تونس تقرر إرسال بعثة طبیة مختصة ومساعدات إغاثة إنسانیة وطبیة لفائدة المتضررین من أھالي قطاع غزّة حيث تتولى وزارة الدفاع الوطني، ممثلة في الإدارة العامة للصحة العسكریة، التنسیق مع مختلف الھیاكل المعنیة، لإرسال بعثة طبیة مختصة ومساعدات إغاثة إنسانیة وطبیة لفائدة المتضررین من أھالي قطاع غزة وسیتم نقل ھذه البعثة الطبیة والمساعدات، بواسطة طائرتین عسكریتین، وفق بلاغ صادر الیوم الخمیس عن وزارة الدفاع جاء فیه أیضا أن ھذا القرار یأتي في إطار تضامن تونس مع الشعب الفلسطیني الشقیق في محنته وبإذن من رئیس الجمھوریة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
إنها فلَسطين، أرضُ القدس، أرضُ الأقصى، ومَسرى نبيِّنا، والقبلة التي توجّه إليها رسولُ الله بعد الهجرة سبعة عشر شهرا.
إنها فلسطين، أرضُ الكثير من الأنبياء والمرسلين، إنها فلسطين، أرضُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وبيتُ المقدس أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ، إنها فلسطين، من الشام الأرض التي دعا لها رسولُ الله بقوله: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا.
نعم، هذه هي فلسطين.. من أجلها تَتَابَعَتِ التَّضْحِيَات، وعظم البذل. ومن أجلها قال السلطانُ العادلُ محمود نور الدين زنكي: أَسْتَحِي مِنَ اللهِ أنْ أَتَبَسَّمْ وبيتُ المقدسِ في الأسر، وَمِنْ أَجْلِهَا شمخَ صلاحُ الدِّين برأسِه وأعدَّ عدَّتَه لِيحرِّرَ أرضَ الأقصى، وقد نصره اللهُ وفتحَ بيتَ المقدس، ومن أجلِها صاحَ المظفَّر قُطُز صيحتَه الشهيرة (واإسلاماه)، ومن أجلها ضحّى عبدُ الحميد بعرشِه وقال: لا أقدِرُ أنْ أبيعَ ولو قدمًا واحدًا من فلسطين
واليومَ يهرعُ أعداؤُنا إلى ذبحِ إخواننا هناك وما مِن مجيبٍ ولا ناصر،فلسطين التي تفجرت فيها الأوضاع مؤخرا جراء الاعتداءات الوحشیة لقوات الاحتلال الإسرائیلي والمستوطنین في القدس المحتلة، خاصة بحق المصلین والمرابطین في المسجد الأقصى ومحیطه وعلى المتضامنین مع أھالي حي الشیخ جراح، الذین تسعى سلطات الاحتلال إلى تھجیرھم قسرا من منازلھم لصالح المستوطنین.
لقد مرت الأمة الإسلامية بحوادث في تاريخها زلزلتها زلزالاً شديدا، ولكنها ما لبثت أن استعادت توازنها وأعادت الكَرَّة على عدوها كما حصل تجاه التتار والصليبيين، والسبب أن المشكلة عند المسلمين لم تكن تمس الإسلام بل كانت ناتجة عن سوء تطبيق الإسلام ، فرغم أن الولاة مثلاً كانوا يتصرفون في ولاياتهم كأنهم منفصلون بسبب صلاحياتهم الواسعة التي أدت إلى طمعهم واقتتالهم أحيانًا، إلا أنهم كانوا مرتبطين بالخلافة ولا يصير الواحد منهم واليًا إلا بموافقة ومباركة الخليفة، ولا يطبق أي واحد منهم قانونًا غير الإسلام مع وجود الثغرات والسقطات .
أما اليوم فإن الخطر داهم لأنه يتعلق بفهم الإسلام نفسه، فقد غزانا المستعمرون غزوًا أصاب منا الصميم وهو الغزو الفكري، فصار المسلمون يرتبطون بغير رابطة العقيدة مثل الرابطة الوطنية فتفرقوا إلى كيانات هزيلة تابعة للاستعمار تحكم بغير الإسلام، وصاروا بأغلبيتهم يستقون مفاهيمهم ومقاييسهم وأنظمتهم من غير الإسلام، ولا يتصورون حلاً لقضاياهم مثل مشكلة فلسطين إلا من خلال أصواتُ المنادِين والمستغيثينَ والمندّدين والمتضامنين واكتفى آخرون بالدعاء لإخوانهم بالنصر والتمكين.
فعمَّ نتحدّث؟ نتحدّث اليوم عن شعبٍ أعزلٍ يواجِهُ مجازر جماعيّةً بَشِعة من حين لآخر ويواجه حصارا اقتصاديا وسياسيا وعزلة شبه تامة وهلم جرا، وسط صمْتٍ دُوَليّ، بل تواطُىءٍ وتَقاعُس،حين نتحدث عن فلسطينَ والأقصى نجدُ أنفسَنا أمامَ مأساةٍ تعجزُ الكلماتُ عن وصفِها، اختلطَتْ فيها العَبَراتُ بالعِبارات.
إن ضعف المسلمين في هذه الأيام وعجزهم عن تحرير فلسطين وتغيير موازين القوى ليس علة شرعية توجب تغيير الحكم الشرعي و هو استنهاض الهمم و تحريك الجيوش الإسلامية لتحريرها كاملة ولا هو مبرراً للتنازل عن فلسطين لليهود أو التنازل عن حكمها بالإسلام.
إن ضعف المسلمين في هذه الأيام وعجزهم عن تحرير فلسطين ليس علّة شرعية بالاكتفاء بتنظيم المظاهرات وجمع المساعدات وبالتصريحات المندّدة ولا مبرّر للقائد الأعلى للقوات المسلحة لإرسال بعثة طبیة مختصة ومساعدات إغاثة إنسانیة وطبیة لفائدة المتضررین من أھالي قطاع غزة بدل من إرسال الأسلحة والذخائر، فأهل فلسطين ليس بحاجة إلى مدامعنا بل إلى مدافعنا، أهل فلسطين بحاجة إلى جيوشنا لتحرّرها لا إلى تضامننا ومساعداتنا.
إنّ هذه الدولة السرطانية -كيان يهود- يجب أن تزول، ولا تزال إلا بدولة مثلها على الأقل، ولا يمكن إزالتها إلا بإزالة الحكام النواطير الذين يحرسونها، ولا يُزال هؤلاء إلا بقلبهم عن عروشهم وإسقاط أنظمتهم وإقامة الدولة الإسلامية على أنقاض حكمهم، هذا هو الحكم الشرعي المنطبق على الواقع.
إنّ الرّكون إلى الظالمين -مجلس الأمن والأمم المتّحدة -يستوجب خذلان الله في الدنيا، وعقوبته في الآخرة بقوله تعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ}، والركون هو الاستناد والاعتماد والسكون إلى الظالمين، فما بالكم بالركون إلى الكفار المستعمرين الذين أنشأوا كيان يهود وما زالوا يدعمونه سرًا وعلانية بكافة أشكال الدعم، ويحاربون الإسلام والمسلمين في كل مكان؟؟
هل يجوز التحاكم إلى شرعهم؟ هل يجوز الرضى بقراراتهم التي أضفت الشرعية المزعومة على كيان يهود ودعمته الدول القائمة على هذه الشرعية المزعومة بالمال والسلاح والتأييد السياسي؟ إن التحاكم للشرعية الدولية هو انتحار بكل المقاييس، لأن اللجوء للشرعية الدولية يعني تسليم قضايا المسلمين للذبّاحين الرأسماليين مهما اختلفت أسماؤهم، وكأننا أمة بلا إرادة، إن الحل الإسلامي الوحيد للقضية الفلسطينية – والذي لا يوجد حل سواه – يتمثل في جهاد اليهود وطردهم من فلسطين وهذا العمل لا تقوم به إلاّ دولة لخلافة، ولا تقام دولة الخلافة إلا بوجود حزب سياسي يسعى جاهداً لتغيير الأوضاع وبناء الدولة والمجتمع وتجهيز الجيوش وشحنها لدك حصون اليهود كما فعل رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلم حين دك بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وخيبر وما ذلك على اللـه بعزيز.