ندوة حول “إصلاح الشأن الديني ودور الأئمة في مكافحة التطرّف”

ندوة حول “إصلاح الشأن الديني ودور الأئمة في مكافحة التطرّف”

نظّم مركز دراسة الإسلام والديمقراطية يوم الخميس 04 أفريل 2019 ندوة بعنوان ” إصلاح الشأن الديني ودور الأئمة في مكافحة التطرّف” بمشاركة عديد الضيوف من وزارة الشؤون الدينية وجامعة الزيتونة وممثلي جمعيات, وبحضور ثلة من الناشطين والأئمة.

افتتح الجلسة الأستاذ رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية الذي تحدث عن التهميش الديني في تونس في العقود الماضية خاصة في عهد الرئيس المخلوع بن علي وأثره على عديد الجوانب في المجتمع التونسي, وأشار إلى عدد المساجد الذي يفوق 5000 مسجدا في تونس يعني بالأرقام ما يفوق 3 ملايين تونسي يحضرون كل أسبوع خطبة الجمعة, بما يمثل مدرسة كبيرة جدا إذا أحسنا توظيفها لتمكننا من بناء مجتمع متطور متماسك ومتوازن لا ينبذ التطرف والعنف فقط بل ومتصالح مع قيم الدين وقيم العصر والحداثة وحقوق الإنسان وقيم والمواطنة والنظافة ومحاربة الفساد, على حدّ قوله.

في حين شدد الوزير السابق منير التليلي على أن تعدد الوزراء بعد الثورة تسبب في ترك فراغات في عمل الوزارات المتعاقبة. كذلك دخول خطباء جدد منهم من لم يتجاوز مستواه التعليم الثانوي وظهور تنوع مذهبي وعقائدي وسياسي, والترويج لخطاب مخالف لما عهدناه منذ قرون, إضافة إلى دخول كتب محشوة بأفكار من مختلف المشارب وندوات أموال سياسية مشبوهة وجمعيات تعمل بما لا يليق بالمجتمعات الإسلامية جعل الإستهدافات كثيرة.

ثم تعرّض لغياب جهة ذات طابع رقابي واستشاري كما كان شأن المجلس الإسلامي الأعلى الذي أُلغي بعد الثورة وعدم وجود رموز دينية يرجع إليها في قضايا متعلقة بالتطرف والإرهاب والسلوكيات الإجتماعية وخاصّة في الإعلام, المنافية لقيم المجتمع وثقافته. كما تحدث عن ظاهرة التطرف خاصة عند أصحاب الشهادات العليا, ثم في الختام دعا إلى العمل على إيجاد فضاء ديني جديد منظم ومحصّن من الإرهاب ومن التأثيرات الخارجية المنافية للأنماط التونسية ومساير للخيارات الوطنية, على حدّ تعبيره.

وفي مداخلة أحميدة  النيفر- رئيس جمعية رابطة تونس للثقافة والتعدد, تحدّث عن هشاشة الشأن الديني والنظرة المجزأة إليه من قبل الدولة التي تولت أمره بعد إلغاء مؤسسة الأوقاف حتى أصبح لا ينظر إليه إلا في مواسم الحج والعمرة وشهر رمضان في إشارة إلى أن الزمن تغير والنظرة لا بدّ أن تتغير لأهمية هذا الأمر بما يساير ما حدث في عالم من تطورات فيه الوسائل التواصلية والعلمية كما تتطرّق إلى تعدد المؤسسات التي تعنى بالشأن الديني بما يساعد على ما وصفه بالاختراقات أي التطرف الديني، وفق قوله, واقترح النيفر أن يتم إصلاح الشأن الديني، عبر توضيح علاقات المؤسسات الدينية الأربعة ببعضها (جامعة الزيتونة، المجلس الإسلامي الأعلى، وزارة الشؤون الدينية ودار الإفتاء)، معتبرا أن تعطل عمل المجلس الإسلامي الأعلى مصيبة.

وفي تعريفه للتطرف قال أنها ليست مسألة متعلقة بالدين فقط بل هو كلّ خروج على الوسط فالمتطرفون هم الذين رفضوا الانتظام في الإطار الذي يريد المجتمع أن يقحمهم فيه. لذلك فالتطرف موجود في جميع الاتجاهات والرابطة الاجتماعية سائرة نحو التهري, وختم بأن الإرادة السياسية هي الأساس في عملية الإصلاح.

كما كان لباقي الضيوف والحضور مداخلات وتفاعل في الموضوع بما يعبّر عن عمق اهتمام الناس بهذا الموضوع متجاوزين في العمق والشمول ما تناوله المحاضرون بأشواط عدّة. كما تناول كلمة مقتضبة ومعبّرة للأخ عضو لجنة الاتصالات لحزب التحرير ولاية تونس محمد الحبيب الحجاجي بيّن فيها علاقة التضادد بين الدولة المدنية وأحكام الإسلام كما عرّج على تدخّل الأمم المتحدة في تونس وسعيها للتدخل من خلال فرض قوانين خاصة بالأئمة بتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية, وتساءل.. من هي الأمم المتحدة ..؟ التي قامت على أنقاض دولة الخلافة!.. إنّها سبّة في جبين مليار و 700 مليون مسلم.

ومما يستخلص من هذا اللقاء هو غياب النظرة العميقة والشاملة للموضوع والتي تنطلق من زاوية العقيدة مما جعل الحكم المتفرع عنها جزئيا حينا ومُجانبا للصواب في عمومه. وبقي مسألة مبهمة لغياب تعريف دقيق لمعنى التطرف ولدور الإمام الذي حملوه أكثر مما يطيق.

لماذا ؟

ابتداء, الدين ليس شأنا من الشؤون كما عبر عنه جلّ المحاضرين, والدين المعني هنا هو الإسلام, فالإسلام هو نظام حياة ينظم علاقات الإنسان بخالقه في العقائد والعبادات، وعلاقة الإنسان بنفسه في ما يخص الأخلاق والمطعومات والملبوسات، وعلاقات الإنسان بغيره من بني الإنسان في المعاملات والعقوبات..

وبالتالي فهو الضابط لسلوك الأفراد والمجتمع والدولة, ويكون طبيعيا منسجما مع الجو العام إذا كانت الدولة تطبق أحكام الإسلام. أما في حالة الدولة المدنية التي تفصل الدين عن المجتمع وتطبق النظام الرأسمالي فستنظر إلى الدين باعتباره شأنا فرديا وتعمل على فصله وتحييده على القضايا العامّة بما يفسّر الدور المضطرب للإمام في علاقته بدينه وبالمأمومين وبالدولة.. وعجزه عن التوفيق بين جميع هذه الأطراف.

أما تعريف التطرف بأنه الخروج عن الإطار الذي يريد المجتمع أن يقحم الناس فيه أو كما عبر عنه منير التليلي بعدم مسايرة الخيارات الوطنية فهذا ينظر في مدى انسجام التوجه العام للمجتمع والدولة وانضباطهم بتعاليم الإسلام حتى يتحدد الخط المستقيم أمام الخط الأعوج.

وبالنسبة للأستاذ رضوان المصمودي الذي يرى أن نبذ التطرف والعنف يكون بالتصالح مع قيم الحداثة وحقوق الإنسان والديمقراطية وقيم والمواطنة نقول له هذا “في نهاية التاريخ والإنسان الأخير” عند فرانسيس فوكوياما أما في الإسلام فالتقيد بالحكم الشرعي حكاما ومحكومين وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الضامن لاستقرار المجتمع وتماسكه ونبذ مظاهر العنف والغلو بين الأفراد, أما التطرف فهو ما تمارسه الدولة الحديثة الآن في جميع أصقاع العالم بفرض أحكام أرباب رأس المال وتشريعات الأهواء البشرية التي تُغَلّب قلّة من المتسلطين على الملايين من المستضعفين.

ياسين بن يحيى

CATEGORIES
TAGS
Share This