مع الحديث الشريف – خذلان المسلم المسلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في اطلالة جديدة “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ عِرْضُهُ إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَتُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ”. الحديث رواه أبو داود وهو حسن.
شرح الحديث
وعن جابر – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من امرئ مسلم يخذل): بضم الذال (امرأ مسلما في موضع ينتهك): بصيغة المجهول أي: يتناول بما لا يحل (فيه) أي: في ذلك الموضع (حرمته) أي: احترامه وبعض إكرامه، ورواية الجامع الصغير من حرمته، ولعله هو الصواب في الرواية كما تقتضي الدراية من حسن المقابلة إلا أن في الجامع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، ولا يخفى أن ترتيبه أيضا هو الأنسب; ليكون تعميما بعد تخصيص، وهو المطابق لما سيأتي في الفقرة الثانية فعكس في ترتيب المشكاة هنا بقوله: (وينتقص فيه من عرضه): بصيغة المجهول من الانتقاص وهو لازم ومتعد، والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته أو إهانته أو ضربه أو قتله ونحوها. (إلا خذله الله تعالى في موطن يحب) أي: ذلك الخاذل (فيه) أي: في ذلك الموطن (نصرته) أي: إعانته سبحانه، ويجوز أن تكون إضافته إلى المفعول، وذلك شامل لمواطن الدنيا، ومواقف الآخرة. (وما من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضع ينتقص من عرضه وينتهك) أي: “فيه” كما في نسخة مطابقة لرواية الجامع. (من حرمته) أي: من بعض احترامه من لوازم إكرامه (إلا نصره الله في موطن): فيه تفنن بالعبارة، ورواية الجامع في الموضعين بلفظ: موطن. (يحب فيه نصرته): ولعل هذا مقتبس من قوله تعالى: جزاء وفاقا وقوله عز وجل: من يعمل سوءا يجز به (رواه أبو داود). وكذا أحمد والضياء عن جابر وأبي طلحة بن سعد.
ومن الأحاديث الدالة على هذا الموضوع:
فعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وأحمد.
ومن الآيات الكريمة الدالة على هذا الموضوع:
قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ [آل عمران: 156].
فقد أمر الله المؤمنين بقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]. وقال سبحانه: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]. وفي الآية الأخرى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
فكيف لنا بعد هذا كله أن نخذل إخوة لنا ونتركهم فريسة بيد أعداء الإسلام والمسلمين؟!.إن الله ورسوله قد أوصانا بهذا الأمر وعلينا نحن المسلمون أن نلتزم به ونسير على هذا الطريق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.