ذكر تقرير لمنظّمة “أنقذوا الأطفال” ومقرّها بريطانيا أن نحو 85 ألف طفل دون سن الخامسة ربما ماتوا بسبب سوء التغذية الحاد خلال ثلاث سنوات من الحرب في اليمن، وهذا العدد لوحده يُساوي مجموع الأطفال الذين هم دون الخامسة في برمنغهام، ثاني أكبر المدن البريطانية.
التعليق :
هذه الأخبار المروّعة تصلنا من اليمن وعن مأساة أهلنا في اليمن، فهذا التقرير يستثني من ماتوا وهم فوق سنّ الخامسة ومن قتلوا وقُصفوا وتحوّلت أجسادهم النّحيلة إلى أشلاء أو إلى أشباح جرّاء المجاعة والأوبئة. فأطفال اليمن لا بواكي لهم ولا نصير، فهم أيتام على موائد اللئام .
ومن بعض مأساة إخوة لنا في الشام، فمنذ سنوات طوال وطائرات التحالف الصليبي تحصد أرواح المسلمين المدنيين تحت مسمى محاربة الإرهاب؛ هذا القصف الذي راح ضحيته مئات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ في مجازر وحشية يندى لها جبين البشرية وتنأى عنها وحوش الغاب. ولا يزال أهلنا في الشام يرزحون تحت نير العبودية ونيران الحقد الصليبية.
إنّ حقيقة ما يثير غضب الأمة، ويؤجج النيران في صدور أبنائها، ويثير مشاعر الغيظ في قلوب الغيورين على مصالحها، ليس هو سقوط خيرة أبنائها ورجالها ونسائها وأطفالها شهداء على أيدي أعدائها، فإنّما هم كذلك بإذن الله تعالى، وإنما هو عدم القصاص لهؤلاء الشهداء من عدوهم، وعدم الانتصار لهم، وعدم وجود دولة تتبنى قضيتهم، وتدافع عن دمائهم، وتذود عن حرماتهم.
لقد صدق الحق سبحانه عندما قال – وقوله الحق-: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ 14 وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِم) .
فالله سبحانه بيَّن في هذه الآية الكريمة –وبيانه هو الحق والعدل- أن الصدور لا تُشفى، وأن غيظ القلوب لا يزول، إلا بقتال الأعداء، وقتلهم بأيدي المؤمنين، وإلحاق الخزي بهم، والانتصار عليهم.
ولقد أُدميت هذه الأمة الكريمة في هذه الأيام بقتل أشرافها ورموزها، وأغيظت بعدم الثأر لقتلاها، وعدم الانتقام لهم.
لقد آن الأوان للأمة أن تصرخ في وجه حكامها، وأن تأخذ على أيديهم، وأن تأطرهم على الحق أطراً، وتأصرهم عليه أصراً،
فغضب الأمة على هذه الجرائم لن يطفئه إلا دولة تقارع أميركا، وتسحق “إسرائيل”، وتزيل الوسط السياسي الفاسد، وتفرض نفسها على العالم عزيزة، منيعة، قوية، مهابة الجانب.
وغضب الأمة لن يطفئه إلا دولة تطبق الإسلام على الناس وتجاهد في سبيل الله وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقيم العدل، وتحكم بالسوية، وتجعل من الكتاب والسنة أساساً للدستور ولا أساس غيره.
وغضب الأمة لن يطفئه أيضاً إلا إزالة هؤلاء الحكام الرويبضات الذين يتحكمون في رقاب الناس بإسناد أميركا وحلفائها، فينطقون باسمها بالتافه من القول، ويصنعون في الشعوب ما يريده منهم الأسياد القابعون في واشنطن ولندن…
وأخيراً فإن غضب الأمة لن يطفئه إلا مبايعة خليفة واحد يحكم المسلمين جميعاً في شتى بقاع الأرض، يوحدهم في دولة واحدة تقيم فيهم شرع الله وترفع العنت عنهم وتجلب لهم العزة والكرامة والانتصارات .
إنّ المسلمين قد أصيبوا في الصميم، وتأثروا، وغضبوا، وبكوا على أحوال إخوانهم… ولكن ذلك كله لن يغير من الواقع المرير, فحساب المسلمين آخرهم عند أميركا. بل إنهم ليسوا بحساب أحد.
لقد تداعت عليهم الأمم، وأحيطوا بالظالمين من كل مكان، وكل يوم يمر عليهم يحمل لهم مأساة، هم ينتظرون الفرج والمخرج من الله هكذا من غير عمل؟! إنه لا مخرج لهم إلا بالتقوى، وتقوى الله تفرض عليهم أن يستعينوا به ويعملوا على تغيير هذه الأنظمة الفاسدة، العميلة، المأجورة، وإقامة حكم الله، وجعل كلمة الله هي العليا.
إن عدم تحرك المسلمين وسكوتهم عما يجري لهم، يطمع بهم حكامهم وأعداءهم… إن عليهم أن يرفعوا الخوف من قلوبهم من حكامهم، كما هو مرفوع من أعدائهم وأن يعبروا بأقسى التعابير ضدهم، وأن يقوموا بأعمال جدية تجعل الآخرين يحسبون لهم ألف حساب، وأن يدفعوا أبناءهم من أهل القوة لكي يأخذوا على أيدي الحكام الظالمين الذين يحكمون المسلمين بالكفر، ويمكّنون لأميركا ويهود ولدول الغرب في بلادهم في الشام و اليمن و العراق و غيرها ، ويمنعون المسلمين من أن يأخذوا دورهم في الحياة.
إن من طريقة تنفيذ فروض الكفايات، أن يدفع من لا يستطيع تحقيق الفرض بأنفسهم أي المسلمين، أن يدفعوا الذين يستطيعون من أهل القوة؛ لذلك كان على المسلمين أن لا يتركوا فرداً من أبنائهم أو معارفهم إلا ويحثّونه على القيام بحق الله عليه في إزالة هذه الأنظمة، وإقامة حكم الإسلام بتسليمه لمن يستطيع الحكم به، للفئة المخلصة الواعية التي نذرت نفسها لهذا الأمر.والذين يعرفون كيف يقومون بحق الله إذا قام، بذلك يتحقق نصر الله كما وعد، قال تعالى: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) وقال تعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ).