كورونا يفضح نظاما عالميّا يتهاوى

كورونا يفضح نظاما عالميّا يتهاوى

قالت جامعة جونز هوبكنز الأمريكيّة، التي تقدّم يوميّاً إحصاءات لعدد ضحايا الفيروس بالعالم، إنّ 865 شخصاً في أمريكا قُتلوا خلال الأربع والعشرين ساعة الفائتة، وذلك في أعلى حصيلة يوميّة للقتلى بالولايات المتّحدة، حيث أصيب أيضاً خلال اليوم 24743 شخصاً.

أشارت الجامعة أيضاً إلى أنّ العدد الإجماليّ للمصابين بفيروس كورونا في أمريكا بلغ حتّى صباح الأربعاء 1 نيسان/أبريل 2020، 189.618 شخصاً، بينما وصل عدد الوفيات إلى 4079. (عربي بوست 01/04/2020)

التّعليق:

خرج ترامب يتحدّث إلى شعبه الخائف من اجتياح وباء كورونا ومن شبح الموت الذي خيّم على البلاد وعلى العالم بأسره فقال: “أريد أن يكون كلّ أمريكيّ مُستعداً للأيّام الصّعبة التي تنتظرنا. سنمرّ بأسبوعين صعبين للغاية”. هي إجابة تزيد الشّعب خوفا وتُفاقم من حدّة الأزمة، هي إجابة تؤكّد بأنّه رأسماليّ متعجرف لا يبحث الأوضاع والمشاكل إلّا من زاوية ربحيّة تحقّق للقائمين على هذا النّظام العالميّ تقدّما اقتصاديّا دون اعتبار لحياة الملايين من البشر.

في لقاء صحفيّ يردّ هذا الرّئيس بحدّة وعنجهيّة واستهزاء على صحفيّ سأله عن ردّه للأمريكيّين الخائفين الذين يشاهدونه قائلا: “أقول إنّك مراسل فظيع وأعتقد أنّه سؤال سيّئ للغاية وأعتقد أنّه تلميح سيّئ للغاية تضعونه للشّعب الأمريكيّ”، ليكشف عن افتقاره للردّ المقنع المطمئن لشعبه وليفضح تلاعبه بالأمن القوميّ للبلاد وبأرواح الملايين من أجل مصالح اقتصاديّة كانت لها الأولويّة في سلّم اهتمامات رجل الدّولة العظمى. وقد أعربت رئيس مجلس النّواب الأمريكيّ، نانسي بيلوسي عن تخاذل الرّئيس الأمريكيّ في اتّخاذ الإجراءات والتّدابير اللّازمة والمستعجلة لمكافحة هذا الوباء وإنقاذ العديد من النّاس من الإصابة بهذا الوباء قائلة “إنّ الأرواح ربّما تمّ إنقاذها لو لم يقض ترامب أسابيع في إنكار خطورة الوباء القادمة، وتبنّى إجراءات قويّة للاستعداد له”.

هذه هي سياسة الدّولة العظمى في تعاطيها مع وباء كورونا، سياسة تتجاهل مخاوف شعبها ولا تبحث إلاّ عن صفقاتها الرّابحة في مجالات تدرّ عليها الدّولارات كمجال النّفط. فقد صرّح ترامب يوم الثّلاثاء 31/03/2020 أنّه سيدخل في محادثات مع السّعوديّة وروسيا إذا اقتضت الضّرورة، لبحث تراجع أسعار النّفط التي تقصي عند مستوياتها الحاليّة الإنتاج العالي التّكلفة، ولا سيّما إنتاج النّفط الصّخري الأمريكيّ الذي زاد بقوة في السّنوات الأخيرة. وحين يتعلّق الأمر بصحّة النّاس وبحياتهم فإنّه يتهاون ولا يلقي بالاً لما يمكن أن تسبّبه قراراته فرغم أنّ “ANSM” – وكالة حكوميّة فرنسيّة مُختصّة بمجال الأدوية – أكّدت أنّه لا يجب استخدام عقاري هيدروكسي كلوروكين أو كلوروكين من دون وجود مراقبة طبّيّة مناسبة، مؤكّدة أنّه “عند إساءة استخدام هذه الأدوية تكون سامّة، ويمكن أن تكون مسؤولة عن مشاكل قلبيّة خطيرة”، فقد توجّه ترامب في مؤتمر صحفيّ يوم 30/03 مؤكّدا أنّه تمّ طرح أكثر من مليون جرعة من عقار هيدروكلوروكين وكرّر دعواته لاستخدامه قائلا إنّه حقّق نتائج واعدة في علاج مرضى كورونا.

لقد تعرّى النّظام الرّأسماليّ العالميّ والذي تترأّسه أمريكا وبان عجزه أمام فيروس غير مرئيّ. فشل عن إيجاد حلول للبشريّة وسقطت أقنعته التي يواري بها سوءاته بين الحين والحين، تجلّت وجهة نظره النّفعيّة المصلحيّة التي لا تتوانى عن تقديم آلاف الأرواح حتّى لا تخسر عائداتها ولا ينهار اقتصادها وما الإجراءات التي اتُّخِذت في عديد الدّول تجاه ضحايا كورونا وخاصّة منهم المسنّين إلّا خير دليل على دناءة هذا النّظام وخسّته وعدم إنسانيّته.

إن العالم اليوم في حاجة ماسّة لنظام ربّه الذي خلقه حتّى يسيّره أفضل وأرقى تسيير، ونسأله عزّ وجلّ أن يرحمنا به لنحيا في عزّ وأمان وطمأنينة. نسأله سبحانه وتعالى أن تعود دولة الخلافة الرّاشدة الثّانية على منهاج النبوة لتحكم بنظام ربّ العالمين فتحمي العباد وترضي ربّ العباد… اللّهمّ قريبا كحّل عيوننا بها واجعلنا من شهودها.

زينة الصّامت

CATEGORIES
TAGS
Share This