مع الحديث الشريف – كيف ينظر الله سبحانه للعباد؟
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ لا ينظرُ إلى أجسادِكُم، ولا إلى صورِكُم، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأشارَ بأصابعِهِ إلى صدرِهِ”. رواه مسلم.
إن الله ينظر إلى قلوبنا، أي إلى إيماننا ووعينا وديننا وأخلاقنا وفعلنا ونيتنا، لا إلى أجسادنا، فالنظر هنا نظر المحبة، نظر ما يريده الله سبحانه وتعالى منا، نظر الرضا علينا بعد أن نكون قد التزمنا بشرعه، وليس نظر المراقبة والإدراك، فهو سبحانه بكل شيء عليم، لا تخفى عليه خافية، فالعبرة في الحديث ليست في الأجساد وجمالها، وليست في الأموال وكثرتها، وليست في الأنساب وعراقتها، بل العبرة في الإيمان والأعمال والثواب والعقاب عليها، فقد ذم الله سبحانه وتعالى جمال الأجساد لقوم لا ترجى منهم فائدة، فقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)، بل ووصفهم بالأخشاب المسندة (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ)، فأجسادهم قوية رصينة وطويلة، ولكن لا تنفع لتسند جدارا أو لترفع سقفا، وكما وصفهم الشاعر:
لا بأسَ بالقوم من طُول ومن غلظ *** جسمُ البغال وأحلام العصافير
أيها المسلمون:
وعلى ذلك، فقد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن التفاضل بين الناس ليس بصورهم ولا بأجسادهم، ولكن بما وقر في قلوبهم من إيمان بالله، وبالتزامهم بأحكام الشريعة وبخوفهم من الله، فها هم المسلمون يذبحون ويقتلون في أصقاع الأرض من قبل حكامهم وأعدائهم، لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، لأنهم يقولون ربنا الله، ها هم الكفار يفتنون المسلمين عن دينهم، ها هم الكفار يحاربون الإسلام والمسلمين عن قوس واحدة، ها هي الأمة تذبح من الوريد إلى الوريد صباح مساء، فأين من يعمل لإنقاذها من هذه الحرب الشعواء؟ أين من يعمل لتغيير هذا الواقع المرير؟ أين من يعمل لإعادة دولة الإسلام، خلافة المسلمين الثانية الراشدة على منهاج النبوة، التي تعيد الحق لأهله، وتضيء الكون نورا بأحكام الله رب العالمين؟ هنا محل نظر الله، هذا معنى (ينظر إلى قلوبكم)، فصحابة رسول الله كان فيهم بلال الحبشي، وهو عبد أسود، لكن الله نظر إلى إيمانه لا إلى جسده، فكان من أهل الجنة، قال عليه الصلاة والسلام: يا بلال: (إني أسمع خشخشة نعليك في الجنة).
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.