من الزيارات المفاجأة…إلى المكالمات المباغتة…
يبدو والله أعلم أن من جاءت بهم الانتخابات الأخيرة بشقيها التشريعي والرئاسي ,هوايتهم المفضلة إحداث المفاجآت ,فبعد أن قام أعضاء الحكومة بزيارات مكوكية وفجئية إلى مناطق عديدة من البلاد تكريسا لسياسة ذر الرماد على العيون والاستخفاف بالعقول.باغت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الجميع بتدخله يوم الاربعاء 4مارس2015مباشرة ودون سابق إعلام, على أمواج الاذاعة الوطنية ليخوض مع الخائضين في الوضع الكارثي الذي تعيشه ولاية جندوبة نتيجة الفيضانات الأخيرة وأول ما أتحفن به سي الباجي إخبارنا أن جندوبة جزء من تونس وأنها بالفعل تعيش وضعا مأساويا ثم أستدرك ونبه بنبرة فيها الكثير من الحزم والصرامة وتلوح منها هيبة الدولة كما يراها سي الباجي إلى عدم استغلال مشاكل الجهة وتهويلها…هنا من حقنا أن نسأل,ماذا لوما حدث لجندوبة كان قبل الانتخابات؟ هل سيكتفي قائد السبسي بتلك الكلمات الجافة والجوفاء؟ أم سيذرف دموع التماسيح كما فعل أثناء حملته الانتخابية لما زار منطقة الحلفاوين؟, حينها بكى وبحرقة في مشهد بورقيبي مثيرا لسخرية من غلاء الاسعار,وضعف المقدرة الشرائية لأهالي المنطقة,ولم يدع وقتها إلى عدم التهويل والاستغلال,بل بالعكس استغل خصاصة الناس وفقرهم لكسب أكثر ما يمكن من الاصوات وتاجر بهمومهم وشظف عيشهم من أجل أن ينتهي به المطاف بقصر قرطاج, ولما كان له ما أراد قلب لمن صوتوا له ظهر المجن ولم يشذ عن نهج من سبقه إلى الجلوس على كرسي الحكم .ألم ينتهي إلى مسامع فخامة الرئيس حجم الدمار الذي حل بالجهة وعدد الهكتارات التي أتلفتها المياه والخسائر الفادحة التي لحقت بصغار الفلاحين على وجه الخصوص ألم يعلم سي الباجي أن ما تعانيه جندوبة وغيرها من المناطق المسحوقة هو نتاج للدولة الحديثة التي طالما بشرنا بها؟ ألم يعلم المتيم بحب بورقيبة إلى حد الهوس أن زمن الحركات البهلوانية والشطحات الفلكلورية التي كان يقوم بها برقيبة ولى عهدها وانقضى؟ وما مكالمته التي باغت بها الاذاعة إلا ضرب من تلك المهاترات ولم تعد تنطلي على أحد.
ولم يباركها إلا زمرة من المتزلفين والمتملقين كما كان يحدث مع بورقية لما بلغ أرذل العمر.وفي مداخلته الحدث لم يفت رئيس الجمهورية شكر الاذاعة الوطنية والثناء على جهودها المبذولة في المواكبة الدقيقة لما يحدث في ولاية جندوبة (وكأنه يتحدث عن نقل مقابلة في كرة القدم( وربط الصلة بين الناس وبين سلطة الإشراف.وكما جرت العادة أطلق رئيس الجمهورية سيلا جارفا من الوعود أغرق بها أهلنا في جندوبة, الغارقين في وحل التهميش والتفقير لعقود طويلة,نتيجة سوء الرعاية واستقالة الدولة من مهامها ,ورمي البلاد من شمالها إلى جنوبها في جحيم الدول الاستعمارية والمتجسد خاصة في صندوق النقد الدولي..دول سبق للباجي قائد السبسي التبجح بصداقته لها والتسول على أعتابها علها تجود علينا بالفتات المغموس في الذل والمهانة بعد أن نهبت شركاتها خيراتنا وثرواتنا,يحصل هذا ونحن أمة كانت الشمس لا تغيب عن أرجاء دولتها لما كان لنا حكام خشوا الله وحكموا شرعه فدانت لهم رقاب الجبابرة, لم يكن فيهم من يرضى أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيلا …ولا من يستخف بعقول الناس ويبيعهم الأوهام……فبحيث كانوا رجالا أخلصوا لله ولرسوله وللأمة…
حسن نوير