ندوة لحزب التحرير: وعد بلفور الأثيم… هذا زمان إبطاله
نظم حزب التحرير في تونس, يوم السبت, 11 نوفمبر 2017, بمقرّه المركزي في سكرة, ندوة بعنوان “وعد بلفور الأثيم… هذا زمان إبطاله”, قدّمها ثلاثة من قياداته, وكانت مداخلاتهم على النحو التالي:
الأستاذ حاتم الخياري: قدم عرضا للسياق التاريخي لوعد بلفورو إبتداء ب ما بين سنتي 1905 -1907 حيث مداولات مؤتمر لندن أو مؤتمر هنري كامبل بنرمان: المؤتمر السري الذي ضم كلا من بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا وايطاليا. وما نتج عن هذا المؤتمر من وصايا للعمل على استمرار تأخر المنطقة التي تدين بالإسلام وتجزئتها وإبقاء شعوبها مضللة جاهلة متناحرة، ومحاربة اتحاد هذه الشعوب وارتباطها بأي نوع من أنواع الارتباط الفكري أو الروحي أو التاريخي، وإيجاد الوسائل العملية القوية لفصلها عن بعضها البعض، وبضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن جزئها الآسيوي، بإقامة حاجز بشري قوي وغريب بحيث يشكل، _وعلى مقربة من قناة السويس_ قوة صديقة للاستعمار عدوة لسكان المنطقة”.
ثم عرّج على حالة ضعف الخلافة العثماينة آنذاك, وتكوين المنظمة الصهيونية سنة 1897 برئاسة هرتزل, انتهاء بوعد بلفور والأطراف المساهمة فيه, من الجانبين الغربي والعربي مثل الملك فيصل بن الشريف حسين واللقاء الذي جمعه مع الرجل الثاني في المنظمة الصهيونية “حاييم وايزمان” في 3 جانفي 1919 حيث اقرّ بوعد بلفور وحق اليهود في وطن قومي .وقد نظّم اللقاء الجانب البريطاني ممثلا في لورنس.
إضافة إلى الملك عبد العزيز, حيث ذكر وايزمان في مذكراته:”في 11/3/1932 قال تشرشل : أريدك تعلم يا وايزمان إنني وضعت مشروعا لكم ينفذ بعد نهاية الحرب ( الحرب العالمية الثانية) يبدأ بأن أرى ابن سعود سيدا علي الشرق الأوسط وكبير كبرائه, علي شرط ان يتفق معكم أولا, ومتى قام هذا المشروع, عليكم أن تأخذوا منه ما أمكن وسنساعدكم في ذلك, وعليك كتمان هذا السر, ولكن انقله إلي روزفلت, وليس هناك شيء يستحيل تحقيقه عندما اعمل لأجله أنا”.
وانتهت المداخلة بأن خلُص الأستاذ حاتم إلى أنه ما كان هذا ليحصل لولا زوال الدولة التي كانت تحمي المسلمين. وأنه لم تكن لبريطانيا القدرة على تنفيذ ما تريد لولا أنها سعت مع حلفائها للقضاء على دولة الإسلام وصناعة جهاز يخدم مطامعها وعملاء قبضوا المال في سبيل إيجاد سبل التوافق بين المسلمين واليهود. وأكّد أنّ وعد الله ووعد رسوله أقوى وأعظم من وعد بلفور الذي يعتبر وعدا ممن لا يملك لمن لا يستحق.
وكانت كلمة الأستاذ سالم مصباح تذكيرا بأن مآل وعد بلفور الفشل, وأنّ الأمة ستُزيل كيان يهود وتدحر من فيه حتى آخر يهودي, مثلما ورد في قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد”.
ووعد الله بزوالهم في سورة الإسراء في قوله تعالى: “وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا {6} إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا {7} عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا {8}”.
وتطرّق إثرها الأستاذ محمد شويخة إلى ما اقترفته بريطانيا من جرائم بحق المسلمين وتواصل إجرامها إلى اليوم, وقال إنها لا تزال تحكم في تونس إلى اليوم وتتدخل في أغلب القطاعات الحساسة من داخلية وتعليم وقضاء وقريبا الصحّة, وإنّ تركيز الغرب على توصيف التونسيين ب “الجماعات المحلية” كنظرة غاية في التقزيم والتفتيت, ثم أكد أن عداوتنا لها ليست تاريخية وإنما نعاديها نظرا لما فعلته بنا من قبل,وان من يقول بأن بريطانيا صديقة وشريكة, فان قوله مردود عليه ويمثل إجراما في حق المسلمين.
وأشار إلى مسألة محاربة الإرهاب والفكر المتطرف التي أعلن عنها رئيس الحكومة وتبناها الوزير المكلف مهدي بن غربية, على أنها استهداف لكل من يعمل لإقامة الدولة الاسلامية وخصوصا حزب التحرير
واتفق المشاركون في الختام على ضرورة العمل الفكري السياسي الدءوب واصطفاف الجميع لتحرير البلاد من براثن الكافر المستعمر والتلبّس بالحكم الشرعي, للتغير الجذري وإزالة أسباب الانحطاط والفساد من جذوره, مع اليقين بوعد الله للمسلمين بالنصر والتمكين.