كلمة الافتتاح: مؤتمر الخلافة السنوي: نهاية الديمقراطية …ليس لكم والله إلا الإسلام والخلافة

كلمة الافتتاح: مؤتمر الخلافة السنوي: نهاية الديمقراطية …ليس لكم والله إلا الإسلام والخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

ضيوفنا الأفاضل أيها الجمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:

﴿أَفَغَيرَ ٱللَّهِ أَبتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَينَٰهُمُ ٱلكِتَٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٞ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ (114) وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡهُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ (116) ﴾ــ المائدة ــ

استجابة لله ورسوله

نعقد مؤتمرنا هذا، مؤتمر الخلافة السنوي في دورته هذه في ظرف استثنائي فرضته الأوضاع الصحية العالمية الناتجة عن جائحة كورنا، بتأخر عن موعده المعتاد بحوالي ستة أشهر. وكان من فضل الله ومنه علينا أن اقترن سعينا لإقامة هذا المؤتمر، بذكرى كريمة وحدث عظيم، ذكرى الهجرة الميمونة لسيد الأولين والآخرين محمّد نبيّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

هذه الهجرة التي مثلت أعظم حدث في تاريخ البشرية، حيث أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الأكرم صلّى الله عليه وسلّم أن يهاجر من مكّة إلى المدينة ليتسلّم موقع رئاسة الدولة،الدّولة التي ستطبّق أحكام الوحي النّازلة، وهي الدّولة التي ستحمل نور ربّ العالمين وهديه إلى العالمين لإنقاذهم من جور الأديان، هكذا كانت الدّولة الإسلاميّة الطّريقة الوحيدة التي أوجبها الله على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وعلى المسلمين من بعده لتكون كلمة الله هي العليا في كلّ الدّنيا،ففي السنة السادسة للهجرة أرسل صلى الله عليه وسلم كتبه إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام والخضوع لسلطان الإسلام، فرسم بذلك خط سير البشرية الذي عليها أن تسلكه بقيادة المسلمين، ثمّ ترك إتمام هذا الفرض العظيم للمسلمين من بعده، فرض إعلاء كلمة الله وحمل الأمانة، حتى تتم نعمة الله على الإنسانية قاطبة.

فسار الخلفاء الرّاشدون على نهجه لا يحيدون عنه فانتشر الإسلام وعمّ حتّى وصل إلى الشمال الافريقي غربا،… ثمّ سار الخلفاء من بعدهم، (ورغم إساءات كثيرة) وخلف من بعدهم خلف ضيّعوا الأمانة، فتمكّن الكفار المستعمرون من إسقاط الدولة…

وفي الوقت الذي تحيي الأمةحدث الهجرة المنير متطلعة إلى فجر جديد (بعد قرن من التيه والضياع)، فجر قرب استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة العز والمجد، تمعن الأنظمة الهزيلة العليلة التي سلّطها الكافر المستعمر على رقاب المسلمينفي محاولة فرض الاستسلام على الأمة، والركون تحت سطوة الرأسمالية المجرمة، مستهدفة أهم وأعظم مكونات الأمة ومفاهيمها وقضاياها:

           –  فها هم (عيال زايد) خدّام الإنجليز في الإمارات العربية يعلنون التطبيع مع كيان يهود، بهاتف جاءهم من وراء البحار، وتابعهم في ذلك كلّ العملاء (بمن فيهم حكام تونس) فمنهم من بارك هذه الخيانة، ومنهم من توارى خلف صمت مخز، ينتظر أمر الأسيادللالتحاق بطابور الخيانة العلني، تحت لعنات الأمة وسخطها عليهم.

نعم لقد وصلنا إلى نقطة الفصل حيث الانفصال التّامّ بين المسلمين الذين يريدون التحرّر، وبين أشباه حكّام رويبضات لا يحسنون إلا خدمة الكفار المستعمرين. ولا يعرفون “السياسة” إلا تبعيّة مهينة مذلّة.

نعم المعركة اليوم معركة فاصلة بين أمّة الإسلام التي تريد أن تتوحّد وبين الكفّار الذين أسقطوا دولتها ويعملون بالليل والنّهار لتبقى ممزّقة مفرّقة…

   –  يصر هؤلاء الرويبضات على اتباع سنن من كفروا بالله حذو القذة بالقذة، فأعرضوا عن الإسلام إعراضا بل حاربوه وحاربوا حملة الدّعوة إلى الخلافة، ورفضوا الولاء لله ورسوله، وبدل ذلك قدّموا كلّ ولاء لدول الاستعمار، فلا تراهم إلا مهرولين على أعتاب الدّول الغربيّة يتمسّحون ويتزلفون. وهم بذلك يجرّون الشعوب الإسلاميّة جرّا إلى جحيم العيش تحت ذل الهيمنة الغربية وجحيم نمط عيشهم. ورغم كلّ المآسي التي جرّتهاالديمقراطيّات على الإنسانية، ورغم تبرّمالشعوب الغربيّةمنها، (يوما صارت تعمل جادة للتخلص منها والخروج من تحت نيرها. فهذه الجماهير الفرنسية الغاضبة تصرخ في وجه جلاديها منادية: “نريد المساواة، نريد أن نعيش، لا أن نحيا بالكاد”) ورغم ما نشاهده من فظاعة النظم الديمقراطية التي لا ترعوي من أن تتاجر بصحة الإنسان، حتى غدا نظام تأمينها الصحي، وشركاته، وشركات الأدوية، وأبحاثها، باب استغلال للأطباء والمرضى، وأصبح المريض مصدر دخل أساسي لهذه الشركات. ورغم ما تشهده البشرية اليوم من فشل إدارة الديمقراطيّات لأزمة كورونا العالمية

رغم كلّ ذلك ما زلنا نرى ونسمع في بلادنا من ينادي بالدّيمقراطيّة ويزعم أنّها المنقذ ويحارب الإسلام دين ربّ العالمين.

ضيوفنا الأفاضل أيها الجمع الكريم:

إننا نعقد مؤتمرنا هذا وقد بلغ الوضع السياسي في بلدنا حدا من العبث لا يليق بالكرام وقد مرت علينا عشر سنوات عجاففإلى متى السكوت، والوسط السياسي ينقلنا من سيئ إلى أسوأ، بخضوعالسياسيين  للقوى الاستعمارية التي تحكمتبمسار الثورة فوجهت بوصلتها بما يضمن تحكمها في مصائرنا وإحكام قبضتها على مقدراتنا. وجعلت كامل الوسط السياسي حوزة صراع على مناصب العمالة والخيانة، والتنافس حول من الأقدر على تنفيذ ما تمليه القوى الكبرى ومنظماتها. فانحصر صراعهم في كل ما هو شكلي حتى غدا الفعل السياسي عندهم: مجرّد مهاترات ومناكفات لا تكاد تنتهي، عن شكل الحكم ونظامه وعن الدستور وتعديله. بينما تشرع القوانين التي تثبت يد العدو على ثرواتنا وتمكنه من شد القيود حول رقابنا وتسن، في زحمة تهارش ساسةكل منهم يعرض نفسه للإيجار اليومي. فانسد الأفق أمام عموم الناس وضاعت مصالحهم، وتاه الشباب حتى لم يعد يرهبهم الموت حرقا أوغرقا.

ضيوفنا الأفاضل أيها الجمع الكريم:

لقد عمّ حديث الأزمة البلاد فالجميع يتحدّث عن الأزمة وكلّهم يدعو إلى الخروج منها.

واللّافت للانتباه أنّ الفئة الحاكمة رفضت الإسلام رفضا رفضت حتّى مجرّد النّظر في بعض الحلول التي يُقدّمها. هذه الفئة قدّمت العهود والمواثيق لأسيادها الغربيين أن لا يكون في بلاد الإسلام ذكر للإسلام في السياسة والحكم والاقتصاد. رغم عجز النّظام الرأسمالي عن إنقاذ نفسه. فظلا عن أن ينقذ الأتباع والعملاء.

أليس غريبا عجيبا أن يُبعد الإسلام في بلاد المسلمين؟؟

لماذا تصرّ الفئة الحاكمة على الدّيمقراطيّة رغم فضيحتها؟ لماذا تصرّ الفئة الحاكمة على التبعيّة رغم أنّها أحد أهمّ أسباب الأزمة؟ لماذا تصرّ الفئة الحاكمة على الوقوف مع الغرب رغم ظهور عداوته للشعوب الإسلاميّة؟

المسلمون قاموا اليوم ثائرين على النّظام الذي ركّزه الغرب، ولكنّ الحكّام يقفون ضدّ أمّتهم

في صراعها مع أعدائها. فهمّشوا القضيّة المصيريّة (التحرّر من المستعمر واستئناف الحياة الإسلامية) وجعلوها قضيّة رغيف خبز (سمّوه العيش الكريم)، وكأنّ أمّة الإسلام العظيم أمّة من الجياع تطلب من يطعمها؟؟

أيّها الحضور الكرام أيّها المسلمون في كلّ مكان

نعقد مؤتمرنا اليوم تذكيرا لكم بمهمّتكم

وتبشيرا لكم بأنّ الله ناصركم وهو معكم ولن يتركم أعمالكم

فنحن في حزب التّحرير نعلم أنّ ثورتكم كانت على ظلم الأنظمة الوضعيّة البائسة، ولكن اعلموا أنّ قضيّتكم هي التي عيّنها لكم نبيّكم الكريم صلّى الله عليه وسلّم، قضيّتكم هي قضيّة نبيّكم أن تكون كلمة الله هي العليا وهذا يعني أن يكون الحكم لله وحده لا شريك له، لأنّه وحده الذي يحقّق العدل في الدّنيا ووحده ينقذ البشريّة من الكفر والكفّار ومن سطوة الأقوياء على الضّعفاء، نعم هذه هي قضيّتنا، أن نستأنف ما بدأه نبيّنا ورسول ربّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

واعلموا أنّ الله ناصر من نصره وسار على طريق نبيّه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.

ولقد بان عجز الغرب الكافر المستعمر عن التصدّي لدعوة الخلافة وعن التصدّي لوعي المسلمين، فها هي دعوة الخلافة وقد طبّقت الآفاق وأقضّت مضاجع الظّالمين في أمريكا وأوروبا وروسيا… وها هو عدوّكم وقد عجز عن الانتصار عليكم (وأنتم مجموعات متفرّقة) في أفغانستان والعراق والشّام، فما بالكم لو اتّحدّتم فبايعتم خليفة واحد يخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في تنفيذ أوامر الله وإقامة الحدود ورعاية الشؤون…

وفوق هذا كلّه وعد ربّكم الذي لا يتخلّف، الذي وعدكم بالنّصر والتمكين،

فإلى متى السكوت عن عبث العابثين؟ ولم الانتظار وشرع ربّنا بيننا يهدينا؟

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ۸ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ۹﴾

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأستاذ عبد الرؤوف العامري,

رئيس المكتب السياسي لحزب التحرير في ولاية تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This