كذبة السلام، لتأجيل المواجهة الحتمية مع حضارة الإسلام
استيقظت الأمة الاسلامية على خيانة جديدة تضاف إلى سجل حكام الضرار نواطير الاستعمار لتعلن أبو ظبي والمنامة تطبيع العلاقات مع الكيان الغاصب لأرض الإسراء والمعراج متممة بذلك ما بدأه أسلافهم من أكذوبة حرب الـ 48 التي أسست كيان يهود مرورا إلى ما سمي بنكسة الـ67 بقيادة العميل عبد الناصر والتي أريد منها فرض واقع وجود هذا الكيان وإيهام الأمة وخاصة الجيوش منها باستحالة هزمه وصولا إلى كامب ديفد بوابة التطبيع وإلى أوسلو التي أضفت الشرعية الدولية لمغتصبي المسجد الاقصى وقد نحتاج الى مجلدات لسرد خيانات من نصبهم أعداء الأمة حكاما لأمة محمد صلى الله عليه وسلم سواء أكانوا من محور الشر المفضوح بقيادة أبو ظبي والرياض أو من محور الشر المقنع المتخفي تحت جلباب الثورة والمشروع الاسلامي الديمقراطي بقيادة الدوحة وإسطنبول، والمشترك بينهم هو العمل لإنهاء ما اصطلح عليه بالصراع “العربي-الإسرائيلي” وهنا بيت القصيد، تضليل الأمة والحيلولة دون تطبيق أحكام الإسلام في هذه القضية تحريك الجيوش لتحرير الأقصى الأسير.
إن المتابع لمختلف القضايا العالمية خاصة في البلاد الاسلامية يلاحظ تسارعا غير مسبوق لمحاولة اغلاق ملفات مختلف الصراعات فيرى حركة طالبان قد قبلت التفاوض مع الحكومة الأفغانية والمشاركة في الحياة السياسية ثم يسمع عن حل سياسي في كل من سوريا وليبيا يطبع مع رموز النظام السابق ويشاهد توقيع سلام بين شمال السودان وجنوبها أما في لبنان فالطريق واحد نزع سلاح حزب الله وتأسيس نظام سياسي جديد لا يقوم على الطائفية والعنوان في كل هذه الاحداث واحد “السلام العالمي” و”نهاية الأيديولوجيات” أو “حوار الحضارات”.
فهل يمكن للعالم فعلا ان يعيش دون ايديولوجيات أو ان يتحقق سلام في ظل هيمنة غربية تقتل الشعوب وتستنزف خيراتها وفي ظل وجود كيان يهود؟
في عام 1989 نشرت مجلة “ناشيونال إنترست” مقالاً بعنوان نهاية التاريخ للسياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما وأطروحته الأساسية أن الديمقراطية الليبرالية بقيمها عن الحرية الفردية والمساواة والسيادة الشعبية ومبادئ الليبرالية الاقتصادية، تشكل مرحلة نهاية التطور الأيديولوجي للإنسان وبالتالي عولمة الديمقراطية الليبرالية كصيغة نهائية للحكومة البشرية.
وفي رد مباشر على هذه الاطروحة سنة 1993، أثار السياسي الأمريكي صاموئيل هنتغتون جدلا كبيرا في أوساط منظري السياسة الدولية بكتابة مقالة بعنوان صراع الحضارات في مجلة فورين آفيرز معتبرا أن أطروحة فوكوياما هي نظرة قاصرة مؤكدا أن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون بين الدول القومية واختلافاتها السياسية والاقتصادية بل ستكون الاختلافات الثقافية المحرك الرئيسي للنزاعات بين البشر في السنين القادمة ليتحول النزاع القادم من صراع بين الرأسمالية والشيوعية إلى صراع بين الحضارات محتملة والرأسمالية ومن بين هذه الحضارات التي ركز عليها هنتغتون الحضارة الإسلامية والتي تجمع كل الدول ذات الأغلبية المسلمة وقد قال في كتابه “صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي”:
إن صراعات المسلمين مع جيرانهم ومنافسيهم شكلت خطرا مقيما على الغرب، وليس صحيحا أن الإسلام لا يشكل خطرا على الغرب وإن الإسلاميين فقط هم الخطر ذلك أن تاريخ الإسلام خلال أربعة عشر قرنا يؤكد أنه خطر على أية حضارة واجهها، ولاسيما المسيحية” مقترحا على الغرب أن يقوي جبهته الداخلية بزيادة التحالف والتعاون بين الولايات المتحدةوالاتحاد الأوروبي و بالتالي ولئن تناقض الكاتبان شكلا فالمضمون واحد ايجاد الحلول لفرض هيمنة الديمقراطية الليبرالية على العالم وربما يكون الوازع الوحيد لتغيير الأطروحة احتلال العراق سنة 1991 وما لاقاه الجيش الأمريكي من صد ورفض وقتال بعد أن كان يمن النفس باشتمام رائحة الورود التي سيلقيها له الشعب العراقي المسلم وهو يستقبل دبابات الديمقراطية الليبرالية معلنا نهاية التاريخ على رأي فوكوياما.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أصبح الإسلام هو العدو رقم واحد في المواجهة مع الغرب إذ حل الإسلام محل الخطر الشيوعي. ففي تحليل استراتيجي يتناول “السياسة الواقعية في العالم الجديد” نشرت مجلة “أنترناسيوتال أفار” في عددها الصادر بتاريخ 3 جويلية 1991 التي حاول كاتبها استشفاف القوى التي يواجهها الغرب في القرن الحادي والعشرين بعد انهيار الشيوعية، فيقول: “… والتصادم بين الهويات الحضارية أوضح ما يكون بين الغرب والإسلام. وهذا الأمر يتصل جزئيا بالتعارض بين القيم العلمانية والدينية، وجزئيا بالتنافس التاريخي بين المسيحية والإسلام” ثم يضيف “وفي حالة الإسلام يضاعف هذا الخطر الجوار الجغرافي والعداء التاريخي وكذلك الدور السياسي الصريح الذي يلعبه الإسلام في حياة أتباعه. ثم ينتهي إلى القول: ” لكل هذه الأسباب وغيرها ربما يوجد رأي واسع الانتشار في الغرب، ليس على استعداد فحسب لتأييد حرب باردة اجتماعية على الإسلام، بل والأخذ بسياسات تشجيع على ذلك، “أما القائد الأعلى السابق للناتو “جون كالفان” فقد أشار إلى الخطر القادم من الجنوب في صورة الإسلام. ففي محاضرة ألقاها عام 1991 قال فيها: “..بعد أن أنهى الغرب الحرب الباردة، ها هو الصراع يعود بالنسبة له إلى محوره الرئيسي، ألا وهو المجابهة مع الإسلام “.كذلك “ماكسيم رودسنون” المفكر الفرنسي البارز، يرى أن ” المسيحية الغربية قد رأت في العالم الإسلامي خطرا يهددها قبل أن يبدأ النظر إليه كمشكلة حقيقية بزمن طويل.
وهنا يتجلى واضحا حتمية صراع الحضارات وضرورة إيجاد الأحزاب العاملة على التغيير وتأسيس الدول المبدئية على أساس الأفكار (العقيدة) القادرة على خوض هذا الصراع والانتصار فيه بإقامة دولة الخلافة ابتداء ومن ثم تصديه لمكر الغرب وتجرئه على أمة الإسلام وتحرير أراضي المسلمين ونشر الإسلام في العالم رحمة للعالمين.
في ظل إفلاس الحضارة الرأسمالية وعدم قدرتها على الصراع الفكري أمام قوة الفكرة الإسلامية وطريقتها في حل مشاكل الإنسانية جمعاء ناهيك عن فشلها العسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في كل من أفغانستان والعراق سعى الغرب إلى محاولة خبيثة تحول دون بروز الحضارة الإسلامية وأفكارها الصافية النقية تحت مسمى “حوار الأديان” أو “حوار الحضارات”.
مفهوم الحوار بين الحضارات
الحضارة هي مجموع المفاهيم عن الحياة التي انبثقت عن عقيدة وهي الفكرة الكلية عن الكون والإنسان والحياة، فالحضارة الإسلامية أسست على تقوى الله ورضوانه فهو الخالق الحاكم الذي انزل الينا افضل شرائعه لتنظم علاقاتنا ومجتمعاتنا على ضديد الحضارة الرأسمالية التي أسست على شفا جرف هار تفصل فيه الدين عن الحياة ليصبح الإنسان مشرعا مكان الخالق وعندما نقول الصراع أو الحوار بين الحضارات نعني المسلمين وحضارتهم من جهة والنصارى والرأسماليين من جهة أخرى ويركز الغرب في التعريف بحوار الحضارات أو حوار الأديان على ثلاث أمور أساسية.
-
المساواة بين الأديان والحضارات دون استعلاء او تفضيل دين على آخر فمن شهد بالحق ان لا الاه الا الله الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد عليه أن يساوى هذه الوحدانية مع من ادعى لله ولدا، مع أن الله يسبحانه يقول: “تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا”. سورة مريم-90.
-
انحصار الحوار حول معرفة ما عند الغير دون التعرض لنقضه او ابطاله فالغرب يعلم علم اليقين أن الإسلام هو الحق الذي يقذف به حضارتهم الباطلة فيدمغها فإذا هي زاهقة.
-
الوصول الى بديل حضاري (لا يخرج عن عقيدة فصل الدين عن الحياة: الديمقراطية) عن طريق الوصول الى قواسم مشتركة بين الدينين والحضارتين “الاسلام الديمقراطي”