ما بين البلدية والحكم الرشيد مسافة ما بين السماوات والأرض
قد يبدو أن مواقف المناديىن بتأجيل الانتخابات البلدية إلى أجل آخر بعد أن كانت مقررة ليوم 17 سبتمر، ترجحت على غيرها من الآراء، وهو الموعد المعلن عنه رسميا من السلطة الحاكمة والمدعوم سياسيا، حينها، من قبل “الحزبين” الرئيسيين ( النداء والنهضة)، وخصوصا بعد أن رجح تأجيلها إلى شهر مارس 2018 وفق ما سيُعلن على ذلك اليوم, إلّا أن هذا التأجيل قد يمتدّ إلى أواخر سنة 2019 موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، رغم استكمال حزب النهضة استعداداته الهيكلية لهذه الانتخابات، واعتبار مختلف الفعاليات السياسية أنّ “السلم الاجتماعي” يتوقف على إجرائها. فالقوى الماسكة بالسلطة في تونس والمتخفية خلف “حزب” بلا صفة على أي وجه قلّبته، قد أدركت، بعد أن حققت أهدافها السياسية الراهنة بدون أن تقدم لخصومها أي ثمن، أنها ليست في عجلة من أمرها فيما يخص الإنتخابات البلدية، ولماذا تقدم لهم الهدايا المجانية بإعطائهم الفرص لتحقيق مكاسب بتمكينهم من التموقع القريب من الناخب خاصة بعد أن أجرت التحوير الوزاري على الوجه الذي يناسبها، دون اعتبار لوجهة نظر “شركائها” في تقليص التحوير وقصره على سدّ الشغور، أو اعتبار الشعور العامّ للناس بحتمية التخلص من الفاسدين والفاشلين، بل كان الحرص من الجهة التي عينتهم بل استطاعت هذه القوى أن تدفع بمجلس نواب الشعب أن يصادق، على مشروع القانون الأساسي عدد 2015/49 المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، برمته وبمعارضة هزيلة، وذلك باحتفاظ نائب واحد بصوته واعتراض 9 آخرين، بل إنها مصرة على الهروب إلى الأمام بإطلاقها لما أسمته “الاستشارة الوطنية حول الإعداد لإطار قانوني جديد لتنظيم الأحزاب” وسط تواطئ مريب من كثير من الأطراف السياسية التي رهنت قرارها أو التي لم تدرك خطر التمشي الذي تسلكه السلطة القائمة.
إلّا أن هناك أمرا خفيا متصلا بالإنتخابات البلدية لايقل خطورة عن عدم إجرائها أو سوء التسيير بين إداراتها وهو الأمر المسكوت عنه بشكل مريب، ذلك هو تمويل ميزانية البلديات وماليتها.
من له علم بالقروض التي تأخذها البلديات كل سنة، وما هي؟ وما هي نسب الفوائد الربوية الموصفة عليها؟ .
بل استطاعت هذه القوى أن تدفع بمجلس نواب الشعب أن يصادق، على مشروع القانون الأساسي عدد 2015/49 المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري، برمته وبمعارضة هزيلة، وذلك باحتفاظ نائب واحد بصوته واعتراض 9 آخرين، بل إنها مصرة على الهروب إلى الأمام بإطلاقها لما أسمته “الاستشارة الوطنية حول الإعداد لإطار قانوني جديد لتنظيم الأحزاب” وسط تواطئ مريب من كثير من الأطراف السياسية التي رهنت قرارها أو التي لم تدرك خطر التمشي الذي تسلكه السلطة القائمة.
إلّا أن هناك أمرا خفيا متصلا بالإنتخابات البلدية لايقل خطورة عن عدم إجرائها أو سوء التسيير بين إداراتها وهو الأمر المسكوت عنه بشكل مريب، ذلك هو تمويل ميزانية البلديات وماليتها.
مديونية البلديات وعلاقتها بالبنك العالمي والوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الإستثمار الأوروبي
من لديه علم بالقروض التي تأخذها البلديات كل سنة، وما هي؟ وما هي نسب الفوائد الربوية الموصفة عليها؟ .
فمن جملة 287 بلدية هنالك اكثر من 92 بالمائة منهم تحصلوا على قروض متتابعة على مدى سنوات ما بين 2013 و 2017، ففي سنة 2017 سددت البلديات نسب “فوائد” على الديون بقيمة 28 مليون دينار, أما اجمالي دفعات أصل الدين فهو في حدود 60 مليون دينار, كل هذا ومازال الدفع متواصلا والعداد يعمل, اذ تتراوح مدة هذه الديون ما بين 5 و 15 سنة, ونسب الفائدة ما بين 6 و 8 بالمائة حسب صنف المشروع المقدم ونوعيّته.
فبلدية تونس مثلا في 2017 سدّدت 19 مليون دينار ما بين سداد “الفائدة” وأصل الدين (14.953.000+3.737.000).
اذ أن أكثر ولاية تحصلت بلدياتها على قروض, وتاتي بعدها صفاقس وسوسة.. والبلدية الوحيدة التي في رصيدها صفر قروض منذ 2013 إلى يومنا هذا هي بلدية مطماطة القديمة.
أمّا الرقم الصادم فهو ما تمّ سداده من قبل البلديات من 2013 إلى 2017 ما بين نسب “فائدة وأصل دين, ما قدره 430 مليون دينار (430 مليار من المليمات)!!
أموال ليست بالقليلة ولكل مقيم بهذا البلد _ولو لشهر_ أن يرى حطام البلدان وفراغ المدن من كل ما يدُلُّ عن استثمار للأموال في شأن مما يخص عموم الناس, ولنا جميعا أن نسأل عن مأتاها وعن أصحابها وعن ذالك الدائن الذي يعطي هكذا بسخاء, عطاء من لا يخشى النهب؟؟؟!
ومن يريد معرفة مقدار القروض التي على عاتق البلدية في مدينته ما عليه إلّا زيارة هذا الموقع:
ملاحظة: هذه الأرقام صحيحة ورسمية, صادرة عن وزارة المالية.
والسؤال هنا إلى متى هذا الإرتهان والتسليم؟
وهنا الكارثة, فأول الممولين هو صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحليّة CPSCL الذي يعتبر من ضمن المنشآت العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية, هذا الصندوق الذي بدوره يقترض من البنك العالمي والوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الإستثمار الأوروبي وصناديق أخرى..وفي حال عدم سداد هذه القروض سيُعمد كالمعتاد إلى جيوب الرعية البائسة المسلوبة, لتجمع مبالغ تلك القروض عبر الضرائب والأتاوات ومنافذ افتكاك أموال الناس بالشكل المقنّن في أطار الجباية التي تشمل كل حركات التونسي وسكناته حتى كادت تُسَلَّط على مقدار ما يتنفسه من الهواء يوميّا.
فإذا كان من أهمّ أهداف الإنتخابات البلدية والجهوية، وحتى الإقليمية والتي لايعلم كنهها إلا الله، ثم حتى تقرر المنظمات الدولية ماهيتها وأصولها وفروعها، استقلال القرار البلدي والجهوي والإقليمي فعن أي استقلال يتحدّث هؤلاء المغتصبون لإرادة الأمة وقرارها وبم يعد هؤلاء الناس؟
أحمد بنفتيته