“كيان يهود” عضو فيها: تونس تراهن على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

“كيان يهود” عضو فيها: تونس تراهن على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

أصبح التناقض والتضارب بين القول والفعل الاختصاص الأبرز لرئيس الدولة “قيس سعيد”. ومن أكثر المسائل التي خاض فيها وشدد على أهميتها مسألة السيادة واستقلالية القرار واستحالة الرضوخ والخنوع  للقوى الأجنبية, وأن التعامل مثلا بين تونس وأوربا يجب أن يكون “الند بالند” كما جاء في حديثه مع وزير الخارجية قبل زيارته الأخيرة لفرنسا, هذه الزيارة أتت لتبث للمرة الألف أن حساب الحقل يخالف حساب البيدر في سياسة ومسار الرئيس.

وزير الشؤون الخارجية ذهب إلى فرنسا ليجري مباحثات مع مسؤولين فرنسيين حول مسألة الهجرة وسبل دعم تونس لمجابهة أزمتها الاقتصادية. وزير الخارجية حلّق يبحث عن الدعم, والرئيس يؤكد صباحا مساء ويوم الأحد على الاعتماد على الذات وعدم حاجة تونس لمن يدعمها لما تزخر به من خيرات وكفاءات رغم أنه “هناك” من يعرقل كل الجهود الرامية للنهوض بتونس وتوفير الحياة الكريمة لأهلها. هذا وقد استهل وزير الخارجية زيارته لفرنسا بمقابلة الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتهدف هذه المنظمة حسب ما يدعيه مؤسسوها وأعضاؤها تشجيع السياسات التي من شأنها توفير الرفاه الاقتصادي للناس في جميع أنحاء العالم, وتعد هذه المنظمة منتدى للبلدان الملتزمة بالديمقراطية واقتصاد السوق وبالتالي دعمها للدول الضعيفة يتمثل في إجبارها على تطبيق النظام الديمقراطي الوضعي وإخضاع اقتصادها لمنظومة اقتصاد السوق التي انخرطت فيها تونس منذ الثمانينات تزامنا مع الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها تونس, مما جعل الدولة التونسية تخضع لما يسمى ببرنامج الإصلاحات الهيكلية التي أملاها صندوق النقد الدولي على السلطة في تونس, تماما كما هو الحال اليوم في ظل حكم “قيس سعيد” ومن قبله زمن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة.

ويعد اقتصاد السوق الحر من أهم ركائز النظام الرأسمالي كما هو شأن الديمقراطية, لذا لا يمكن اللجوء إلى منظمة كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دون الخضوع التام لوجهة نظر الغرب خضوعا تاما وإتباع خطاه شبرا بشر, إلى غاية دخول جحره والرضا بالعيش في ضنكه, وعليه فادعاء “قيس سعيد” التمسك بالسيادة والاستقلالية مجرد شعار أجوف لا ينخدع به إلّا السذج أو من كان في قلبه مرض. فهو لا يختلف عمن سبقوه في الحكم إلا بما يردده من ترهات.

نعود إلى  اقتصاد السوق الذي تشترط منظمة التعاون الاقتصادي على كل دولة تريد الدعم اعتماده في سياستها الاقتصادية, نجد أن تونس تورطت فيه وارتمت في مستنقعه منذ سبعينات القرن الماضي حين فشل النمط التنموي المفروض من صندوق النقد الدولي, ثم في الثمانينات تم إدماج تونس في منظومة اقتصاد السوق وتكريس تبعيتها التي تكاد تكون أبدية للمديونية الخارجية وهذا ما تأكد من خلال اتفاقية الشراكة التي ابرمها “بن علي” مع الاتحاد الأوروبي وتم بموجبها إحداث منطقة للتجارة الحرة للبضائع الصناعية, هذه الاتفاقية قابلة لتوسّع لاح لتصبح اتفاقية تبادل حر شامل ومعمق وهذا ما كانت تسعى إليه الحكومات المتعاقبة بعد الثورة, مما يكرس فتح الأسواق التونسية أمام كافة البضائع الأوروبية بما فيها الخدمات والسلع الزراعية والحال أن المنظومة الإنتاجية التونسية في كافة القطاعات المستهدفة  بالتحرير غير قادرة على تحمل المنافسة الأوروبية ويخشى أن يؤدي هذا الانفتاح إلى سيطرة الجانب الأوروبي على كافة مفاصل الاقتصاد التونسي, وهنا لابد من الإشارة إلى سياسة التضليل التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة بعد الثورة مفادها أن تونس سترتقي إلى مرتبة الشريك المميز من خلال انفتاحها الكلي واندماجها التام في الفضاء الأوروبي.

سياسة التضليل تلك واصل الرئيس في انتهاجها ولكن بشكل مختلف يشبه إلى حد بعيد نهج “معمر القذافي” الذي كان دوما يصف الوقائع والأوضاع كما هي دون تزييف أو تبديل فهو دوما يصف الغرب بما فيه من صفات قبيحة ويحذر من مغبة الخضوع له وغالب ما يعمل على كشف مخططاته وألاعيبه في خطاباته الثورية, لكن على أرض الواقع نجد أن “معمر القذافي” من أكبر عملاء الغرب وأذياله المخلصين له.

إذن, اللقاءات التي أجراها وزير “قيس سعيد” هناك في باريس مع شخصيات عديدة على رأسهم وزير خارجية فرنسا والأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تنتفي فيه الندية كما ادعى سعيد ولا تجسد السيادة لتونس كما أوهم الرئيس الكثيرين, هي زيارة المراد منها إتمام ما بدأه “بورقيبة” وبن علي ثم الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لا أكثر ولا أقل. فكما ذكرنا سابقا, منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معاييرها واضحة ومحددة لا تدعم إلا من يدخل بيت الطاعة التابع للقوى الاستعمارية ويتفانى في خدمتها والسهر على مصالحها, فحديث وزير الخارجية مع الأمين العام لتلك المنظمة حول دعم الاستثمار يعني منح المزيد من الامتيازات للمستثمر التونسي وتمتيعه بما لا يحق للمستثمر التونسي التمتع به. هذا ولا تعد المراهنة على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تكريسا للتبعية الاقتصادية فقط بل هو تمهيد لمصيبة هي أدهى وأمر وهي التطبيع مع “كيان يهود”, فهذا السرطان عضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انظم إليها منذ عقد تقريبا ولا نخال الرئيس “قيس سعيد”وموظفيه في الحكومة يجهل هذا الأمر فبعد تلك الكلمات الشهيرة والتي مكنته من الفوز في الانتخابات الرئاسية “التطبيع خيانة عظمى”, اختفى هذا الشعار حين علق قيس سعيد على تطبيع العلاقات بين الإمارات المتحدة و”كيان يهود” فقد اعتبره الرئيس شأنا داخليا ويتعلق بسيادة الإمارات ولا يتدخل فيه, وها هو يطرق باب منظمة أحد أعضاءها يمعن في تقتيل وتجويع وتشريد المسلمين في فلسطين. يقتل أطفالهم بدم بارد ويستحي نساءهم ويهتك أعراضهم بمباركة قوى الشر الاستعمارية التي يطمع قيس سعيد في دعمها ومعونتها.

الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها تونس تعتبر فرصة سانحة لابتزازها وجرها نحو التطبيع مع أرذل خلق الله “كيان يهود”, ونقصد بالتطبيع ذلك المعلن صراحة كما هو الحال مع الإمارات ومصر والأردن والبحرين والمغرب, أما التعامل غير المعلن مع كيان الشر هذا فهو حاصل وتعمل به معظم دول البلدان الإسلامية وتونس من ضمنها.

هي مسألة وقت لا غير, هم ينتظرون الذريعة والمبرر لإعلان التطبيع مع الكيان السرطاني الخبيث, وحتما ستأتي الذريعة من بوابة الأزمة الاقتصادية, فالدولة في تونس على وشك إعلان إفلاسها وحينها سيتم جرها إلى نادي باريس لجدولة ديونها والمقابل هو إقامة علاقات معلنة مع “كيان يهود” وسيجد قيس سعيد ما يبرر به تطبيعه مع عدونا الأكبر وسيواصل حديثه عن السيادة وعن إرادة الشعب وعن قوته وقدرته الشرائية وسيفرق بين “كيان يهود” والجرائم التي يرتكبها في حق المسلمين, تماما كما فعل حين أعاد العلاقات مع سوريا ورئيسها السفاح “بشار الأسد”, لقد قال في الجرائم التي ارتكبها في حق أهل سوريا “نحن نتعامل مع دولة وليس مع نظام وكأن بشار ليس هو رئيس الدولة التي نكلت بالشعب السوري. حتما سيلتجيء لتلك الخزعبلات التي تقول إن قتل المسلمين وتشريدهم واغتصاب كل حقوقهم تقوم به جماعات صهونية وليس اليهود. لقد ابتلانا الله برويبضات يخجل “أبو رغال” من خيانتهم وتواطؤهم مع الأعداء..

CATEGORIES
Share This