من لأوزباكستان، إحدى أخوات غزة؟

من لأوزباكستان، إحدى أخوات غزة؟

لعله ليس للجريمة التي أقدم عليها نظام المجرم “ميرزياييف” في أوزبيكستان بإعادته اعتقال 23 من أعضاء حزب التحرير من جديد والسير في إجراءات محاكمتهم على التهم ذاتها التي حوكموا عليها زمن الهالك الطاغية كريموف، وقضوا بسببها ما يقارب 20 عاما في السجن والتعذيب سابقة في أي بلد في العالم. حيث لم يؤثر أن هناك نظاما تجرأ على مثل هذه الشناعة مهما بلغ به طغيانه، أو ازدراؤه بالرأي العام في بلاده، واستهانته بمشاعر الناس الذين يحكمهم منه.. فالمتابع للشأن السياسي العالمي، والعلاقات التي تسود اليوم بين دوله، يدرك يقينا أنه لن تثير مثل هذه التصرفات الدنيئة، حفيظة أية جهة سياسية أو فكرية، دولا كانت أم منظمات “مجتمع مدني”، حين يكون ضحايا هذه الجرائم المقرفة مسلمون، ويزداد الأمر بداهة حين يكون انتماؤهم إلى حزب التحرير. هنا تسقط القواعد الأخلاقية والأعراف القضائية البديهية، ويسقط معها “مبدأ عدم محاكمة المتهم عن فعل واحد مرتين” والذي تنص عليه المادة 24 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: “لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برء منها بحكم قضائي وفقا للقانون والإجراءات الجنائية في كل بلد”، وإنه وإن كان لمثل هذه الشناعات أشباه ونظائر، فإن ذلك لم يكن إلا في البلاد الإسلامية كليبيا مثلا، حين أقدم صنو “كريموف” و”ميرزياييف” في الإجرام والحقد على الإسلام، وعلى حملة دعوته لاستئناف الحياة الإسلامية من شباب حزب التحرير، النافق “القذافي” في عام 1988، حيث جرّ على من بقي منهم على قيد الحياة، بإمضاء 15 عاماً خلف القضبان يقاسون كل أنواع العذاب، لتردفها لجنة الإفراج ب 15 عاماً أخرى، لرفضهم الخضوع واستجداء العفو والتبرؤ من قناعاتهم.

وإنه وإن كان ليس بغريب على مثل هؤلاء الحكام الذين ابتليت بهم الأمة، أن يدّعو الطهر والنقاء ثم تنكشف عوراتهم، فهم لا يخجلهم شيء ماداموا مطمئنين لرضا سادتهم الغربيين عنهم. فليس بالعجيب أن يدّعي “ميرزياييف” أنه ضد التعذيب والعنف بحق المعتقلين، وأنه في طريق ترسيخ حرية الفكر والاعتقاد ومناهضة الاعتقال التعسفي. ولا يخجل هذه النظم القائمة في بلاد الإسلام اعتقال الشباب بشكل تعسفي وبطرق همجية ووحشية، أو إجبارهم على الاعتراف على تهم ملفقة لهم، أو وضع الأكياس على رؤوسهم، أو إجبارهم على التوقيع على الاعتراف المعد مسبقاً تحت طائلة التهديد بإحضار زوجة أحدهم إلى المكتب واغتصابها، فمتى كانت للحرمات عندهم حرمة؟ فإن الإجبار على التوقيع على الاعتراف، أو التعذيب بتيار الكهرباء عندهم لعبة بسيطة. فلا يخجل هؤلاء الطغاة أن يقترفوا جملة هذه الفظاعات وغيرها، مما تستنكف من وحوش البرّية ما دام المعتقل يدعو لعقيدة أهل أوزباكستان، عقيدة أمة الإسلام، وعنوان دعوتهم إقامة الخلافة على منهاج النبوة.. إلا أن بعض ما يدمي الأفئدة ويستفز العقول هو إصرار هؤلاء الخونة على الظهور بمظهر المدافع عن الأوطان الراعي لمصالحها، حيث يصدقهم البعض من أبناء البلاد، واتهامهم المخلصين الواعين من أبناء الأمة بممارسة العنف والإرهاب، في حين أن نظام أوزباكستان يسمح لرأس الكفر وأم الإرهاب وأبيه، الولايات المتحدة، بإقامة قاعدة عسكرية في بلاده، كم جرّـ من ويلات على أهلنا في أفغانستان، مقابل دعم لحكومة ونظام كريموف، الذي لا يستحي من الحفاظ على مصالح روسيا في الوقت نفسه. إلا أن هذه النظم، ومنها نظام أوزباكستان الشقيّ، لا تتعظ بدروس التاريخ، ولا بقوانين الحياة وسننها، لوقوعها تحت سكرة الالتحاف بالهيمنة الغربية، بكونها في مأمن من غضب الأمة ويقظتها.

فأين القذافي وجبروته وقد أضحى عبرة لمن يعقل؟ وأين حافظ أسد وخيانته لله ولرسوله، وسبة الدهر بتفريطه في أرض الإسلام إلى أعداء الله ورسوله؟ بل أي ذل يتلظي فيه وريثه أمام ثورة مباركة عصية عن الكسر، وقد أسلم رقبته في سو النخاسة السياسية؟ هل شفعت القبضة الحديدية لكريموف التي أدار بها شؤون البلاد طوال أكثر من ربع قرن، وقد تحولت إلى دولة بوليسية وحشية؟ وهل أغنت عنه استفتاءاته، وانتخاباته حيث أصبحت الدولة بكاملها “كريموف”؟ تلك هي النظم التي سُلّطت على رقاب الأمة، لا تنفعها عبرة ولا تفيدها عظة حتى يأتي أمر الله سبحانه وتعالى، وإلا ما الذي ألجأ حكم “ميرزياييف” إلى اعتماد أساليب “كريموف” وهو يعلم يقينا أنها لم تفده في شيء، وأن حملة الدعوة لن تفت في عضدهم أساليب الطغاة، بتثبيت الله لهم، حتي يحكم الله فيهم بحكمه العادل، ويأذن للحق أن يظهر. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ ]إبراهيم: 27[. فمن ذا الذي ينال ممن ثبته الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخر؟

CATEGORIES
Share This