هكذا قالت: تونس مجبرة على تقديم تقارير سنوية لأعدائها
الخبر:
أكدت رئيسة المجلس الوطني للإحصاء لمياء الزريبي في تصريح لإذاعة موزاييك يوم الإثنين 10 جوان 2019 أن المعهد يعمل على توفير منصة تكون بمثابة إطار معلوماتي لاحتضان الكم الهائل من البيانات الخاصة بمؤشرات التنمية المستدامة في تونس.
وأشارت الزريبي إلى وجود 232 مؤشرا عالميا “لكن تونس ستعطي أولوية للمؤشرات التي تهم واقعها”، مشيرة إلى توفر نحو 50 % من المؤشرات لكنها لا تغطي 17 هدفا وضعته الأمم المتحدة حسب تصريحها على هامش مؤتمر صحفي نظمه المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان تونسUNFPA حول مشروع “قاعدة البيانات الإحصائية” ذات العلاقة بأهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة.
تونس مجبرة على تقديم تقارير سنوية
وأبرزت لمياء الزريبي أن منظمة الأمم المتحدة ستجبر تونس على إعداد رزنامة كاملة وإعطاء تقرير سنوي حول تقدم تنفيذ المؤشرات التنموية المستدامة ببلادنا إلى حدود 2030.
واعتبرت أن بقاء 10 سنوات فقط على هذا التاريخ يمثل ضغطا كبيرا على تونس التي خسرت 5 سنوات لم تنجح خلالها في بلوغ أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.
التعليق:
الأمم المتّحدة ستجبر تونس هكذا قالت لمياء الزريبي، ولكن مجبرة على ماذا؟ تونس ستكون مجبرة على تقديم معلومات وبيانات دقيقة للأمم المتّحدة وهذه المعلومات تخصّ أهدافا تنمويّة وخطط عمل تقاس بمؤشّرات من وضع الأمم المتّحدة، وما نسجّله هنا أنّ جانبا هامّا من سياسة البلاد لا توضع داخليّا، أي لا تضعها الأحزاب ولا الكفاءات المزعومة، فإذا كانت الأمم المتّحدة هي من وضع الأهداف، وهي من سطّر الخطط العامّة (الاستراتيجيّات) فماذا بقي للأحزاب السياسيّة؟ وماذا بقي لحكومات تونس؟
-
لم يبق إلا التنفيذ وإحسان التنفيذ وهذا هو المجال الوحيد الذي بقي للأحزاب وللحكومات، وهذا هو المجال الذي تتنافس فيه ال”قوى السياسيّة” في الانتخابات (بلديّة، وتشريعيّة، ورئاسيّة). يعني أنّ العمل السياسيّ عند السياسيين في تونس هو تنفيذ أجندات يضعها الأسياد، ومن ثمّ يكون مقياس النّجاح السياسيّ هو مقدار قدرة الحزب أو الشخحص على تنفيذ ما تسطّره الأمم المتّحدة.
-
من المعلوم للجميع بداهة أنّ الأمم المتّحدة هي الممثل الرسمي للقوى الاستعماريّة في العالم، واسم “الأمم المتّحدة” هو الاسم المزيّف للمستعمرين.
-
ويعلم الجميع بداهة أنّ الأمم المتّحدة التي نشأت في أعقاب الحرب العالميّة الثانية، إنّما أنشئت لتكون ناديا للدّول الاستعماريّة فيه يتقاسمون العالم دون أن يضطرّوا إلى الحروب المدمّرة، بمعنى أنّ الأمم المتّحدة هي مجلس يلتقي فيه أكابر مجرمي العالم ليتحكّموا فيه وليكون تحكّمهم “شرعيّا” قانونيّا بل يُعتبر الخارج عنه مجرما يستحقّ العقوبة والقتل والتدمير، والنّاظر في تاريخ الأمم المتّحدة القصير يرى أنّه على قصره حافل بالجرائم البشعة فلقد كانت دوما أداة بيد الدّول المنتصرة للمتحكّم في العالم.
-
الأمم المتحدة نادي الدّول الاستعماريّة أرادتها القوى الاستعماريّة أداة تتحكّم بواسطتها في الشّعوب، وذلك بفرض الانخراط فيها من كلّ الدّول حتّى صار الحكم على “شرعيّة” دولة من الدّول منوط بقبول عضويّتها في الأمم المتّحدة ومعلوم أنّها عضويّة خضوع وخنوع وطاعة للقوى الاستعماريّة لأنّ المتحكّم في قرارات الأمم المتّحدة معروف، وحتّى إن جاءت بعض القرارات ضدّ ما تريده أمريكا أو بريطانيا مثلا فإنّها تكون قرارات صوريّة لا يتمّ تطبيقها، بل قد تكون من قبيل القرارات المخدّرة للشعوب، يقع إصدارها لا لتطبيقها وإنّما لكي لا تفقد الأمم المتّحدة مصداقيّتها العالميّة ولكي تظهر في مظهر المدافع عن الشّعوب، ومن ذلك مثلا أهداف الألفيّة التي وضعت في آخر القرن العشرين وقيل وقتها أنّ الأمم المتّحدة ستعمل على القضاء على الفقر في أفق 2015 وضعت الأهداف وحدّدت الخطوات والبرامج ودفعت المساعدات (التي هي جزء قليل من ثروات الشعوب المنهوبة) للدّول لكي تستعين بها على تحقيق الأهداف الإنمائيّة للأمم المتّحدة، وكانت عمليّة تحيّل كبيرة على الشّعوب ومحاولة لترويضها. فقد مرّت 2015 ونحن اليوم على مشارف 2020 (عشرون عاما على وضع أهداف الألفيّة) ولم تقض الأمم المتّحدة على الفقر بل هي تكاد تقضي على الفقراء في العالم ويزداد الأغنياء غنى كلّ عام ويزداد أعداد الفقراء بل أعداد الذين يموتون من الجوع كلّ يوم يُعدّ بالملايين ولا يزعمنّ أحد أنّ هؤلاء جوعى لأنّ بلدانهم فقيرة بل على العكس فجوعهم بسبب سرقة ثرواتهم الذي تنظّمه الأمم المتحدة.
-
نحن لا نلوم المستعمرين أوروبا وأمريكا فهؤلاء مجرمون لا عمل لهم إلا سرقة الشعوب والهيمنة عليها وتظليلها أو تخديرها لتستمرّ هيمنتها، لكن مصيبتنا في أدعياء السياسة عندنا وأشباه الحكّام الذين لا عمل لهم إلا السير فيما ترسمه الدّول الاستعماريّة في تفريط واضح في السيادة.
-
هذا الخبر يكشف كيف تصنع القرارات في تونس، فالقرار ليس سياديّا وهذا صار من البديهات، يبدأ صناعة القرار من تجميع المعلومات والإحصائيّات الدّقيقة عن كلّ الملفّات وقد يكون منها ما هو من أسرار الدّولة، وترسل هذه إلى الأمم المتّحدة، تدرس هذه البيانات ومن ثمّ يصدر تقرير، يصنّف تونس (وهذا يعني أنّ المقياس والأس هي الدّول الاستعماريّة)، ضمن دول العالم ويدعوها إلى تحسين مراتبها بمزيد العمل لتحقيق الأهداف الإنمائيّة…. وترسل الأمم المتّحدة خبراءها ليعلّموا ويكوّنوا “خبرات” تونسيّة قادرة على تحقيق الأهداف، هكذا تُصنع القرارات فصناعتها غربيّة ودور الكفاءات التّونسيّة تقني فحسب أي تنفيذي ينفّذ ما يُطلب منه.
-
الخطورة في الخبر أنّ التفريط في السيادة وقبول أن نكون في وضع الاستعباد لأمم أخرى فلمياء الزريبي ومن ورائها الحكومة قابلة للاستعمار بل تساعده فهي تعمل لإعطائه معلومات حسّاسة عن بلدنا. والخطورة أكبر على هويّتنا كمسلمين، فهل خلقنا الله لنكون عبيدا لغيرنا من الأمم؟
-
إنّنا قوم أعزّنا الله بالإسلام وأمرنا أن نكون قادة للأمم لا عبيدا لها وشرّفنا بتكليفنا بحمل رسالة الإسلام العظيم إلى العالمين فكيف نقبل أن نكون في ذيل الأمم؟
-
هذا الخبر يكشف عن ضيق أفق وانحطاط فكريّ مهول للطبقة السياسيّة العلمانيّة في تونس، فالحياة عندهم تنحصر في الأكل والشرب وتحصيل بعض المتع الجسديّة الأخرى وعلى ذلك رسموا سياساتهم ولذلك قبلوا أن يكونوا تابعين للدول الغربيّة مادامت ستضمن لهم الأكل والشرب والمتعة الجسديّة،
-
أمّا نحن المسلمين فإنّنا أرقى من ذلك وأوسع أفقا فليس الأكل والشرب إلا حاجة من حاجات الانسان يقضيها بطبيعة سعييه في الدّنيا ولكنّ القضيّة والهدف من هذه الدّنيا حدّدته العقيدة الإسلاميّة نحن عباد الله خلقنا من أجل إعلاء كلمة الله في الدّنيا لأنّها الرحمة للعالمين ولأنّ الإسلام وحده هو الذي ينشر العدل والخير في الدّنيا ولأن الإسلام وحده هو الذي يرفع الانسان حتّى يكون عند الله خير من بعض ملائكته.