج المدرسية وبالأخص في جانبها التاريخي الإشادة بالدور التاريخي الذي لعبه الحضور الفرنسي في ما وراء البحار وخاصة في الشمال الأفريقي. وتواصل في مأسسة الغي من خلال بعث مؤسسة “الذاكرة وحرب الجزائر والمغرب وتونس” بتاريخ 18/10/2010 التي تعمل على التغني بانجازات فرنسا القمعية.

الخلافة القادمة, محررة البشرية من اضطهاد الديمقراطية

إن سكوت حكام الجزائر عن الانتصار لدماء المسلمين واستمرارهم في التعاون الخياني مع العدو المستعمر ليؤكد أنهم من جنس الفكرة الغربية في الولاء والطاعة, كما أن هرولة رئيس الحكومة التونسية ومن سبقه إلى دول الاستعمار والتنسيق معهم لهو عار سيذكره التاريخ كما أن رضا المجتمع الدولي عن الطريقة التي دخلت بها فرنسا إلى ناديهم الذين يأتون فيه المنكر لهو خير شاهد على أن دار ندوتهم هي شكل مستحدث من دار الندوة في قريش التي ناصبت العداء للمشروع السياسي الجديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن هنا فلن تتخلص الأمة من عبئ الاستعمار إلا بإيجاد الخليفة الإمام “إنما الإمام جنة يتقى به ويقاتل من وراءه”.

محمد السحباني

CATEGORIES
TAGS
Share This