من شعار” الشعب يريد إسقاط النظام” إلى شعار “الحرب على الإرهاب”

من شعار” الشعب يريد إسقاط النظام” إلى شعار “الحرب على الإرهاب”

قال تعالى في سورة إبراهيم:” ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال”

إنّ الثورة تمثل تعبيرة عن حالة الرفض التي يعيشها الناس إزاء نظام سياسي معين ولّد لديهم حالة من الاحتقان والامتعاض نتيجة فساد المعالجات وسوء الرعاية والظلم المستشري.

شهدت البلاد الإسلامية حراكا ثوريا انتقل من تونس إلى مصر إلى ليبيا ثم سوريا واليمن كالنار في الهشيم, ولا زال الحراك لم يثمر العنوان الذي حمله بعد, وهو إسقاط النظام بسبب تدخل الغرب بكل أدواته في هذه الثورات ليحقق بقاء هيمنته ونهبه لخيرات بلاد المسلمين, وذلك بإنفاذ نفس نظامه الرأسمالي الديمقراطي بتشكيلات وديباجة جديدة يعسر على عموم الناس التفطن إلى أحابيله وجزئياته، ولعلنا بهذا العرض البسيط نرى حجم المكر الذي مورس على أمة الإسلام ولنبدأ ب:

*سوريا: أين انطلقت ثورة الشام بنسق تصاعدي وبوتيرة ثابتة يرافقها وعي رهيب أفضى بسرعة قياسيّة إلى تحديد الغايات التي عبر عنها أهل الشام بكلمتين: “هي لله ،هي لله”, وبدؤوا في السعي إلى إسقاط النظام بكل أركانه وإقامة بديل حضاري من جنس عقيدة الناس: خلافة على منهاج النبوة…

هذا الأمر أقلق الغرب الكافر الذي سخر كل طاقاته ووظف كل عملائه وجند كل إعلامه حول العالم للحيلولة دون هذا الأمر, بل وصرف الأذهان قسرا عن تلك العناوين التي رفعت منذ بداية الثورة وإلى الآن, وعمّا تحمل معها من مفاهيم مزلزلة, وبالفعل نجح, فحول الصراع من صراع بين أهل الشام التواقين للخلافة والغرب وأعوانه، إلى صراع ضد الإرهاب, والقصد هو الإسلام, وبذلك نجح في تقسيم الثوار إلى موالين لمشاريعه سائرين في ركابه, أغدقت عليهم الأموال والأسلحة, ووصفوا بالمعتدلين، وإلى مناهضين له صنفوا بالإرهابيين, ليعلن عليهم حربا استئصاليه بغية إفنائهم ودفن مطامحهم.

*العراق: غير بعيد عن سوريا، نفس العنوان اشتغلت عليه إدارة “أوباما” وتواصله إدارة “ترامب” وجندت له الأدوات الرخيصة والعميلة كالعبادي والمالكي والحشد الشعبي الطائفي وإيران لتحيل العراق إلى بلد مدمَّر وأكثر أهله مهجرون مفقرون يعانون كل صنوف المعاناة، فيما تنهمك الماكينة الاستعمارية الصليبية بتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ.

*أما في اليمن السعيد: فقد تحولت الثورة على المجرم علي عبد الله صالح ونظامه العفن إلى كابوس ينذر بكوارث يعيشها ويراها ويحسها أهل اليمن بخمسين الف طفل يُصارعون الموت والمرض وقلّة الغذاء والإيواء, وبلد مدمّر لم يعُد يُرى منه غير الصحارى التي صنعتها أمطار القنابل من الجهتين المتصارعتين. هناك يتدخل العملاء ونواطير الغرب في الداخل والخارج طاعة لأوامر الأسياد وتنفيذا لقراراتهم وتتحول المعركة إلى صراع أجنحة: صراع بين الحوثيين المدعومين من إيران بأوامر أمريكية وبين السلطة القائمة المدعومة إنجليزيا, في حين تبقى الأدوات شرذمة من حكام البلد المنفذين لإرادة الغرب الصليبي الكافر..

*في ليبيا :لم يختلف الأمر ولم يبعد عن الأجندة العالمية المرسومة لباقي الدول, حيث كان العنوان البارز لرسم المخططات وتحديد الأهداف هو “الحرب على الإرهاب” فالجميع يرقص على أوتار هذا العنوان ويتخفى وراءه من كانت وجهته بريطانيا (السراج وحكومته) أو من كانت وجهته أمريكا (خليفة حفتر) ويعلن ليل نهار حربه على الإرهاب ليسوق البلاد والعباد إلى مصير رسمته القوى الاستعمارية ليجعلها لقمة سائغة وقصعة للأكل.

*أما مصر: فبعد إقصاء محمد مرسي عن الحكم والزج به في السجن من قبل عميل أمريكا “السيسي” فقد عمد هذا الأخير إلى تغذية الفوضى بخلق وضعيات ثم استثمارها في إطار الحملة الأمريكية لضرب الإسلام.

*وأخيرا في تونس: مهد الثورات وانطلاق شرارتها، فإن فشل الطغمة الحاكمة في رعاية شؤون الناس في مستواها الأدنى وزيادة مستوى الفقر والتهميش للرعية مع النهب والسرقة والمحسوبية لأرباب الحكم, زائد التفريط في ثروات البلاد للكافر المستعمر وتجديد عقود النهب لفائدة شركاته العابرة للقارات, وفتح البلاد على مصراعيها لكل ناهب وطامع.. كل ذلك دفع الناس للاحتجاج والثورة من جديد, وإلى اليوم وهم في حالة ثورة متواصلة في احتجاجات وحالات رفض يومية للوضع المعيشي والكيفيّة التي تدار بها شؤونهم, آملين في تغيير حقيقي.

هذا الحال دفع حكام ما بعد الثورة إلى محاولة إخماد هذه الاحتجاجات وكتم الأصوات والزج بالناس في السجون صونا لمصالح أولياء نعمتهم من القوى الغربية التي مكنتهم من رقاب الناس وذلك حفاظا على النظام الذي ثار عليه الناس …، حكام تمترسوا خلف مقولة “الحرب على الإرهاب” للتغطية على فشلهم وخيانتهم للناس، رغم علمهم اليقين أن بعبع الإرهاب،هذا، هو صناعة أمريكية حصريا، جرّت العالم خلفها،لبلوغ غاياتها في حربها المعلنة على الإسلام، رغم ما يرشح أحيانا من أفواه بعض المسؤولين السابقين والحاليين من أن العمليات الإرهابية التي اقترفت في تونس وراءها جهات أجنبية من حيث الإعداد والتمويل والأهداف وإن كان التنفيذ والضحايا من أبناء البلد ـ تصريح علي العريض إثر اغتيال بلعيد،أو تصريح  الناطق الرسمي السابق لوزارة الداخلية هشام المدب أن من يقوم بالعمليات الإرهابية هم أشخاص مدعومون من أطراف معروفة تمدهم بالسلاح والمعلومات، و أن من يقوم بهذه الأفعال ممولون من الخارج لإضعاف أطراف سياسية، وإزاحتها إذا كان عندها مخزون سياسي كبير، ولكن إزاحتها بطريقة مبتكرة كالإرهاب ـ .

خلاصة القول أن الثورات في الأمة قامت تعلن الحرب على المنظومة الرأسمالية الديمقراطية الفاسدة فتم التحايل عليها وتحويل وجهتها إلى الحرب على الإرهاب زورا وادعاء الكذب, ليحولوا إلى معاول هدم وضرب مباشر للإسلام.

كيف نصحح المسار ؟؟

ولتصحيح المسار نقول, إن الواجب في ذمة أمة محمد عليه الصلاة والسلام هو مواصلة الحراك ودفع منسوب الوعي لدى الأمة قويّها وضعيفها, حتى تنهض من جديد وتستأنف الحياة بالإسلام بإقامة الخلافة الراشدة التي بها يعز الإسلام وأهله ويذل الكفر وأهله فيسعد بها ساكن الأرض والسماء فلا تدع السماء من قطرها إلا أنزلته ولا الأرض من خيرها إلا أخرجته.

قال تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ } الأعراف 96- 99

علي السعيدي

CATEGORIES
TAGS
Share This