صنّفت منظمة الصحة العالمية انتشار فيروس كورونا المستجد كوباء عالمي.وقال رئيس منظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن عدد الحالات خارج الصين ارتفع بـ13 ضعفاً خلال الأسبوعين الماضيين.
وتوضح الإجراءات المعمول بها أن “الوباء العالمي” هو مرض ينتشر في عدد من الدول حول العالم في الوقت نفسه.ومع ذلك، قال د. تيدروس إن تسمية المرض بوباء عالمي لا يعني أن منظمة الصحة العالمية ستغير نصيحتها بشأن ما يجب على الدول أن تفعله.ودعا الحكومات إلى تغيير مسار المرض عبر القيام بإجراءات طارئة وحازمة مشيرا إلى ان عدداً من الدول أظهرت أنه بالإمكان قمع الفيروس والسيطرة عليه.
إن التصدي لهذا الوباء يقتضي تفعيل منظومة الرعاية على جميع الأصعدة، وقد حصّنت منظومة القيم في الإسلام المجتمع بتلك المنظومة الرعوية التي تضع المسؤولية على الجميع كل في موقع رعايته، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
إن الوضع في الأرض المباركة فلسطين له خصوصيته، فاحتلال كيان يهود يحدّ من الإمكانيات الطبية والإجراءات التي تتطلب سيادة حقيقة على الحدود والمعابر والعلاقات مع الدول، لذلك فإن الجهد الحقيقي يجب أن ينصب على الوقاية من المرض ومحاولة منع انتشاره وتفعيل كل الإجراءات التي تخدم هذا الهدف الذي يجب أن يتحمل الجميع فيه مسؤوليته؛ فالكل يجب أن يتعامل بجدّية للعمل على الوقاية من المرض ومنع انتشاره أساسا، فانتشار المرض لا سمح الله يضع أهل فلسطين خاصة أمام تحدٍ كبير ومشكلة تحتاج لإمكانيات كبيرة، فالجهود يجب أن تصب وبجدية كبيرة على عدم انتقال المرض وانتشاره في فلسطين من الأساس، وهذا يتطلب من أهل فلسطين اتباع التعليمات الصحية المعمول بها عالميا ومحليا لمنع انتشار المرض والتعامل مع التعليمات بجدية فائقة، فالإسلام يفرض علينا المسؤولية الحقيقة في التعامل مع هذه الأوبئة.
إن كافة التعليمات الصحية الموجهة نحو منع انتشار المرض في متناول اليد والتقيد بها يؤثر ايجابيا في منع انتشاره وعدم فتح الباب لهذه الجائحة لتدخل كل بيت وتصيب نسبة كبيرة من أهل فلسطين لا سمح الله .
لذلك فإنه من الواجب على أهل فلسطين التقييد بكل التعليمات الصحية الوقائية التي تحد من انتقال المرض وانتشاره.
وعلى ضوء ذلك يجب الأخذ بالاعتبارات التالية:
1. ضرورة الالتزام بالتعليمات الطبية الخاصة بأخذ الاحتياطات من حيث التعقيم وغسل الأيدي والابتعاد عن المرضى أو من تظهر عندهم أعراض المرض أو السعال أو ارتفاع درجة الحرارة.
2. عدم مغادرة المنزل للأطفال والشيوخ وكبار السن واقتصار الاختلاط على دائرة ضيقة من العائلة، ومن يخرج لضرورة العمل فعليه اتباع التعليمات اللازمة باتخاذ كافة التدابير لمنع انتقال المرض له وعدم نقله لأهله ومن يعول، والتعقيم وغسل الأيدي قبل الدخول على الأهل والاختلاط بهم، فتلك مسؤولية عظيمة أمام أهل بيته.
3. الابتعاد قدر الامكان عن التجمعات واختصار المناسبات على أضيق نطاق ممكن والغاء ما يمكن الغاؤه.
4. عدم التقبيل والابتعاد عن المصافحة باليد قدر المستطاع .
5. الالتزام بالحجر الصحي لمن أصابه المرض ..فالالتزام مسؤولية شرعية.
6. عدم التنقل والسفر إلا لطارئ واتخاذ اجراءات الوقاية اللازمة.
7. الاجراءات والتعليمات الصحية الخاصة بمكافحة كورونا ومنع انتشارها ليست محل كفاح سياسي، فالكل مطالب بالالتزام بها.
8. عدم تناقل الاشاعات والأخبار غير الموثوقة، فالهلع والخوف يؤثران في مناعة المجتمع بشكل عام.
9. الاستعداد من أهل الخبرة والمال لتقديم المساعدة لأهل فلسطين في حال إنتشر المرض لا سمح الله.
إن الأمة الاسلامية اذ تواجه هذه الجائحة أو الوباء، فإنها تواجهه بالتوكل على الله والأخذ بالأسباب متسلحة بالصلة بالله والاتكال عليه والاستغفار واستحضار المفاهيم العقدية التي توجب على المؤمن التسليم بقضاء الله.. والمرض من قضاء الله تعالى، والبلاء يصيب الناس ليمتحن الله به إيمانهم، ونرجو الله أن لا يكون من عذابه وعقابه… وهدي النبوة دعوة الناس للاستغفار والقيام بالأعمال الصالحة والتداوي مع الاعتقاد التام أن الشافي هو الله تعالى.
إن الالتزام بوسائل الوقاية فيه أجر عظيم لمن استحضر هدى المصطفى عليه الصلاة والسلام في ذلك، فقد روى البخاري من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى عليه وسلم «لاَ تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ»، وعند أحمد في مسنده “فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ” ..وقال «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا» رواه البخاري
وسألت أمنا عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» رواه البخاري.
إن البشرية وهي تواجه هذا الوباء بأمس الحاجة للرعاية الحقيقية من دولة تقدم الرعاية والقيم الإنسانية على القيم المادية والربح، فالبشرية بأمس الحاجة لدولة الخلافة التي تجلب النور والرحمة للعالمين وتتعامل مع الأمراض على أنها قضية انسانية وليست قضية خسارة أو ربح مادي أو تنافس على المصالح فتقدم كل الإمكانيات لمعالجة الناس ومنع انتشار الأمراض.
إن جشع الدول الكبرى ليس له حدود وهي لا تقيم وزنا لحياة للناس وتنظر بمنظور اقتصادي مادي لكل ما يصيب البشرية… ومن يقصف الناس بالقنابل النووية واليورانيوم المنضب، وقنابل النابالم الحارقة لا يُرجى منه التعامل بجدية ومسؤولية في وباء عالمي كوباء كورونا … فحاجة العالم إلى الإسلام وإلى دولة الخلافة التي تحمي شعوب العالم من جشع الرأسماليين وتضع حداً لجشعهم ووحشيتهم حاجة ماسة توجب على الأمة العمل الدوؤب على اقامتها، فدولة الخلافة لن تكون عزاً للمسلمين فقط، بل ستكون منقذة للبشرية.