في ذكرى الهجرة.. الرسول صلى الله عليه وسلم والأنصار.. إلتحام المشروع السياسي بحاملي السلاح والعسكريين

في ذكرى الهجرة.. الرسول صلى الله عليه وسلم والأنصار.. إلتحام المشروع السياسي بحاملي السلاح والعسكريين

موقف النبي صلى الله عليه وسلم

في بداية عام هجري جديد لا بد من التذكير بأثر القيادة السياسية النبوية في صَهر الأنصار بالمبدأ الإسلامي ومن ثمة قبولهم بأن تكون بلادهم حاضنة الدولة الإسلامية الأولى.

وقد كان هذا النجاح الكبير نتيجة التزام النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم بطريقة التغيير السياسية وقد عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم العديد من المقترحات الخبيثة, منها المشاركة في الحياة السياسية الملغومة أصلا والتداول السلمي على السلطة, هذه السلطة التي لا تقيم لها القوى الدولية العظمى كفارس والروم أي وزن على شرط الاعتراف الضمني بآلهتهم التي صنعوها من بنات أفكارهم وطرائق مفكريهم وذوي الرأي منهم, ولكن في تلك اللحظة تقدم النبي خطوة إلى الأمام في اتجاه تصعيد حدة الكفاح السياسي وأعلن المفاصلة والمفارقة استنادا إلى الوحي الذي نزل بسورة “قل يا أيها الكافرون” وفيه وعي شديد على طبيعة المعركة السياسية آنذاك فكيف يتأتى لنبي يدعو البشرية جمعاء إلى عملية تغييرية جديدة أن يقبل المفاوضة تحت قبة مبدأ لا يؤمن بأحقية الخالق في سياسة من خلق اعتقادا وتشريعا, وكيف سيكون هذا التغيير والوسط السياسي والقوانين الجاهلية والالتزامات الدولية بين قريش ومحيطها الإقليمي والدولي لا تنبثق عن العقيدة السوية, وهذا الموقف المبدئي زاد من حدة ضربات الملأ القائمين على الأسلاك الشائكة التي تحول دون تحرر الإنسان من ثقل العقائد الوضعية وما ينبثق عنها من نظم.. وقد كانت ضربات موجعة بالفعل من عزل إعلامي وتكثيف نشاط الشعراء المأجورين (إعلاميو ذاك الزمان) الذين استماتوا من أجل الدفاع عن وضعية مأزومة لا يرضاها العقل السليم ولا اللغة في سليقتها. وكانت ضربات من جهة أخرى كالحصار المادي وقطع الأرزاق. بل تعدت هذه الضربات إلى حد التفكير في الاغتيال السياسي للقيادة النبوية التي أصبحت تهدد النظام في كيانه وأفكاره ومنظومته برمتها. وليس النظام الداخلي فقط وإنما تهديد أباطرة الموقف الدولي وهو ما جعل هرقل عظيم الروم يستقدم أبا سفيان ليحقق معه حول تعاظم انتشار المشروع السياسي الجديد للرسول صلى الله عليه وسلم.

موقف الأنصار

كان المشروع السياسي الجديد في بعده العقائدي والتنظيمي يطرح نفسه بقوة على حاملي السلاح والعسكريين من أهل المدينة فما كان منهم إلا أن يحملوه قلبا وقالبا وذلك لأنهم أكثر المجتمع إدراكا لما يحصل في الدوائر الضيقة ويعلمون حقا دور الدسائس والمؤامرات التي تجعل بلادهم في وضعية توتر مستمر لا ينتهي وكان أنصار الدولة الجديدة يعلمون جيدا تبعات انحيازهم إلى مشروع النبي صلى الله عليه وسلم في محيطهم العربي القريب أو محيطهم الدولي البعيد, فالموت يحيطهم من كل جانب وأسلحة العدو تنتظر لحظة الصفر لتنقض عليهم ومع ذلك اتخذوا قرارا سياسيا تاريخيا بأن يحموا هذا المشروع بأموالهم ودمائهم وهو موقف سليم بالتأكيد, فالموت الذين يخافون منه آت لا محالة بل هم يقتلون أنفسهم بأيديهم وأيدي القوى الخارجية, إذا فليكن كذلك “الموت ولا المذلة”.

وفي بلادنا يعلم هؤلاء ما يحصل من مصائب في دوائر القرار السياسي وكيف يرتع المستعمر بلا رقيب ولا حسيب يضرب بالسيادة عرض الحائط كما يعلم هؤلاء أحقية المشروع السياسي, الخلافة في بلاد المسلمين وما يترتب عن عدم نصرته من إثم كبير وآثار كارثية في الاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام و في جميع الأمكنة والأزمنة.. فماذا ينتظرون؟؟؟

محمد السحباني

CATEGORIES
TAGS
Share This