لماذا خسر علماء الزّيتونة معركتهم مع تيّار التّغريب العلماني؟ (4)

لماذا خسر علماء الزّيتونة معركتهم مع تيّار التّغريب العلماني؟ (4)

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

مسألة التجنّيس:

قانون التّجنيس الذي أحدثته فرنسا في مستعمراتها كان الهدف منه محو الشخصيّة والهويّة الإسلامية للبلدان التي تحت سلطتها؛ ولهذا فإنّ من الشروط التي وضعتها فرنسا لقبول تجنيس المسلم بجنسيتها تعهده بالاحتكام إلى قوانينها وعدم الاحتكام إلى الشرع في كلّ المسائل ومنها المسائل المتعلّقة بـ”الأحوال الشخصيّة” على وجه الخصوص كالزواج والطلاق والإرث.

ولقد أثيرت قضيّة التجنيس في تونس منذ سنة 1910م؛ فكتبت الصحافة التونسيّة فيها، وناشدت أهل الشرع أن يبيّنوا الرأي فيها بل وجّه الشيخ عبد العزيز الثّعالبي الكلام مباشرة وصراحة إلى العلماء فطلب “من الفقهاء وحماة الشريعة الإسلامية إصدار مدوّنة تبيّن موقفهم من مسألة التجنيس”(1). إلاّ أنّ العلماء لم يحركوا ساكنا، وبقيت المسألة قيد البحث والنّظر فانشغل بها عامّة النّاس ولم يبتّ فيها برأي شرعي من جهة شرعيّة معتبرة.

وفي العشرينات ازداد عدد المتجنّسين بالجنسية الفرنسية نتيجة للتسهيلات التي أقرّتها الحكومة الاستعمارية بعد صدور قانون ديسمبر 1923م والذي أصبح ساري المفعول في الفاتح من جانفي 1924م (2). وقد تناولت الصحف التونسية هذه الظاهرة وكتب فيها الكتّاب مقالات كثيرة للتعريف بمخاطرها على الشخصيّة والهويّة الإسلامية للشعب المسلم. وقد جمع الجيلاني الفلّاح جملة كبيرة منها ونشرها سنة 1924م في كتاب بعنوان: “الشعب التّونسي والتّجنيس”، وهو يعدّ وثيقة تاريخية مهمّة تبيّن لنا حقائق عدّة متعلّقة بمسألة التّجنيس، ومنها حقيقة موقف العلماء آنذاك. فما هو موقف العلماء؟

سكوت العلماء في العشرينات:

المتتبّع لمسألة التّجنيس في فترة العشرينات يلحظ سكوت العلماء عن بيان الحكم الشرعي فيها. وننقل بعض النّقول التي تبيّن هذه الحقيقة:

قال علي كاهية (في مقال له بجريدة الصواب عدد 401 بتاريخ 18 محرم 1342هـ/أوت1923م): “وقطعا لإطالة الحديث في هذا الموضوع بلا طائل رأينا من الواجب أن نذكر المسألة برمتّها علنا طالبين بذكرها من شيوخنا حملة العلوم الشرعية أن يفصحوا لنا بفتاويهم النيّرة عن حكم الله تعالى في هذه المسألة لا سيما وهذه ثانية مرّة طلب من حضراتهم الافتاء فيها، فقد جاء سؤال بجريدة الاتحاد منذ أشهر فارطة من مدينة صفاقس يطلب به أصحابه بيان حكم الله في المسألة فلم يحظ طلبهم – ويا للأسف – بالقبول. واليوم اشتدت الرغبة لمعرفة الحكم الشرعي حيث إن الحكومة بصدد إصدار أمر دولي في قبول المتجنسين والناس في اختلاف كما يرون، وقولهم سيكون عليه المعول. فإن لبوا طلبنا وقاموا بما أوجبه الله عليهم من إجابة السؤال فلهم من الله الأجر ومن عباده الشكر، وإن توهموا الخوف على مناصبهم السامية ورجحوا الدار الدنيا على الدار الآخرة وكتموا ما أوجب الله عليهم يعلنوه بالأقلام والأفواه فلا حول ولا قوّة إلا بالله…”(3).

وجاء في جريدة “العصر الجديد” عدد 163 بتاريخ 7 جمادى الأولى 1342هـ ما يلي: “طالما استفتينا – على صفحات جريدتنا وفي نفس هذا المكان – المفتيين الرسميين ببلادنا عن حكم الله في التجنيس. وطالما رغبناهم ورجوناهم في التفضّل بالجواب وبلغ بنا الرجاء إلى التوسّل والتذلّل وناديناهم “يا علماءنا الأعلام، يا مصابيح الظلام، ويا حماة الملّة ورجال الدين”، وطالما ترقبنا الجواب أسابيع وشهورا فلم يتفضّل علينا واحد منهم بكلمة ننشرها بيانا وبلاغا للنّاس” (4). ثمّ نشرت الجريدة فتوى العالم الشيخ محمد شاكر المصري حول التّجنس.

وجاء في رسالة دوّنها مكتب الأخبار التونسية (في صحيفة الفتح الإسلامية بمصر، لمحبّ الدّين الخطيب) ما يلي: “وأوّل طائفة تسللت من نفوذ الإسلام هم اليهود الوطنيون إذ تجنسوا دفعة واحدة في الجزائر وبصفة فردية في تونس والمغرب الأقصى فاحتجّ المسلمون على هذا العدوان من الفرنسيين والعقوق والخروج عن عهد الذمة من اليهود، ولكن التيار بقي على حاله. وجاء دور المسلمين في سنة 1923 فتجنّس نفر منهم بالجنسيّة الفرنسية وكونوا بمساعدة الحكومة المحتلة جمعية لهم تدعى جمعية المسلمين الفرنسيين أخذت تعمل لبث الدعوة وتوفير عدد المتجنسين، والحكومة تنشطها من خلف بشتى الوسائل. ولما استفتى المسلمون في تونس علماءهم عن حكم المتجنس في نظر الشرع الإسلامي حجرت حكومة الاحتلال على العلماء الرسميين الإفتاء وبيان حكم الله في هذا الأمر، فسكتوا وكتموا ما أنزل الله من البيّنات والهدى، إلا من رحم ربك فأفتى الشيخ أحمد عيّاد والشيخ التّهامي عمار بردة المتجنس وعدم جواز معاملته معاملة المسلم، وأفتى بذلك من مصر الشيخ محمد شاكر وكيل الأزهر سابقا، والسيّد رشيد رضا والشيخ على سرور”(5).

وقد بلغ صدى صمت علماء تونس على مسألة التجنيس إلى أقاصي الهند؛ فتعرّضت جريدة “الخلافة” التي تصدر باللسان الهندي ببومباي (عدد14ج3 بتاريخ 11 جمادى الآخرة 1342هـ/18 جانفي 1924م) “بأسف لسكوت العلماء التونسيين عن هاته المسألة الخطيرة على ديانة المتجنّس. وقالت إنّ المسألة لا تهمّ التونسيين وحدهم بل تهمّ سائر المسلمين وبالأخصّ مسلمي الهند الذين هم اليوم في وقفة الدفاع عن العالم الإسلامي أجمع كما يشهد لهم بذلك مواقفهم المشهورة مع دولة الخلافة والبلاد المقدّسة ولا يألون جهدا في ذلك إلى ما شاء الله” (6).

ويقول المناضل المؤرّخ أحمد توفيق المدني في مذكّراته: “ما خاننا يومئذ إلّا المجلس الشرعي الذي امتنع عن إصدار فتوى رسمية ضدّ التجنيس، ويضيف قائلا: … ذهبت إليهم واحدا واحدا… وقال بعضهم وهو الشيخ محمد بن يوسف إننا لا نستطيع إطلاقا وبأية صفة من الصفات إعلان ذلك لا قولا ولا كتابة… ونحن لا نستطيع أن “نتمرد” – أي نهان – في آخر أعمارنا… إلّا المفتي الحنفي الشيخ العلّامة محمد بن الخوجة فقد قال كلمة الحقّ جاهر بردّة المجنّس رحمه الله ورضي عنه…”(7). ولعلّ الشيخ محمد بلخوجة قد جاهر بذلك في مجلس خاص، وأمّا كتابة فلم تصدر آنذاك أيّ فتوى عن عالم كبير أو رسميّ بل الثابت المشهور صمتهم وامتناعهم عن الإفتاء.

يقول زين العابدين السنوسي: “… يوم أصدرت فرنسا قانونها بقبول المتجنّس بجنسيتها الفرنسية من التونسيين على أرضهم (20 ديسمبر 1922)… فلجأت الأمة إلى الدعاية الاجتماعية والسياسية والدينيّة، وطالبت علماء المعهد ومفتي المملكة بإصدار فتاويها فيمن يخرج عن هاته الجامعة والرابطة الإسلامية إلى رابطة غاصبة لا تعترف بالإسلام… فأبوا وانكمشوا مما اهتزت له الأمّة…”(8).

وقد أكّد الشيخ أحمد عيّاد (المدرّس من الطبقة الثالثة بالزيتونة، ت1949م؟) في فتواه الكتابية (التي نشرتها جريدة الأمّة عدد50 بتاريخ 4 ربيع الثاني 1342هـ) مسألة سكوت العلماء فقال: “… ولم أر من العلماء – بكل أسف – من قام بهذا الواجب العظيم خصوصا عند اشتداد الحاجة إليه. خشيت أن أكون مسؤولا لأبناء وطني وأمام الله والتاريخ عن سكوتي محجوجا بقوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} الآية. وقوله عليه الصلاة والسلام: “العلماء ورثة الأنبياء”، وقوله: “من كتم علما ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة”… وإنّ من واجب العلماء الذين ورثوا الأنبياء في هداية النّاس في أمور دينهم ودنياهم أن يصرّحوا لهم بحكم الله في المتجنّس لا أن يجيبوهم عن سؤالهم بالسكوت”(9).

صحوة العلماء في الثلاثينات:

توفي بمدينة بنزرت متجنّس، فأرادت السلطة الفرنسية دفنه في مقابر المسلمين؛ فأصدر الشّيخ ادريس بن محفوظ الشريف (ت1934م) مفتي بنزرت فتواه الجريئة الشهيرة المؤرخة بتاريخ 31 ديسمبر 1932م القاضيّة بردّة المتجنّس ومنع دفنه في مقبرة المسلمين. “وكانت هذه الفتوى غذاء لنفوس الشعب خارج مدينة بنزرت في أنحاء الجمهورية وبعثت فيهم ثباتا وتصميما في مقاومة فتنة التجنيس”(10)؛ فتكرّرت حادثة منع المتجنّس من الدفن في مقابر المسلمين في مناطق كثيرة من البلاد.

استاءت سلطة الاستعمار من هذه الفتوى التي جرّأت الناس على التصدّي لسلطتها ومنع دفن المتجنّسين في مقابر المسلمين، فقرّرت نقضها باستصدار فتوى من المجلس الشرعي باعتباره أعلى سلطة دينية في البلاد.

“وفيما يلي نصّ السّؤال الذي وجّه إلى أعضاء المجلس الشّرعي، والذي تولّى ترجمته حمّادي الساحلي من تقرير بعثه المقيم العام الفرنسي بتونس إلى وزير الخارجيّة بباريس المؤرّخ في 29 أفريل 1933م. السّؤال: إذا اعتنق شخص جنسيّة يختلف تشريعها عن أحكام الشّريعة الإسلاميّة، ثم حضر لدى القاضي الشّرعي، ونطق بالشّهادتين وأعلن أنّه مسلم وأنّه لا يرتضي غير الإسلام دينا، هل يحقّ له طوال حياته أن يتمتّع بنفس الحقوق والواجبات التي يتمتّع بها المسلمون؟ هل يحقّ له بعد وفاته أن يُصَلَّى عليه صلاة الجنازة، وأن يُدْفَنَ في مقبرة إسلاميّة… الجواب: وهو من طرف المجلسين الشّرعيين :1- جواب المجلس الشّرعي الحنفي: حيث جاء في تقرير المقيم العام الفرنسي وهو منصورون، أنّ رجال المجلس الشّرعي الحنفي برئاسة شيخ الإسلام محمّد بن يوسف، اقتصروا على الإباحة بالإثبات بدون زيادة ولا نقصان، أي أنّ توبة المتجنّس تقبل، وكان جوابهم كما يلي: (إذا اعتنق شخص جنسيّة يختلف تشريعها عن أحكام الشّريعة الإسلاميّة، ثمّ حضر لدى القاضي الشّرعي، ونطق بالشّهادتين، وأعلن أنّه مسلم، وأنّه لا يرتضي غير الإسلام دينًا، يحقّ له أن يصلّى عليه صلاة الجنازة، وأن يدفن في مقبرة إسلاميّة)”(11). وتذكر بعض المصادر امتناع الشيخ حميدة بن مراد والشيخ محمد بن الخوجة من شيوخ الإفتاء الأحناف من الموافقة على الاعتراف بقبول توبة المتجنّس(12). “2- جواب المجلس الشّرعي المالكي: أمّا أعضاء الدائرة المالكية، فقد أبدوا بعض الاحتراز تجاه السّؤال المطروح عليهم، ولم يجيبوا بنفس ذلك التّأكيد، وأضافوا إلى النّطق بالشّهادتين شرطا آخر، فأعلنوا أنّه يتعيّن على المتجنّس عند حضوره لدى القاضي، لا فقط النّطق بالشّهادتين بل أيضا التّصريح في نفس الوقت بأنّه يتخلّى عن الجنسيّة التي اعتنقها، وفي هذه الصّورة يحقّ له أن يدفن في مقبرة إسلاميّة، وتضيف الفتوى المالكيّة ما يلي: (ولا يهمّ كثيرا بعد ذلك لو احتفظ بالجنسيّة التي اعتنقها وبقي خاضعا لقوانينها إذا ما تعذّر عليه التخلّص منها). وأضاف المقيم العام الفرنسي قائلا: وزاد أحد أعضاء المجلس الشّرعي من المالكيّة – وهو الشّيخ [محمد العزيز] جعيّط – على ذلك قوله: (ينبغي أن تتمثّل توبة المتجنّس في الإقلاع عن الامتيازات التي تحصل عليها بموجب جنسيّته الجديدة)… ويضيف المقيم العام الفرنسي في تقريره قائلا: فحسب هذه الفتوى الشّرعيّة، يتعيّن على المتجنّس أن يقرّ بالذّنب الذي اقترفه عندما تجنّس، ولكن يؤخذ بعين الاعتبار في الواقع كونه لا يستطيع التخلّي عن الجنسيّة التي اعتنقها.. ولست في حاجة إلى التّأكيد بأنّه لا سبيل إلى فرض مثل تلك الشّروط على المتجنّسين، وبناء على ذلك فإنّه يتعذّر عليّ قطعا استغلال الجوابين اللّذين هما الآن بين أيدينا، فلو كانا مماثلين للفتوى الحنفيّة لكنت تولّيت نشرها، ولكن نصّ الفتوى المالكيّة يجعل من المستحيل الإقدام على نشرها… فكان ردّ الوزير المفوّض المقيم العام الفرنسي بتونس إلى وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، معبّرًا عن فشل السلطة الاِستعمارية في تمرير مشروع التّجنيس وما يخفيه من عمليّة تنصير تدريجي أو جماعي لمحو الهويّة الدّينيّة والوطنيّة للشّعب العربي المسلم في تونس”(13).

كما تذكر بعض المصادر أنّ جمعا من المدرسين بالجامع الأعظم أجمعوا على وضع فتوى تعارض الفتوى الأولى من المجلس الشرعي التي أشيع أنّها تخدم فرنسا (14)، “فما كان من الحكومة إلّا فتح بحث ضدّهم في هذا الشأن ولكنهم أظهروا في هذا الأمر شجاعة كانت مضرب الأمثال… ونشروا الفتوى المعارضة بعد هذا البحث وكان لها صداها”(15). وتأكيدا لهذه الصحوة، نشرت المجلّة الزيتونية مقالا بإمضاء رئيس تحريرها الشيخ محمد المختار بن محمود عنوانه: “حكم الله في التجنّس”، بيّن فيه كفر المتجنّس وأنّه تجري عليه أحكام الردّة، كما بيّن فيه أنّ نسبة القول إلى بعض العلماء بعدم كفر المتجنّس من الافتراء والزور (16).

يتبع بإذن الله تعالى…

ياسين بن علي

______________________________

(1) عن مقال: التجنيس في تونس بين القبول والمعارضة خلال فترة الحماية الفرنسية 1881-1965،  للدكتور محمد بوطيبي، مجلّة أبعاد، العدد07/31 ديسمبر 2018م، ص224

(2) ينظر السابق، 218-219

(3) عن: الشعب التّونسي والتّجنيس، ص22-23

(4) السابق، ص68

(5) الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقيا: مسألة تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية، ص8

(6) عن: الشعب التّونسي والتّجنيس، ص120

(7) عن مقال: التجنيس في تونس بين القبول والمعارضة خلال فترة الحماية الفرنسية 1881-1965، ص225

(8) محمد الشاذلي خزنه دار: أمير شعراء تونس، ص220

(9) عن: الشعب التّونسي والتّجنيس، ص109-110

(10) عن: تراجم المؤلفين التونسيين، لمحمد محفوظ، ج3 ص184

(11) عن مقال: التّنصير ومسألة التجنيس: قراءة في الفتوى المالكية، للدكتور علي الصّولي، مجلة الدراسات العقدية ومقارنة الأديان، عدد10 ص186-187

(12) ينظر: الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقيا: مسألة تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية، ص13

(13) عن مقال: التّنصير ومسألة التجنيس: قراءة في الفتوى المالكية، ص187-189

(14) أشيع بأنّ الشيخ الطاهر ابن عاشور كان وراء السؤال والجواب بما يخدم مصلحة فرنسا، وهذا غير صحيح، وما ذكرناه من رسالة المقيم العام يدحض هذا الاتّهام.

(15) ينظر: الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقيا: مسألة تجنيس المسلمين بالجنسية الفرنسية، ص31-32

(16) ينظر: المجلة الزيتونية، م1 ج10 بتاريخ ربيع الثاني 1356هـ/جوان 1937م

CATEGORIES
TAGS
Share This