نصرة غزّة وفلسطين تحت غطاء الأمم المتّحدة وأجهزتها هو عين الخذلان

نصرة غزّة وفلسطين تحت غطاء الأمم المتّحدة وأجهزتها هو عين الخذلان

الخبر:

أكدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى يوم الأربعاء 17 جانفي 2024 أن تونس ستقدم مرافعات شفاهية أمام محكمة العدل الدولية بلاهاي، وذلك في إطار الرأي الاستشاري الذي طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة استصداره من المحكمة بشأن الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك الكيان الصهيوني لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. وأضافت الوزيرة في كلمة ألقتها لدى مشاركتها، عن بعد، في أشغال الاجتماع الحادي عشر للمجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة، بأن قرار تونس تقديم مرافعات شفاهية أمام محكمة العدل الدولية يتنزل في إطار دعم القضية الفلسطينية، مؤكّدة موقف تونس الثابت والدّاعم للقضية الفلسطينية العادلة، هذا وثمّنت الوزيرة بالمناسبة دور المرأة الفلسطينيّة باعتبارها أيقونة للكفاح والصمود، مشيرة إلى أنّ الوضع العالمي يحتّم ضرورة العمل في إطار إقليمي عربي موحّد نظرا للتحديّات المتنامية التي تواجه المرأة العربية على جميع الأوجه، ويتطلّب مزيد بذل الجهود عربيّا ووطنيّا من خلال رؤية مستحدثة تأخذ بعين الاعتبار الوضع الراهن لواقع المرأة والتهديدات التي تترصد بحقوقها وبمكتسباتها.

التّعليق:

لا ينفكّ الكثيرون من المسؤولين والإعلاميين الإشادة بدور تونس في دعم القضيّة الفلسطينيّة، ويعتبرونه الموقف الواجب اتّخاذُه تُجاه ما يحدث في فلسطين. ويعبّر الوزراء عن موقف السلطة في تونس ومنها موقف وزيرة المرأة هذا.

تزعم السلطة في تونس أنّ المرافعات الشفهيّة أمام محكمة العدل الدّوليّة هي من أعمال نصرة غزّة وفلسطين والحقّ الفلسطينيّ. ويأتي هذا الموقف من تونس بعد أن صارت محكمة العدل الدولية والقضية المرفوعة ضد كيان يهود محل اهتمام وحديث وسائل الإعلام والمراقبين خلال الأيام القليلة الماضية.

والسؤال هل التّرافع أمام محكمة نصرة لفلسطين؟

وللجواب نقول:

  • طغى الحديث عن المحكمة دون تركيز على مدى فعاليّة القرار الذي قد تتخذه المحكمة وإلزاميته، ولا على المدة التي قد تستغرقه جلسات المحكمة حتى تصدر قرارها، ولا على الخطوة التالية من إصدار القرار، وإنما جرى التركيز فقط على حيثيات القضية وتفاصيلها وانزعاج يهود منها ورفضهم لها.

  • محكمة العدل الدولية هي هيئة قضائية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وهي إحدى الأجهزة الستة للأمم المتحدة، فهي ليست شيئا مختلفا عن الأمم المتحدة، أو خارجا عنها، فما ينطبق على الأمم المتحدة ينطبق عليها، ولذلك فإن الخوض في التفاصيل الإدارية أو الهيكلية للمحكمة لا يصح أن يصرف الذهن عن الصورة الكلية أو الدور الحقيقي للمحكمة.

  • ثبت للعالم أجمع، بأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والهيئات الدولية كلها أدوات بيد الاستعمار وقوى الظلم في العالم، وقد بدا ذلك واضحا في الحرب الدائرة على غزة، إذ تجردت تلك الأدوات الاستعمارية من أدنى القيم الإنسانية والأخلاقية والحقوقية، ووقفت مع المجرم والسفاح وقوى الإبادة، كيان يهود، ضد شعب أعزل وأطفال ونساء ومستشفيات ومدارس، بلا حياء أو استحياء، في صورة أنطقت الحجر والشجر، وأبكت الصخر، بل أخرجت مئات الآلاف عبر العالم من كل الأديان والخلفيات الثقافية منددة مستنكرة تلك الوحشية وذلك الصمت والدعم المقيتين من قوى الاستعمار لكيان يهود المجرم، ومع ذلك كله لم تحرك الأمم المتحدة ومجلس أمنها ساكنا من أجل إيقاف تلك الوحشية والإبادة، وواصلت توفير الغطاء الكافي واللازم لكيان يهود لمواصلة حربه المسعورة على المسلمين المستضعفين في قطاع غزة، في حين إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن كانا يتحركان ويجمعان ويفعّلان كل قواتهم عندما يتعلق الأمر بتحقيق مصالح ورغبات أمريكا الاستعمارية، كما حدث في العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا وفلسطين.

  • محكمة العدل الدولية، إذا ما أصدرت لأغراض سياسية لدى أمريكا قرارا بإدانة أو اتهام كيان يهود بالإبادة وطالبته بأي شيء مثلا، فإن الطريقة التي وضعت لها لتفعيل ذلك القرار إنما هي برفعه إلى مجلس الأمن، إذ تنص المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة على وجوب امتثال جميع أعضاء الأمم المتحدة لقرارات المحكمة المتعلقة بهم، وإذا لم تمتثل الأطراف، يمكن عرض القضية على مجلس الأمن لاتخاذ إجراءات الإنفاذ. وهذا يعني إذا كان الحكم ضد أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن أو حلفائه، فإن أي قرار يتعلق بالإنفاذ سيستخدم ضده حق النقض ويجعل القرار حبرا على ورق، بل ويمحو ما كتب.

  • وبناء عليه فإنّ قرار محكمة العدل حتى وإن صدر فلا قيمة له فهو لن يرفع ظلما أو يوقف حربا أو ينجد طفلا، وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن المدة التي تحتاجها المحكمة لإصدار قرارها تتراوح بين بضعة أسابيع وعدة سنوات، حسب إرادة المهيمن على المحكمة (أمريكا)، تتجلى الصورة بأن القصة ليست أكثر من ألهية للشعوب لتتعلق بأمل موهوم تضيع بها وقتها وتفرغ من خلاله عن شيء من غضبها.

وبناء على ما تقدّم، تظهر أنّ هذا السعي وراء الأمم المتّحدة، إن هو إلّا اصطفاف مع العدوّ، وأنّ الذّهاب في مسارات “حقوقيّة” تحت غطاء أممي ليس إلّا إهدارا لدماء المغدورين في فلسطين وغيرها، وبهذا ينكشف أنّ موقف السّلطة في تونس لا يُخالف الموقف الرٍّسمي العربي في شيء بل هو من جنسه فكلّ حكّام العرب تركوا فلسطين وأهل غزة بين أنياب يهود وأمريكا ودول الكفر كافة، فلم يحركوا الجيوش ولم يسمحوا للأمة أن تهب لنصرتهم، حتى باتت غزة والمسلمون يتعلقون بأية قشة قد تخفف عنهم مصابهم، ويفرحون بأية خطوة حتى ولو كانت مقطعا من حلم جميل.

CATEGORIES
Share This