طالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مؤتمر وارسو اليوم الخميس بالتقريب بين دول الشرق الأوسط والابتعاد عن “التفكير التقليدي” الذي يعزل “إسرائيل”، واتهم إيران قبل المؤتمر بتهديد استقرار المنطقة وتنفيذ اغتيالات في أوروبا، وستناقش في المؤتمر اليوم “صفقة القرن” وأزمتا سوريا واليمن. وأضاف بومبيو “هناك مصالح مشتركة بين السعوديين والإماراتيين والبحرينيين والأردنيين والإسرائيليين، والجميع يدرك أن بلاده في خطر من إيران، وقد سمع الأوروبيون الليلة أن بلادهم في خطر أيضا”.
فيما اعتبر نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس” أن حقبة جديدة من العلاقات قد بدأت بين “إسرائيل” والبحرين والسعودية والإمارات. حيث قال “بنس” في كلمته في مؤتمر وارسو “..إننا قد بدأنا حقبة جديدة .. فنتنياهو وقادة كل من البحرين والسعودية والإمارات يتقاسمون الخبز معاً..”.
وللتعليق على ذلك نورد الأمور التالية:
1. منذ تولي إدارة ترامب لمقاليد الحكم وهي تمهد لإنشاء تحالفات بين الأنظمة في البلدان العربية وكيان يهود بدعوى التصدي للخطر الإيراني المزعوم. وفي سبيل ذلك عكفت على إعداد مشروعها المسمى بصفقة القرن لتصفية قضية فلسطين ولتزيل العائق أمام هذه التحالفات، باعتبار قضية فلسطين تسبب الحرج لأنظمة المنطقة في ظل احتلال كيان يهود لفلسطين وتدنيسه الأقصى واعتدائه على البشر والحجر والشجر والمقدسات. فمؤتمر وارسو هذا هو خطوة في تشييد هذه التحالفات.
2. إن أمريكا يهمها مصالحها ويهمها أمن كيان يهود، وهي لم تكترث يوماً بمعاناة الناس بل هي السبب الرئيس فيما يحل بالمنطقة من كوارث، بدءاً من فلسطين ومرورا بالشام والعراق واليمن ومصر وليبيا وغيرها. لذا فدعاوى قادتها حول الأمن والسلام محض هراء واستخفاف بعقول ودماء أهل المنطقة الذي يكتوون بنيرانها الاستعمارية الوحشية.
3. إن هذا المؤتمر قد أسقط ورقة التوت الأخيرة عن سوءة الحكام الذين يهرولون تلبية لأوامر سيدتهم أمريكا، كما كشفت لقاءات التطبيع المخزية عن عمق العلاقة بين هذه الأنظمة وكيان يهود وأنها ليست وليدة اللحظة بل دفينة السنين والأيام.
4. إن الخطر الإيراني المزعوم هو خطر مصطنع، فهو “شماعة” لتمرير المخططات الأمريكية، وإلا فالنظام الإيراني الراهن لم يمثل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية يوماً، بل كان عاملاً هاماً في ترسيخ النفوذ الأمريكي في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن وغيرها.
5. إن هؤلاء الحكام العملاء، من حضر منهم مؤتمر وارسو ومن تغيب أو لم يُدع، ليسوا أهلا للوقوف في وجه مخططات أمريكا الشريرة، فهم عبيد لها، ومعارضة بعضهم لمشاريعها إما معارضة شكلية وفق الدور الموكل له، وإما تبعية لدول استعمارية أخرى، وهي معارضة سرعان ما تذوب أمام التهديدات والمصالح. لذا فليس لدى الأمة من خيار سوى أن تتحرك بطاقاتها فتتصدى للمشاريع الاستعمارية، وتوقف الحكام العملاء عند حدودهم وتستعيد سلطانها وتقيم الخلافة التي تقتلع النفوذ الاستعماري من بلاد المسلمين، فالخطر محدق وما تعده أمريكا للمنطقة هو الدمار والحروب.