في خطابه يوم 13 أوت: السّبسي يتحدّى مشاعر المسلمين ويلتفّ على إرادتهم 2/2

في خطابه يوم 13 أوت: السّبسي يتحدّى مشاعر المسلمين ويلتفّ على إرادتهم 2/2

حدّث أبو ذرّ التونسي قال: لئن كان أتاتورك خليقًا بأن يقترف في حقّ الإسلام والمسلمين أكثر ممّا أجرم ـ فهو (يهودي على دينو) والشيء من مأتاه لا يُستغرب ـ وكذلك القذّافي، فهو (مرفوع عليه القلم) لا يُعتدّ بتخريجاته وتعليقاته بوصفها مجرّد (فولكلور) أقرب إلى النّكت السّمجة منها إلى المواقف السياسيّة، أمّا تصريحات السّبسي الأخيرة فلا يمكن إلاّ أن تُحمل على محمل الجدّ: صحيح أنّه بلغ من الكبر ما هو ـ في الغالب الأعمّ ـ مظنّة الخرف (والتّخضريط)، لكنّ سي الباجي (فخّار بكري) وخرّيج المدرسة البورقيبيّة في (الرّطابة وقلّة الدّهان)، فلم تزدهُ السِّنون إلاّ حكمة وخبرة في رهن البلاد والعباد والثّروات للكافر المستعمر، ناهيك وأنّ العجوز بريطانيا قد راهنت عليه مع شيخ (الطّريقة النّهضاويّة) في هذه المرحلة الدّقيقة الحرجة التي تمرّ بها تونس (والبل تمشي على كبارها)…فبعد أن تحرّش بشعبه المسلم و (ورّاه العين الحمرا) وأعمَل (قادومَهُ) في دينه ومعتقده ـ طعنًا واستهزاءً وإنكارًا وإعراضًا ـ عَساهُ يبهرُه ويُخيفه أو يُثبّط من عزيمته ويُثنيه عن موقفه المبدئي من مشروعه، إذا به دون مقدّمات يُهذّب منطقهُ ويتخلّى عن ثورجيّته الاستئصاليّة الرّعناء ويعتمد لغة أكثر ليونة واعتدالاً ومرونة، ثمّ يُخفّض من سقف مطالبه ـ في شبه سقوط حرّ ـ ويستبدلُ قادومه (بالمَمْلسة) ويخرج علينا بمبادرة مشبوهة مريبة لحفظ ماء وجهه حاول من خلالها سي الباجي إعادة تدوير مَشروعه الفاشل وضخّ دماء جديدة صُلبَهُ وتسويقه بشكل أكثر إغراءً وجاذبيّة معتمدًا أسلوب (الجزرة والعصا) في التفاف فضّ ووقح على إرادة الشّعب التونسي المسلم الأبيّ…

مبادرة مسمومة

فبعد أن أشهر (زلاّطهُ) في وجه الشعب التونسي وصفع كبريائهُ المالكيّة القيروانيّة الزّيتونيّة وحشَرهُ في شبه منطقة وُسطى بين الحثّ والإيعاز والإرغام، لوّح له سي الباجي بالجزرة وأغدق عليه من الدّسم ما يمكن له أن يُغلّف سمّ المشاريع الاستعماريّة الزعاف واسترضاه بمبادرة ظاهرها فيه الرّحمة وباطنها من قبله العذاب: فمع تصلّب موقف التّونسيّين وتمسّكهم بأحكام المواريث الإسلاميّةّ، أغراهم السّبسي برشوة فكريّة وحيلة شرعيّة تتمثّل في إمكانيّة التّخيير بين نظام المواريث الإسلامي ونظام المساواة في الميراث، وهي مبادرة سياسيّة استعماريّة مسمومة تقطر خُبثًا ودهاءً ومكرًا…ففي خطوة تعدّ قمّة في المكابرة والصّلف ورغم الرّفض الشعبي الكاسح والفشل الذّريع الذي مُني به، اعتبر سي الباجي تقرير لجنته سيّئة الذّكر والسّمعة (مادّة قيّمة للبحث والاجتهاد وفاتحة لحوار مجتمعي جادّ ومثمر)، وانبرى يروّج لجملة من المقترحات المنبثقة عنه مثل (مجلّة الحقوق والحرّيات الفرديّة)…ثمّ أعلن اعتزامه عرض مشروع قانون على البرلمان يتمثّل في إدراج المساواة في الميراث بين الجنسين صلب مجلّة الأحوال الشخصيّة مع ترك إمكانيّة اللّجوء إلى التشريع الإسلامي مفتوحةً لخيار المورّث إذا عبّر عن رغبته في ذلك حال حياته وقبل مماته…أمّا في حالة السّكوت وعدم الإفصاح عن تلك الرّغبة فيقع بصفة آليّة تطبيق مبدأ المساواة في الإرث باعتباره المبدأ الأصل في مادّة المواريث وليس الإسلام (هكذا بكلّ صفاقة)… بحيث أنّه من لم يسارع بأخذ احتياطاته ووافته المنيّة على حين غرّة تُقسّم تركته بين ورثته على غير ما نصّ عليه الشرع الإسلامي ويبوءُ هو وورثته بإثم ما اعتبره الرّسول صلّى الله عليه وسلّم (جوْرًا) وامتنع أن يشهد عليه…

أسلوب استعماري

وإحقاقًا للحقّ فإنّ مبدأ التخيير هذا ما هو إلاّ أسلوب استعماري مستهلك لجأ إليه الكافر المستعمر مع بداية غزوه للعالم الإسلامي مطلع القرن 19م، فكان أسلوبه المفضّل والنّاجع في استهداف الأحكام الشرعيّة وتسريب الأحكام الوضعيّة بنظام القطرة قطرة كلّما اصطدم بإرادة الأمّة الإسلاميّة في تشبّثها بشرع ربّها ورفضها ما دونه من أحكام الكفر ودساتيره وقوانينه…فمدفوعةً بمنطق الحلّ الوسط والتوفيق والتّلفيق والترضية سعت الدّول الاستعماريّة إلى تركيز مبدأ التعدّد القضائي في مستعمراتها ـ في البداية بتعلّة وجود جاليات غير إسلاميّة ـ فأبقت على المحاكم الشرعيّة تحت ضغط الأمّة وأقامت بشكل موازٍ لها المحاكم النّظاميّة والقضاء المدني ومجالس الأحبار فكانت كلّ ملّة تتحاكم إلى القضاء المتعلّق بها…ثمّ شيئًا فشيئًا بمرور الزّمن تركت الخيار للنّاس في التّحاكم إلى القضاء الذي يجدون فيه مصلحتهم بصرف النّظر عن أديانهم ومذاهبهم فكان ذلك بمثابة موطئ القدم لأحكام الكفر بين ظهراني المسلمين: فهذا التّوازي بين أكثر من منظومة قضائيّة وهذا الهامش من حريّة الاختيار بينها مع غياب الفهم الصّحيح للإسلام في صفائه ونقائه وكثرة الإغراءات الماديّة و البدنيّة لاسيما في المواطن التي يكون فيها الإسلام أكثر تشدُّدًا (الحدود) أو منحازًا إلى جنس دون الآخر (الطّلاق ـ المواريث …) أدّى كلّ هذا عمليًّا إلى استئناس المسلمين بأحكام الكفر واستمرائهم لها بحثًا عن مصلحتهم وانكسار الحاجز النّفسي الذي يحُول دون الأخذ بها… فالتّعايش المسموم بين الحقّ والباطل يؤدّي عمليًّا إلى تقويض الحقّ وشيوع الباطل، وفرنسا الاستعمارية كانت تعلم ذلك علم اليقين، لذلك كرّسته في مستعمراتها ـ ومنها تونس ـ وبعد مسرحيّة الاستقلال أوكلت أمر (توحيد القضاء) إلى صنيعتها بورقيبة فألغى مجالس الأحبار ذرًّا للرّماد على العيون، ثمّ ألغى المحاكم الشرعيّة ولم يُبق إلاّ القضاء المدني الاستعماري الغربي، وبذلك قُضي على آخر مظهر من مظاهر الحكم بما أنزل الله في تونس…

في ميزان الشّرع

قبل المضيّ قُدُمًا في استنطاق مبادرة السبسي المسمومة وقراءة ما بين سطورها من رهانات سياسيّة، نتولّى محاكمتها من زاوية العقيدة الإسلاميّة: فهل يجوز للمسلم أن يختار بين حكم الله وحكم البشر..؟؟ وهل نحن مُخيّرون شرعًا بين التّحاكم إلى الله أو التحاكم إلى الطّاغوت..؟؟ إنّ العقيدة الإسلاميّة تفرض علينا على سبيل الواجب أن نُحكّم في أفعالنا وأقوالنا وتقاريرنا الحكم الشّرعي، وأن نسيّر جميع تصرّفاتنا وخلجاتنا بحسبه: فقد نُهينا عن الأخذ من غير ما جاء به الرّسول نهيًا صريحًا، قال صلّى الله عليه وسلّم (من عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ) واعتُبر ذلك كُفرًا بواحًا صُراحًا، قال تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)…وفي المقابل أُمِرنا أن نتحاكم تحديدًا إلى ما جاء به الرّسول الكريم، قال تعالى (وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)، كما نُهينا أيضًا نهيًا صريحًا عن التّحاكم إلى غيره باعتباره تحاكمًا إلى الطّاغوت وضلالاً مصدره الشّيطان، قال تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يُضلّهم ضلالاً بعيدًا)…فالمسلم مخلوق ابتداءً لعبادة الله (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدوني)، وهو غير مخيّر في ذلك بل مُجبر عليه، قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم) لأنّ في التّخيير تفريطًا في بعض أحكام الله وتحاكُمًا إلى هوى الإنسان، وقد حذّر الله رسوله الكريم من مغبّة الوقوع في ذلك، قال تعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)…بل إنّ الاختيار والانتقاء لا يجوزان حتّى من داخل العقيدة الإسلاميّة نفسها  أي من بين الأحكام الشرعيّة دون اعتبار لقوّة الدّليل، لأنّنا عندها نكون قد حكّمنا الهوى والمصلحة ولم نحتكم إلى شرع الله: فمن تمام إيمان المرء الخضوع للمشيئة الإلاهيّة والرّضا والتسليم، قال تعالى (فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا)…

التفاف وقح

نصل الآن إلى فكّ شيفرة الرّسالة السياسيّة المضمّنة في تلافيف مبادرة السّبسي الأخيرة، ونوجزها باختصار: الالتفاف على إرادة التونسيّين وفرض تقرير لجنة الحرّيات الفرديّة والمساواة عليهم…أمّا تفصيل ذلك، فلقد استنكر الشعب التونسي بكلّ شرائحه وفئاته ما جاء في تقرير اللّجنة وردّه ردًّا قبيحًا ـ لا نستثني من ذلك حتّى الجالية اليهوديّة ـ وضجّ العالم الافتراضي بتعاليق السّخط والشّتم والتّكفير والازدراء، وفاضت شوارع المدن والقرى ومسالك المداشر والأرياف بالمتظاهرين المعبّرين عن رفضهم المساس بأحكام الله (يوم السّبت 11 أوت أكثر من 25 ألفًا في ميدان مجلس النوّاب بباردو)…هذا هو الشّعب التونسي المسلم الأبيّ وهذه هي إرادته المالكيّة الزّيتونيّة المستمدّة من إرادة الله تعالى: إلاّ أنّ سي الباجي الذي يتشدّق بالدّيمقراطيّة ورأي الأغلبيّة أبى إلاّ أن يُمضي إرادة الاستعمار ويلتفّ على إرادة أحفاد عقبة بن نافع والعبادلة السّبع…فمبادرة المساواة في الميراث تختزل مشروع تقرير اللّجنة، فهي بيت قصيده وبيضة قُبّانه وأبرز بند من بنوده، وهي هاجس الكافر المستعمر ومن ورائه حكّام تونس العملاء منذ مسرحيّة الاستقلال: فقد مات بورقيبة وفي قلبه حسرة أنّه لم يجد ولو شبه دليل شرعي يكرّس به المساواة في الميراث، وقد احتال المشرّع التونسي طيلة الحقبتين البورقيبيّة والتّجمّعية على أحكام المواريث عبر بوّابة الوصيّة الواجبة دون أن يتجرّأ على نقضها…وما إن اندلعت ثورة 14 جانفي 2011 حتّى طفت مسألة المساواة في الميراث من جديد في وسائل الإعلام وكواليس المجلس التّأسيسي وقصر قرطاج، إلى أن أذن سي الباجي ببعث لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة التي حاولت في تقريرها أن تمرّر مسألة المساواة في الميراث بمنتهى الخبث والدّهاء والمكر…فقد ساقتها في زخم جملة من البنود المغرقة في الصّفاقة والتّطاول على الله ورسوله (المثليّة ـ زواج المسلمة من كافر…) وهي في جملتها بنود إمّا مكرّسة عمليًّا على أرض الواقع (إلغاء عقوبة الإعدام ـ عدم تجريم المثلية الجنسيّة ـ نسبة ابن الزّنا إلى الأب وتوريثه…) أو شكليّة لا يمكن تطبيقها أو ضبطها بقانون دقيق (إلغاء العدّة ـ إلغاء المهرـ إلغاء قوامة الرّجل…) بخلاف المساواة في الميراث التي لا تتكرّس على مستوى التّطبيق والممارسة إلاّ بقانون مدستر ساري المفعول…لذلك وإزاء الاستنكار الشعبي المنتظر لتقرير اللّجنة، يقع التضحية ببقيّة البنود باعتبارها كبش فداء دون المساس ببند المساواة المقصود، فتكون السلطة بذلك في موقف المتنازل والمستجيب لإرادة الشارع المسلم، وتكون الكرة في شباك الشعب الكريم لاسيّما وقد نصّت المبادرة على التّخيير بين المنظومتين…

حوار مفتوح

بقي هناك سؤال أخير: ما العمل إزاء قطعيّة نصوص المواريث وكيف سنُلبس هذه المساواة المفتعلة المسقطة جبّة الإسلام..؟؟ وقد تولّى مركز دراسات الإسلام والدّيمقراطيّة الإجابة عن هذا التّساؤل في حوار مفتوح عقده يوم الخميس الفارط بنزل المشتل شارك فيه ـ تدخُّلاً وإثراءً ونقاشًا وطرحًا ـ ثلّة من الوجوه الثّقافيّة (محمّد الشتيوي ـ صلاح الدّين الجورشي ـ احميدة النّيفر ـ محمّد قوماني ـ ناجي الحجلاوي) وقد تناولوا من خلاله مسألة الاجتهاد في موضوع الميراث…ورغم كونهم يشتركون في اختصاصات واهتمامات وانتماءات إسلاميّة إلاّ أنّ مقارباتهم كانت مُغرقة في الطّرح اليساري الماركسي المنسوب إلى المدرسة الفرنسيّة، باستثناء الدّكتور محمّد الشتيوي الذي بدا يغرّد خارج السّرب وإن شاطر المجموعة في تبنّي مبادرة السّبسي…وفي الواقع فإنّ هذا الحوار يتنزّل عمليًّا في إطار تلافي أخطاء النّسخة القديمة لمشروع لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة وضخّ دماء جديدة صُلبَه وإعادة تسويقه تحت يافطة مبادرة السبسي للمساواة في الميراث…فمن ضمن التوصيات المقدّمة نذكر (إثراء تركيبة اللّجنة المحسوبة على طيف سياسي معاد للإسلام ـ إشراك الإسلاميّين في تركيبة اللّجنة ومراكز القرار فيها ـ إيجاد الغطاء الاجتهادي المقاصدي لمقترحاتها بعيدًا عن الاستفزاز المجاني لمشاعر المسلمين ـ مزيد العمل مع القواعد الشعبيّة حتى لا يكون المشروع مُسقطًا منبتًّا عن الشارع)…من هذا المنطلق أخذ هذا الحوار المفتوح على عاتقه وضع مقاربة لتطوير أو تغيير أحكام الميراث ومنظومة الوصيّة عبر آليّة الاجتهاد…ولمّا اصطدم بقطعيّة نصوص الميراث وبالقاعدة الفقهيّة التي تنصّ على أنّه (لا اجتهاد مع نصّ)، فقد انخرط المتدخّلون في مسار محموم من الضّبابيّة والميوعة طالت مصطلحات من قبيل (الاجتهاد ـ التّأويل ـ التفسير ـ القطعي ـ الظنّي ـ التّعصيب ـ الكلالة ـ النصّ ـ الواقع ـ الجامد ـ المتحرّك…) وذلك لإيجاد مداخل للاجتهاد في نصوص الميراث وقد توصّلوا إلى استنتاجات ما أنزل الله بها من سلطان مثل (التشريع وليد عصره ـ يجب الملائمة بين النصّ الدّيني الجامد والواقع المتحرّك ـ قطعيّة النّصوص مقاربة وليست حقيقة غير قابلة للنّقاش ـ التقسيم قطعي/ ظنّي فعل بشري ـ ليس هناك قطعي في القرآن ـ التعصيب والكلالة من وضع الفقهاء ـ المعنى الحقيقي للقرآن لا يعلمه إلاّ الله ـ اجتهد الفقهاء في العديد من الأحكام القطعيّة ـ يحقّ لأعضاء البرلمان اليوم أن يجتهدوا ـ الشرع لم يحدّد الوصيّة كمًّا وأصحابًا ـ عمر خالف الرّسول في تقسيم الأراضي وأضاف في العبادات)…وما إلى ذلك من الافتراءات التي يضيق الحيّز الصّحفي عن تعدادها فضلاً عن الرّد عليها وفي كلّ هذا ما فيه من خدمة ثمينة لمبادرة السبسي ولمشروع اللجنة…

بسّام فرحات

CATEGORIES
TAGS
Share This