محمد بن سلمان والصراع الإنجلو أمريكي في اليمن
توقع الكاتب البريطاني الشهير “ديفيد هيرست”، بحدوث خلافات بين محمد بن زايد ومحمد بن سلمان في عدد من ملفات المنطقة، بعد نجاح الأخير في تنحية محمد بن نايف من طريقه نحو عرش السعودية، ومبايعته وليًا لعهد أبيه سلمان بن عبد العزيز.
توقع الكاتب أن يتخلى بن سلمان بعد أن أصبح وليًا للعهد عن الرئيس “هادي” حسب اتفاق مسبق كما يقول: “إن ابن سلمان أبلغ شقيق ابن زايد أنَّه سيتخلَّص من هادي بمجرد أن يصبح وليًا للعهد، ويحل محله خالد بحاح، المُقرَّب من الإمارات، وسيبدأ بعد ذلك هجومًا شاملا ضد التجمُّع اليمني للإصلاح، الفصيل المرتبط بالإخوان المسلمين في اليمن” (الصباح اليمني).
وقد قال المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر”، إنه “ناقش مبادرات جديدة للمضي قدمًا في عملية السلام مع الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية، جان باتيست ليموين”.
وأضاف المبعوث الدولي أنه عقد لقاءات مثمرة مع العديد من كبار المسؤولين الفرنسيين في قصر الإليزيه، ولم يتحدث ولد الشيخ عن مضمون تلك المبادرات.
فيما تناقلت بعض المواقع الإعلامية في اليمن تسريبات نشرت ما يوحي بالكشف عن صيغة لاتفاقية سياسية جديدة بين بعض الأطراف اليمنية المتصارعة تعيد رسم خارطة التحالفات السياسية اليمنية وتمكين خالد بحاح رجل الإمارات بالدرجة الأولى من مقاليد الأمور في اليمن ليعود نائبا للرئيس هادي الذي سيظل رئيسا رمزيا بلا صلاحيات حتى إجراء الانتخابات. وبحسب المصادر فإن التسوية السياسية تهدف إلى إعادة إنتاج نظام علي صالح بشكل جديد وإقصاء حزب التجمع اليمني للإصلاح.
إن التغييرات السياسية التي حصلت في السعودية والتي أطاحت بمحمد بن نايف من ولاية العهد ليحل محله محمد بن سلمان الذي كما قال الرئيس الأمريكي ترامب عنه إنه لا يتردد في القيام بما يطلبه منه، حيث إنه يقوم بالدور المرسوم له أمريكياً كالخادم المطيع، فهو بالتأكيد سيقوم بتنفيذ ما تريده أمريكا في الخليج واليمن بالذات، فها هو يفتعل أزمة مع دولة قطر خدمة للأجندات الأمريكية ويحاول لفت أنظار العالم عما يدور في اليمن ويجعل من (الإرهاب) ومكافحته هو أولى الأوليات لديه خاصة تلك الجماعات التي ترعاها قطر كالإخوان وحماس أو إخوان اليمن… كل ذلك ليجعل هؤلاء يرتمون في حضن أمريكا ويسيرون في مخططاتها، وقد جاءت أزمة قطر امتحانا لحزب الإصلاح الذي تقيم قياداته في السعودية والذي جعلته الضغوط الأمريكية في السعودية يتبرأ من الإخوان سابقا ويصدر البيانات ليقول إنه لا تربطه علاقة بتنظيم الإخوان، ثم جاءت الأزمة مع قطر فأحرجتهم وجعلتهم يؤيدون مزاعم السعودية وسياساتها، وهي سياسات أمريكية وذلك ليس خافيا على أحد، لقد بين حزب التحرير أهداف الحرب التي تشنها السعودية على اليمن بأنها حرب في ظل الصراع الإنجلو أمريكي في اليمن وليست حربا طائفية سنية-شيعية؟! حرب باطنها عكس ظاهرها، فهي أتت لتنقذ الحوثيين الذين يحظون بدعم أمريكا لهم، أمريكا التي تصرح أن الحوثيين جديرون بمحاربة ما تسميه بــ(الإرهاب)، وتسعى لإشراكهم في حكم اليمن بعد أن تمددوا وفشلوا سياسيا في إدارة البلاد لتأتي الحرب وتصورهم على أنهم أصحاب مظلومية!! أمريكا تلك التي لم تدرجهم ضمن قائمة (الإرهاب) وهي التي تطلب من حكام السعودية محاربته فيطيعون أذلة بينما لا يستطيعون التصريح بأن الحوثيين الذين يحاربونهم إرهابيون، بل قالت إنهم جيران لها، مع أنهم وصلوا للحكم عبر السلاح وانقضوا على حكومة الشراكة المزعومة بينهم وبين عملاء الإنجليز هادي ومناصريه ولم يكن لأمريكا أن تدين أعمالهم مجرد إدانة!!
وها هي الأمور تتكشف أكثر فهادي ومناصروه ليسوا إلا كرتاً في نظر السعودية تستخدمهم وتحارب بهم لتحقيق مصالح سيدتها أمريكا التي تحاول تثبيت مبادرة جون كيري وتعديل بعض بنودها لذر الرماد في العيون بعملية إخراج دراماتيكية خادعة، إن بريطانيا لن تعول كثيرا على جناح هادي ومناصريه – خاصة أن أغلبهم من حزب الإصلاح – فيما يسمى بالشرعية للحفاظ على مصالحها، وهي ترى أمريكا تتهمهم بــ(الإرهاب) وتقوم بتصوير المناطق التي تحت سيطرتهم أنها مناطق عمليات عسكرية لها ضد (الإرهاب) كشبوة والبيضاء وأبين، وها هي أمريكا ما زالت كل يوم تقصف هناك حتى في مأرب لتقول إن مناطق نفوذ الشرعية بقيادة هادي ليست آمنة وتلفت أنظار العالم أن مناطق سيطرة الحوثيين ليس فيها (إرهاب) وهي آمنة!
وقد صنفت الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء 21 حزيران/يونيو الماضي عدداً من المجالس السياسية بمحافظتي حضرموت وأبين ضمن قوائم المنظمات (الإرهابية) لديها.
وذكرت الوزارة أن عددا من أسماء هذه المجالس بينها أبناء أبين وأبناء حضرموت وأبناء لجنة حضرموت ومجلس مدن حضرموت ومجلس حضرموت الوطني تنظيمات (إرهابية) فيما لم تشر للمجالس الحراكية الانفصالية بذلك!!
أما الإمارات فهي تلعب دورها المرسوم لها من قبل الإنجليز في السيطرة على المناطق في الجنوب ثم تعمل على محاولة تدوير الحكم لجناح علي صالح وابنه مسايرة لأمريكا والسعودية في مكافحة (الإرهاب) ولو على حساب جناح هادي -الذي تريده أن يعود لحضن جناح علي صالح – حيث تعمل على إقناع أمريكا والسعودية بتفضيل جناح علي صالح والحوار معه وإعادة أحمد علي صالح لليمن ليشارك في حل الأزمة اليمنية في ظل شراكة الحوثيين، وفي هذه المطالب والسياسات للإمارات ربما يقع الخلاف بينها وبين السعودية وسيدتها أمريكا كما وقع بخصوص ملفات أخرى في الجنوب لكنها حلت ولو مؤقتا؟!
لقد أصبح المناصرون لهادي وبالأخص السواد الأعظم منهم وهم حزب الإصلاح بين فكي كماشة الضغوط الأمريكية السعودية الحوثية، وفي الأخير لا بد لهم من مسايرة ما تعمل أمريكا من أجله ولو على حساب ما يسمى بالشرعية!
هكذا حينما يغيب الوعي السياسي الذي ينطلق من العقيدة الإسلامية الذي في ضوئه يتجنب المسلمون شراك أعدائهم ومخططاتهم فلا يكونون بوقا وأداة لكل ناعق، فهل وعى أهل اليمن حقيقة المخططات الاستعمارية ونفضوا أيديهم من العمل مع حكام عملاء وممن يعمل معهم، ثم عملوا لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مع حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله؟!
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي