فشل الإستشارة الوطنية لإصلاح التعليم في بداياتها ونهاياتها

فشل الإستشارة الوطنية لإصلاح التعليم في بداياتها ونهاياتها

قُدّر عدد المشاركين في الإستشارة الوطنية لإصلاح منظومة التعليم إلى حدّ هذه الساعة ب 350.000 شخص فيما يُقدّر العدد الجملي للذين تشملهم الإستشارة ب6 ملايين تونسي.

لو قمنا بعملية بسيطة لتحديد النسبة المئوية للمشاركة فسنجدها وفقا لهذه الإحصائيات حوالي 0.6 % (350000/6000000 = 0.58 %)، نسبة متدنية جدا تعكس فضيحة من العيار الثقيل وخيبة أمل عند واضعيها.

إذا كانت نسبة المشاركة تقدر ب 0.6 % فهذا يعني أن نسبة الإعراض تقدر ب 99.4 %، وفي هذه النسبة رسالة واضحة اللهجة  صريحة البيان من أهل تونس أن لا ثقة لهم في من وضع الإستشارة ولا في مواضيعها ولا مخرجاتها ولا في صدق نواياها وأنها مجرد مسرحية سمجة للضحك على ذقون الناس وإيهامهم بسقوط الغيث النافع فيما المتساقط حجارة على الرؤوس وكوارث متزاحمة ومتلاحقة تُضاف إلى الكوارث السابقة.

ظهر للناس أن الغاية من هذه الإستشارة ليس إصلاحا وإنما استبلاها لهم وإشراكا لهم في جريمة تؤبد الفساد وتجعلهم طرفا فيه وذلك باستخدامهم مجرد أرقام وإحصائيات لمقررات كارثية تُفضي إلى ما لا يحمد عقباه، فكان الإعراض والعزوف.

صفعة قوية تلقتها الدوائر الرسمية المتباكية على إصلاح التعليم -زورا وبهتانا- وهي التي تسببت في خرابه ابتداء من حقبة ما يسمى بالإستقلال زمن بورقيبة مرورا بالمقبور بن علي وصولا إلى من خلف حارسا على نفس النظام، فالإصلاح كلمة رددوها كثيرا على مر كل هذه السنين العجاف دون أن تفضي إلى شيء ولا أدل على ذلك الوضع الكارثي الذي تعيشه المنظومة ككل. صفعة حملت رسالة لهؤلاء الحكم أن لا ثقة للناس فيهم ولا ينتظرون منهم لا حقا ولا خيرا.

وعي الناس ارتفع وفاق مكر الحكام وصار من الصعب على من امتهن الدجل السياسي ورفع شعارات الخداع والنفاق، أن يراوغ أهل البلد وأن يضللهم بشعارات وعناوين ظاهرها براقة وباطنها السم الزؤام، خصوصا حين تكون مشكاة الإصلاحات المزعومة من رحم النظام الرأسمالي العلماني الفاسد.

لكل ذلك كانت النسبة قريبة من الصفر رغم الحشد والإشهار والتعبئة لهذه الإستشارة ورغم النفقات الخيالية التي كان الشعب أولى بها، ومفاد هذا كله رسالة يُبرقها أهل تونس إلى المتربّعين على الشأن العام أنهم لا ينشدون إصلاحا من رحم الفساد العلماني وأن الإصلاح الحقيقي لا يكون إلا من خلال عقيدة الأمة ودينها أي أن تتخذ العقيدة مصدرا وأساسا لكل عملية إصلاح… وهذه الإصلاحات تقتضي بداية، إزالة وكنس أس البلاء والفساد الذي أثمر كل هذا النكد ألا وهو النظام الرأسمالي العلماني الديمقراطي، وإقامة ركيزة الإصلاح الحقيقي،الخلافة على منهاج النبوة…

وإلى حين تحقق هذا المنشود والمأمول والمتحقق قريبا بإذن الله، فالأمة بمجموعها مُطالبة بالعمل الجاد مع المخلصين الصادقين لتحقيق التغيير الجذري والحقيقي على أساس الإسلام.

أ, علي السعيدي

CATEGORIES
Share This