معركة القضاء في تونس وضرورة تعديل البوصلة

معركة القضاء في تونس وضرورة تعديل البوصلة

مقدمة
المجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية “ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية”، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء، أو هكذا يفترض أن يكون، ولكن الملاحظ أن الدستور نفسه الذي اعتبر أحسن دستور بعد دستور المدينة، لم يمنع تأويل الفصل 80 من قبل رأس السلطة لتنفيذية، ليصلنا بنا إلى منحدر 25 جويلية بعد عشر سنوات من التجاذبات السياسية والتوافقات المغشوشة والصراعات الشكلية على السلطة بين أحزاب متناحرة، صارت مستهدفة ومستباحة من قبل الرئيس الذي سحب البساط من تحت أقدامهم وأعلن الحرب على الجميع، ليقود بنفسه مسار الثورة المضادة باسم: “الشعب يريد”.
الرئيس والمجلس الأعلى للقضاء: الحلّهو الحلّ
من مقر وزارة الداخلية وفي ساعة متأخرة من ليلة السبت 5 فيفري 2022، أعلن الرئيس قيس سعيّد الأحد حلّ المجلس الأعلى للقضاء معتبرا أنه يخدم اطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام، كما ورد في تسجيل فيديو نشرته رئاسة الجمهورية.
وقال سعيّد خلال هذه الزيارة أمام إطارات وزارة الداخلية: “ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي”، مشيرا إلى أن “هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب بل ويتم وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات”.
تأتي هذه الزيارة تزامنا مع الذكرى التاسعة لاغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، حيث فتح القضاء تحقيقا في الغرض ولم يصدر أحكامه في القضية إلى اليوم، في ظل التجاذبات السياسية والصراعات الشكلية على الحكم. وقال سعيّد في هذا الصدد: ” للأسف تم التلاعب بهذا الملف من قبل عدد من القضاة في النيابة والمحاكم”.
ولم يتمالك الرئيس نفسه في سياق تجييش أنصاره ليصنع الحالة الاستثنائية من جديد، حيث ضرب بإجراءات الحجر الصحي عرض الحائط ودعاهم إلى التظاهر بكل حرية دون الالتحام مع الأمن في تناقض صارخ مع البلاغ الصادر عن الداخلية في نفس اليوم والذي يؤكد استمرار منع التجمعات.
وهكذا، يحافظ الرئيس قيس سعيد على حالة الانقسام التي صنعها منذ تجميد البرلمان، ليصبح الحل في دستور جديد ثم مجلس قضاء جديد على مقاس الحاكم الجديد، لا على مقاس الحكام السابقين. وبالتالي يصبح الحلّ لديه، هو حلّ كل المؤسسات الدستورية السابقة، وتشكيل مؤسسات دستورية جديدة بناء على دستور جديد يستجب إلى تطلعات الرئيس، وهذا كلّه تحت شعار: “الشعب يريد”.
فخلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء الخميس 10 فيفري 2022، تم التداول في مرسوم يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء ويقضي بحل المجلس الحالي وتعويضه بمجلس آخر.
وقال سعيد ”ليكن الأمر واضحاً أن هذا المجلس سيتم حله بمقتضى هذا المرسوم، وتعويضه بمجلس آخر ولا مجال للتشكيك في هذا الخيار، لأن تونس يجب أن تُطهر، الشعب التونسي يريد تطهير البلاد، ولا يمكن تطهير البلاد إلا بتطهير القضاء، هذه المسألة حيوية والبعض من المفترين والمشككين يريدون أن يقرؤوا بين السطور ولكن ليقرؤوا بين اللوبيات التي تحركهم”.
وأضاف سعيد قائلاً ”المجلس الحالي انتهى وسيتم تعويضه بمجلس آخر”، وأوضح رئيس الجمهورية أن “قضية العدالة في تونس طرحت منذ زمن بعيد”، مؤكداً أن “الوظيفة القضائية في الظاهر مستقلة، ولكن في الواقع هي امتداد”، وتابع “القضاة لهم وظيفة في إطار الدستور وعليهم فقط أن يطبقوا القانون فقط بكل حياد على الجميع”.
التأكيد على استقلالية القضاء، ادعاء زائف
وهكذا، يمضي الرئيس قيس سعيد، ليؤكد في أكثر من مناسبة على ضرورة استقلالية القضاء، نافيا كل التهم الموجهة إليه حول وضع السلطة التنفيذية يدها على القضاء، رغم كل صرخات التهديد والوعيد التي أطلقها ضد القضاة من مقر وزارة الداخلية نفسها، في دلالة رمزية واضحة تغني عن كل تعليق، وتنسف نظرية الفصل بين السلطات الثلاث التي يتشدق بها جميع الحكام السابقين واللاحقين، لتُجمع كلها في يد جهة واحدة تضع قيس سعيّد كواجهة لهذا الحكم الاستبدادي، وتدفع الأمن والجيش للانخراط في هذا المسار الذي استوجب تركيع القضاء، حتى تكتمل أركان الحكم الاستبدادي المطلق، بل حتى يتم إخماد جذوة الثورة بشكل نهائي، إرضاء لدول ما وراء البحار.
وإزاء قلق الدول السبع المزعوم، حول هذا المسار الذي ترعاه سفاراتها على أعينها، وقلق الأمم المتحدة أيضا الذي يذكرنا بقلقهم المزعوم أثناء غزو أفغانستان واجتياح العراق وقتل أطفال غزة، فإن الردّ المحلي ماض في سياق صناعة زعامة وهمية لرئيس يبدو وكأنه يتحدى دول العالم أجمع من أجل إحلال ديمقراطية على مقاسه، بل على خطى “مونتاسيكو” كما صرح بذلك أكثر من مرة.
فقد كشف وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي أسباب قرار الرئيس قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، مشيرا إلى أن “هذه الخطوة تأتي في إطار مواصلة تصحيح المسار الديمقراطي”.
حيث استقبل الجرندي سفراء “مجموعة السبع” المعتمدين في البلاد إضافة إلى ممثلة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان لاطلاعهم على حقيقة الأسباب التي دفعت سعيّد إلى اتخاذ قراره هذا.
وقال الجرندي إن “المسار الديمقراطي في تونس واحترام حقوق الإنسان والحريات خيارات لا رجعة فيها ولا تراجع عنها”، مؤكدا أن “النظام القضائي العادل والمستقل يشكل أحد الأعمدة الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وضمانة للحقوق والحريات وتحقيق المساواة بين جميع المواطنين دون أدنى تمييز أمام القانون وأمام العدالة”.
وأوضح أن “حل المجلس الأعلى للقضاء يندرج في إطار مواصلة تصحيح المسار الديمقراطي الذي انطلق في 25 يوليو 2021 عملا بأحكام الفصل 80 من الدستور ومقتضيات المرسوم الرئاسي عدد 117 بتاريخ 22 سبتمبر 2021”.
ولفت إلى أن “التدابير الاستثنائية جاءت كإعادة تنظيم مؤقت للسلطة، وأن الإجراءات التي طالت كلا من البرلمان والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمجلس الأعلى للقضاء لا تستهدف وجود المؤسسات في حد ذاتها وإنما طريقة تسييرها وافتقارها إلى الحوكمة، مما أضعف مصداقيتها لدى الرأي العام الوطني والدولي وأثر في نجاعتها وانعكس سلبا على صورة تونس بالخارج”.
وتابع أن “العديد من الانتقادات وجهت للمجلس الأعلى للقضاء سواء من حيث تركيبته أو من حيث صلاحياته، من قبل العديد من القضاة وحتى من قبل عديد الشركاء الدوليين بما فيهم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي أقرت في بيانها الصادر هذا اليوم بالنواقص والثغرات التي تعتري النظام القضائي وضرورة إدخال الإصلاحات اللازمة عليه”.
واعتبر أن “ما أعلن عنه رئيس الجمهورية حول حل المجلس لا ينطوي بأي شكل من الأشكال على إرادة للتدخل في القضاء أو وضع اليد عليه، وإنما يندرج في مسار إصلاح المنظومة القضائية والمضي قدما على درب تعزيز استقلالية القضاء وتجاوز ما شابه من إخلالات والنأي بالمرفق القضائي عن التسييس الذي تسبب في العديد من الأحيان في تعطيل مسار العدالة والبت في قضايا هامة على غرار اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد الإبراهمي”.
وشدد على أن سعيّد “أكد مرارا عليه أنّ القضاء التونسي يضم في غالبيته قضاة شرفاء، يراعون في مهامهم ضمائرهم واحترام القانون ومقومات العدالة التي على أساسها يقوم بنيان المجتمع وبدونها تختل مرتكزات النظام الديمقراطي الذي يرنو إليه جميع التونسيون لتحقيق الحرية والكرامة الوطنية التي طالبوا بها”.
بعبارة أخرى، فإن كل حاكم يمسك بزمام الأمور، يحتكر النطق باسم الديمقراطية ويعتبر أنه رمز النظام الديمقراطي، وأن من سواه يعتمد على الولاءات، حيث لم تختلف هذه التبريرات الواهية من قبل وزير خارجية قيس سعيد، عن نفس تلك التبريرات في عهد بن علي، بل من مساوئ الصدف أنها تأتي من نفس وزير خارجية بن علي عثمان الجرندي. وهكذا، يتم استجلاب قضاة موالين للسلطة الجديدة باسم الحفاظ على استقلالية القضاء، ولكنها في الحقيقة استقلالية عن الوسط السياسي القديم، وتمهيد لوضع السلطة التنفيذية يدها على القضاء قصد تركيعه لإرادتها، من أجل تحقيق مسار العدالة الانتقامية التي تحمل الفشل للإسلاميين وتعاقبهم على ذلك، وتنقذ النظام الفاسد الفاجر من تهم الإجرام في حق هذا الشعب المقهور المغلوب على أمره، تزامنا مع إغراقه في بحر من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.
كشف ونسف أكذوبة استقلال القضاء
من المعلوم أن مسألة الفصل بين السلطات تعد من أبرز ما أسس له مونتيسكيو في كتابه “روح القوانين”، ففكرة فصل السلطات التي هي هيكل الدولة المدنية العلمانية هي فكرة غربية بحتة. وقد ظهرت هذه الفكرة مع ظهور فكرة الدولة المدنية التي هي مضادة لمفهوم الدولة الدينية الغربية. فظهورها كان ردة فعل على حصر السلطات في يد الحكام المستبدين في أوروبا من ملوك وأباطرة.
لقد ظن بعض المفكرين السياسيين الغربيين بأن الاستبداد سببه حصر السلطات أو حصر صلاحيات الحكم في يد الحاكم. وبرغم تقرير مبدأ الفصل بين السلطات في أغلب دساتير الدول الغربية، لكن التطبيق العملي لهذا المبدأ على مستوى الحكم الواقعي أثبت استحالة الفصل المطلق بين السلطات الثلاث؛ مما جعل من المبرَّر واقعيّاً حدوث تداخلات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فالسلطة التنفيذية تريد سن قوانين وتنفيذ قرارات معينة تراها مصلحة عند رعاية شؤون الناس، وربما السلطة التشريعية ترى خلاف ذلك. فيحدث تصادم بين السلطتين ربما يؤدي إلى شلل في عمل الحكومة أو استقالتها أو تقود الحكومة دعوات حلّ البرلمان.
ولذلك قاموا بالتحايل على الأمر فجعلوا تشكيل الحكومة من الأكثرية البرلمانية حتى يساعدها ذلك في سن القوانين أو التشريعات واتخاذ القرارات عندما يصوت حزب الأكثرية وهو حزب الحكومة لصالح تشريعاتها وقراراتها. فأصبحت السلطة التشريعية متوافقة أو متواطئة مع السلطة التنفيذية، فلم تعد هناك استقلالية ولا انفصال بين هاتين السلطتين بل أصبحتا متحدتين، فعندئذ تستصدر السلطة التنفيذية التشريعات والقوانين بسهولة ويسر لدى السلطة التشريعية، أي إن البرلمان يشرع للحكومة ما تريد ويقر قراراتها ويوافق على سياساتها؛ لأن هاتين السلطتين أصبحتا مشكَّلتين من حزب الأكثرية أو من عدة أحزاب شكلت الأكثرية. وهذه الأكثرية تخضع بدورها لسلطة رؤوس الأموال، بحيث لا يشرع ولا ينفذ إلا ما يخدم مصالح أباطرة المال والأعمال، ليصبح السياسيون والبرلمانيون مجرد بيادق وواجهة لتحكم رؤوس الأموال في الشعوب، وهذا صار واقعا محسوسا ملموسا في بلاد الغرب، فضلا عن بلاد الإسلام.
وبهذا التحايل، انتفى فصل السلطات في الواقع بشكل عملي. وهذا دليل على تناقض النظرية أو الفكرة مع الواقع في موضوع فصل السلطات وعلى عدم إمكانية فصل تلكما السلطتين عن بعضهما، وإلا لا يمكن تسيير أعمال الدول وشؤون الناس. ويدل ذلك على مدى التحايل والخداع للشعب بأنه يحكم، وأن ممثله البرلمان يشرع وهو مستقل عن الحكومة، فدلَّ كل ذلك على أن تقديسهم لفكرة فصل السلطات ما هو إلا تقديس زائف.
ولعل الانبهار بما لدى الغرب من نظم ديمقراطية، جعل البعض يصرخ بأعلى صوته مناديا بديمقراطية حقيقية، وعيش وحرية، وشورى، ومدنية، وفصل بين السلطات لمنع الاستبداد، وشريعة إسلامية، فتراهم يجمعون المتناقضات في سلة واحدة، وهم لا يرون تناقضهم مع أنفسهم! بل يرون أكثر من ذلك؛ أن الإسلام دين الديمقراطية، وأن الدولة في الإسلام تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات.
فلو أدرك هؤلاء بأن فصل السلطات شيء غير متحقق في الواقع وهو مخالف للواقع وأنه لا يوجد إلا سلطة واحدة يديرها شخص واحد حتى في أكبر الدول التي تدعي فصلا بين السلطات بينما هي في الواقع ليست كذلك، ولو أدركوا حقيقة كذبة الديمقراطية وحكم الشعب التي يدجلون بها على الشعوب، بينما من يحكم حقيقة هم أصحاب رؤوس الأموال، أصحاب السلطة الحقيقية، لو أدركوا ذلك لما قبلوا بالديمقراطية أو بفصل السلطات ولا نادوا بالدولة المدنية.
وفكرة الفصل بين السلطات لم تكن سوى ردة فعل على واقع الاستبداد والدولة الدينية التي لم تكن يوما موجودة في بلاد المسلمين، فما حصل في الغرب لم يحصل عندنا بل كان تاريخنا مشرقاً مختلفا عن تاريخهم المليء بالظلم والاستبداد والطغيان. فلم يحدث أن طالب المسلمون على مدى 13 قرنا بإسقاط الخليفة لأنه فرد واحد يحكم وأنه مستبد، لأن هذا الخليفة لم يكن مستبدا، فلم يحكم حسب هواه وحسب مصالحه بل حكم بما أنزل الله. وكل ما اعترضوا عليه هو إساءة تطبيق الإسلام أو ظلم الرعية أحيانا، فالخليفة في فترة الحكم العاضّ كان يرشح ابنه أو أخاه أو أحد أقاربه حتى يبايع على الخلافة من بعده بحجة المحافظة على وحدة الدولة ومنعا لاختلاف الناس من بعده والحيلولة دون الفتن. مع العلم أن الإسلام يعطي الحق للأمة لتختار وتبايع من تريد سواء ابن الخليفة أو أحد أقاربه أو أي شخص آخر من بينها يحوز على الأهلية. ومن هنا كان الاعتراض والمحاسبة، فالأمة كانت تدرك أن الشرع قد أعطاها السلطان وفرض أن تكون البيعة عن رضا واختيار، ولم يكن الاعتراض على دمج السلطات الثلاث وأن هذا الدمج يجعل من الخليفة مستبدا؛ ذلك لأن الإسلام شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعله واجبا على الأمة والأحزاب والجماعات، وأمر الأمة باللجوء لمحكمة المظالم إن قصر الحاكم في رعايتها أو ظلمها، بل وأمرها بالخروج على الحاكم إن هو أظهر الكفر البواح.
ولم يكن هناك أبدا فصل بين السلطات في الدولة الإسلامية، فبالنسبة لـ”سلطة التشريع” فقد كانت لله ولرسوله؛ وبعد انتقاله ﷺللرفيقالأعلى،حلمكانهالخلفاءالراشدون،ولكندونأنيكونلهمحقالتشريع. وراحالعلماءوالفقهاءيجتهدونويُعْملونفكرهمويستنبطونالأحكاممنالنصوصالشرعية،والخليفةيتبنىحكمامنهذهالأحكام،وقديستنبطهاهوإنكانمجتهدا.
أما بالنسبة لـ”سلطة القضاء” فقد كانت مستقلة ومتميزة؛ واستقلالها ليس بالمعنى المقصود في الفكر الغربي، فالقضاء في الدولة الإسلامية محكوم بالعمل بالنصوص الشرعية، وهو مجرد مخبر بالحكم على سبيل الإلزام، والخليفة عندما كان يعين الولاة ويعين إلى جانبهم القضاة، لم يكونوا تابعين للولاة بل للخليفة مباشرة، مع مراعاة أن تبعيتهم للخليفة لا تعني أن للخليفة سلطاناً على القضاة، فهو والقضاة تحت سلطان الشرع. والخليفة أو أي حاكم في الدولة أو أي نائب يحاكم أمام محكمة المظالم فورا، وليس لقراراته أية حصانة إلا أن تكون مستندة للدليل الشرعي.
وخلاصة القول، أن القضاء يجب أن يكون قائما على أساس التشريع الإسلامي، لا على أساس الدساتير الوضعية التي تصنعها دوائر الاستعمار أو القوانين التي تسنها برلمانات التشريع من دون الله، وعليه فإن الدولة النموذجية التي يجب أن يسعى لها المخلصون من أبناء الأمة وفي مقدمتهم شرفاء الأمن والجيش والقضاء، هي التي تكون على منهاج النبوة أي خلافة راشدة، كما قال رسول الله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي»؛ لأنها النظام الذي ارتضاه الله لهذه الأمة، ولقد بان للجميع عوار أنظمة الحكم الديمقراطي وانكشف غطاء العلمانية، فلم تجنِ الأمة من وراء تلك الأنظمة سوى التخلف والذل حتى صرنا في ذيل الأمم، ولن يعيد للأمة مكانتها ويرفع عنها الذل والمهانة سوى نظام الإسلام. فلمثل هذه الدولة يجب أن يعمل المخلصون من أبناء الأمة، ولمثل هذه الدولة يجب أن يحشد الإسلاميون الملايين، لتهتف ملء قلوبها “الشعب يريد خلافة من جديد”، ولمثل هذه الدولة يجب أن نتحدى الدنيا بأسرها، بعيدا عن هرطقات حكام الملك الجبري وزعاماتهم الوهميّة.

المهندس وسام الأطرش

CATEGORIES
Share This