مجزرة فضيعة: قتل 11 رضيعا في مستشفى عمومي, نظام قاتل.. وشعب يُعاقب على ثورته
أعلنت وزارة الصّحّة يوم 9 مارس 2019، انه تم تسجيل 11 حالة وفاة بين الولدان المقيمين بمركز التوليد وطب الرضيع بالرابطة خلال يومي 7 و8 مارس 2019.
بالأمس القريب توفيت الطفلة رانيا في أرياف عين دراهم لأن المستوصف لديهم لا يفتح إلا يوم الثلاثاء
وبالأمس القريب تمّت زراعة لوالب طبية منتهية الصلاحية في شرايين المرضى
واليوم فاجعة أخرى، بل مجزرة في مستشفى الرابطة سقط ضحيّتها11 رضيعا.
رئيس الحكومة أذن بفتح تحقيق في الحادثة،
وزير الصّحّة يستقيل
والي تونس رفض الدخول في تفاصيل الأسباب التي انجرت عنها هذه الكارثة وقال أنّها طور التحقيق،
رئيس الدّولة دعا مجلس الأمن القومي للاجتماع ليبحث في الشكل.
المسؤولين يتحرّكون ويتكلّمون يُظهرون الجزع ويبدون الألم وكأنّهم لا يعلمون أسباب المجزرة التي حصلت وكأنّ الأمر غريب عجيب حدث على حين غرّة دون مقدّمات.
ولكن ألا يعلم الوالي ووزير الصحة ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية السبب الحقيقي والمصدر الأساسي لكل ما نعيشه اليوم من أزمات في قطاع الصحة وغيره من القطاعات من إهمال وتضييع، حتّى كثرت في عهدهم “السعيد” الأخطاء الطّبيّة، ألم يأتهم خبر نقص المواد الصحية والأدوية؟ ثمّ من وضع الميزانية الخاصة بالمستشفيات؟ ومن المتسبّب في نقص أطباء الاختصاصبل في هربهم من البلاد ومن الذي عطّل الانتدابات في قطاع الصّحّة العموميّة وبأوامر من؟ حتّى بات الإطار الطبي وشبه الطبي يشكو نقصا فادحا…
ألم تكن هذه السياسات التي روّجوا لها وزعموا أنّهم بها سينقذون الشعب والبلاد؟؟ فإذا بها تنكشف على فواجع بل مجازر تزهق فيها الأرواح البريئة بالجملة والتفصيل
سيذرفون دموع التّماسيح وسيفتحون تحقيقات ويكوّنون لجانا، وفي أحسن الأحوال سيقدّمون بعض أكباش الفداء من صغار الموظّفين أو كبارهم ويغلقون الملفّ. كأنّ شيئا لم يكن.
هل سيكون علاجالمجزرة الكارثة في معاقبة ممرض أوطبيب؟ وهل سنمنع كوارث أخرى باستقالة وزير الصحة أو الحكومة برمتها؟
نقول بملئ الفم أنّ المتسبّب في قتل الأطفال هو النّظام الذي فرضه المستعمر وينفّذه حفنة من السياسيين ارتضوا أن يكونوا خدما له، ولسنانقول هذا من باب المبالغة أوالمزايدات في سنة انتخابية على حساب دماء الشعب وآلامه.
نعم نحن أمام جريمة من سلسلة الجرائم، نحن أمام قاتل متسلسل، ولقد صدق النّاس في تعبيرهم عن الحادثة بقولهم: ” قتّالين ولادنا، سرّاقين بلادنا” فربطوا بوعي متميّز بين المستعمر والمصائب التي تتوالى على البلاد
هذا نظام مجرم قاتل يقتل القتيل ويمشي في جنازته
هذا النظام فرضه الاتّحاد الأوروبيوصندوق النقد الدولي، ونفّذه السياسيّون بمصادقة مجلس نوّاب يزعم أنّه يمثّل الشعب، فأغلقوا باب الانتداب في قطاع الصحة وشجعوا تسريح آلاف الأطباء والأعوان، وخضعوا لأوامر صندوق النّقد الدّولي فخفّضوا ميزانيّة الدّعم في تمهيد لإبطاله، والدّعم يعني الإنفاق على الصّحّة والتّعليم والأمن، فصارت ميزانيّات المستشفيات عاجزة عن توفير أبسط متطلّبات الرعاية، وتعاني عجزا حادّا.
وصمتت الحكومات المتعاقبة عن ظاهرة هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج في ظل ما يعيشه القطاع من تهميش على المستوى الهيكلي من بنية تحتية وتجهيزات و.. وعلى المستوى المادي، وهو صمت يرقى إلى مستوى المؤامرة بل الجريمة.
هذا نظام تخلى عن مسؤوليّتهفي رعاية المرضىكما تخلّى من قبل عن رعاية شؤون النّاس وتوفير حاجاتهم الأساسيّة، وحصر مسؤوليّته في ضمان مصالح عصابة حيتان المال والفاسدين.
لا يمكن أن يكون هذا النظامنظام رعاية، يرعى شؤون الناس رعاية حقيقية، بل هونظام جباية نظام إرهاب نظام التسلط والوحشيةيسلط على رقاب الناس ليذيقهم كأس الفقر والحرمان.
إن رعاية الشؤون لا تكون بإطلاق التصريحات الصحفية الرنانة هنا وهناك، كما يفعل يوسف الشاهد اليوم، بل تكون بالرعاية الفعلية لشؤون الناس وحاجاتهم الأساسية، وعلى رأسها رعايتهم الصحية
هذه الجرائم وغيرها هي نتيجة التوجه الليبرالي الرأسماليللدولة كسياسة عامة الذي يدافع عنها رئيس الحكومةدفاعا عن مصالح الأغنياء بما يتناسب مع قرارات البنك والصندوق الدوليان وسياسات الأمم المتحدة،ويزعم أنّه اختارها رغم ما فيها من قرارات مؤلمة لينقذ البلاد فإذا نظامه يجعلها رهينة للشركات الأجنبيّة ويقتل ولدانها بالجملة.
ما وراء الفاجعة
-
تكشف زيف السياسات التي يروّج لها الوسط السياسيّ برمّته، سواء الذين في الحكم أو المعارضة،
-
وتكشف حجم الفاجعة الرهيبة الذي تنتظر البلاد. اليوم قُتل أطفال رضّع فماذا ينتظرنا غدا؟؟؟؟
-
وتكشف وحشيّة الذي يقف وراء هذه الفئة الحاكمة، المستعمر الذي انقضّ على تونس التي انطلقت منها الثّورة على أنظمة الوصاية الاستعماريّة ليعاقب أهلها على ثورتهم، إنّ هذا المستعمر يعاقب الشعب التونسيّ برفع كلفة الثورة وجعل ثمنها بعضا يدفعه من كرامته وقوته بل بأرواح أبنائه يقتلهم نظام فاجر جائر.