نشاط حزب التحرير..كشف حبائل المستعمر..وفضح العملاء

ازدحمت الساحة السياسية في تونس بعشرات الأحزاب والحركات وضعت جميعها على واجهات دكاكينها لافتات تحمل صفة الأحزاب السياسية ..وتحت أسماء تعرف بتلك الدكاكين لا غير..فما يربو عن مائتي حزب لا تختلف عن بعضها إلا من حيث الأشخاص الذين يديرونها..وتواريخ التأسيس ..وإن وجد ما يجعل حزبا يختلف عن الأخر ..فأعلم أنه اختلاف اقتضته مزايدة ..أو أملته مصلحة طارئة.. وبعدها تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي.. والأمر سيان، بين من يقف على ضفة الحكم.. أو من انتصب على ضفة المعارضة.. فالمستنقع بضفتيه تشرف عليه القوى الإستعمارية.. والكل طوع بنانها، خاصة  مؤثثي ضفة الحكم.. فهم لا يتوانون لحظة في المسارعة في خدمة مصالح تلك القوى كلف البلاد ما كلف..غير مكترثين بما ستؤول إليه أوضاعنا.. فالفقر.. والتخلف وكل المصائب الناتجة عن هرولتهم نحو أعدائنا لم و لن يحمر منها وجه أو يرتجف لهم جفن ..أما ساكن ضفة المعارضة.. فلا تكاد تسمع لهم ركزا إذا تعلق الأمر بخدمة تسدى لمستعمر ناهب غاصب..بل بالعكس يقيمون الدنيا و يقعدوها.. إذا اقترب وعي الناس من المساس بأطماع المستعمر.. وخير دليل على ذلك الحرب الضروس التي شنتها تلك الأحزاب على حملة “وينو البترول” التي أقضت مضاجع الناهبين و الغاصبين..وكل من وكّلوه عنهم لرعاية مصالحهم و الإشراف على كل عملية نهب و سطو..لهذا يجوز لنا القول إن الأحزاب السياسية في تونس بشقيها الحاكم و المعارض ينحصر وجودها في تقاسم الأدوار في ما بينها..وتتبادل المواقع و كله يندرج في خانة واحدة ..وينتهي مساره في مصب واحد..وهو خدمة مصالح المستعمر الذي لا يرقب فينا إلاّ ولا ذمة والمحافظة على نظامه.. ليبقى هناك استثناء وحيد..وحزب من طراز منفرد, يختلف كليا عن سائر الأحزاب لا لشيء إلا لكونه.. سلك منذ البداية نهجا غير نهجهم.. ونهل من نبع غير تلك المستنقعات التي شربوا من أسنها حد الثمالة حتى تحولوا إلى بيادق تحركهم إملاءات أي جهة استعمارية كيف ما شاءت و متى شاءت…إنه حزب التحرير..الذي أدركت تلك القوى الغاشمة، مدى  تهديده لوجودها ..واستمرار هيمنتها على بلاد المسلمين..فلقد  خبرته من خلال المعارك التي خاضها مع أفكارها و مفاهيمها..وقد أذاقها في هذا المجال مرارة الهزائم..الهزيمة تلوى الهزيمة..إلى أن أتى على جميع السموم التي دستها تلك القوى في جسد الأمة و انتزعها انتزاعا..و نسف كل ما بنته نسفا..ولما اسقط من يد المستعمر و أذياله ..لم يجدوا من سبيل لمواجهة حزب التحرير غير السبيل الذي سلكته من قبل “قريش”في مواجهة دعوة محمد صل الله عليه وسلم..وهو الجمع بين التضييق والقمع..وبين نشر الأراجيف والتلبيس..وجميع الوسائل و الأساليب القذرة…خاصة لما تيقنوا من كون حزب التحرير هو عين الأمة الثاقبة المراقبة والصادقة التي ترصد كل ما يخطط له الاستعمار ضد الأمة بتواطؤ مخزي من حكام المسلمين..ولم يترك لا شاردة و لا واردة إلا كشفها و عراها ..والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى أو تعد..وحسبنا ذكر ما قام به حزب التحرير في تونس ..حيث  أكد  أحقيته بنعته بالرائد الذي لا يكذب أهله..فلقد اقتحم بهمة الواعي المخلص ملفات ظن المستعمر  و أعوانه أن الإقتراب منها يضاهي استحالة إدخال الجمل في سم الخياط..نتيجة نجاحه في طمر العقول و الأفهام  في أوحال التخلف و الانحطاط الفكري..ومن أهم الملفات التي كان حزب التحرير السباق في فتحها..ملف الثروات والذي يعد من أكثر الخطوط إحمرارا لدى المستعمر ورعاة مصالحه..هذا فضلا عن تعرية قبح وجوه مؤسسات سوق لها على كونها ملائكة رحمة..ومبعث خير للشعوب قاطبة ..والحال أنها أكمام لا يخرج منها إلا الشر المستطير..ونعني منظمة الأمم المتحدة  وروافدها المتعددة..ومصاص الدماء الأكبر صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات و المنظمات التي على شاكلته والتي هي في نهاية الأمر أذرع الدول الاستعمارية وسواعدها في البلاد.. وأدوات بطشها التي عوضت بها الجيوش الجرارة والأساطيل..ولها نفس القدرة على تدمير الشعوب و الأمم..دون أن تجابه بالرفض والمقاومة..لكن و كما أسلفنا الذكر عمل حزب التحرير وما زال يعمل على تفكيك و تفتيت هذه الحبائل على بصيرة و دونما تلدد أو مواربة..مما دفع بالمستعمر و أدواته إلى محاولة عرقلته ..بالتعتيم تارة وبالتلبيس والتضييق عليه أخرى..على غرار ما أقدمت عليه حكومة الموظف السابق بالسفارة الأمريكية “يوسف الشاهد” مؤخرا.. حيث أمضت إحدى المحاكم على إذن على عريضة يقضي بتوقيف نشاط حزب التحرير لمدة شهر..ولا ندري هل تجهل المحكمة ومن وراءها الحكومة طبيعة نشاط الحزب أم تتجاهله..والأكيد تجاهلته لأن مسوؤلهم الكبير يدرك تمام الإدراك أن حزب التحرير حزب مبدئي قائم أساسا على حتمية و وجوب تطبيق الإسلام بوصفه مبدأ يعنى بجميع جوانب الحياة ويقدم المعالجات لأدق أدق المشاكل..وما يحول دون ذلك هو المستعمر الحامل للواء نظام يضادد الإسلام جملة و تفصيلا ..لهذا يصل الحزب ليله بنهاره لقلع الاستعمار من منبته, وهذا هو نشاطه الذي يقوم به منذ أن تأسس..و لا يثنيه عنه لا منع..و لا تضييق..ولا نحو ذلك مما يقوم به دراويش النظام الديمقراطي..وأشياع القوى الإستعمارية..ثم إن حزب التحرير لم يكن نشاطه هذا من باب الاختيار أو مجرد تقمص دور البطولة..بل هو استجابة لأوامر الله عز وجل ..ولهذا هو حزب مفاصلة لا حزب مراكنة أو مناكفة..لا تفتّ في عضده تهديدات و لا تروضه إغراءات .. كما لا تربكه بعض السذاجات كتلك التي بدرت من الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني و حقوق الإنسان “المهدي بن غربية” الذي دعا حزب التحرير إلى ممارسة نشاطه و الدعوة إلى أفكاره صلب جمعية أو عبر المنتديات الفكرية لأن الأحزاب لا يحق لها أن تعمل خارج ما تمليه الديمقراطية و النظام الجمهوري ..أو شيء من هذا القبيل من كلام لا يصدر إلا من شخص يجهل تمام الجهل ماذا تعني كلمة حزب سياسي..ولا يفقه معنى أن التكتل أساسه الإيمان بفكرة وبذل قصار الجهد على تواجدها على أرض الواقع تجسيدا لا مجرد تنظير..وهذا ما لا يتوفر في الدكاكين السياسية التي يتنقل “المهدي بن غربية” بين رفوفها و كل متطفل على السياسة مثله…إذن فنشاط حزب التحرير الذي تريد الحكومة إيقافه لا يشبه في شيء أنشطة  سائر الأحزاب الأخرى فهو كما سبق وأن ذكرنا كل عمله يبدأ و يمر و ينتهي بالمبدأ الذي فرض عليه و على سائر المسلمين أن يتقيد به, ولا يجوز بأي حال من الأحول الزيغ عنه قيد أنملة ..إنه مبدأ الإسلام ..الذي يمثل استئناف العيش به من عصب أنشطة حزب التحرير..وسر حياته..فماذا أنتم فاعلون؟

حسن نوير

CATEGORIES
TAGS
Share This