
هل تحوّلت القضيّة في تونس إلى رغيف الخبز..؟
الخبر:
فوائد صحية وغذائية.. متى يرى مشروع الخبز بالألياف الغذائية النور؟
أكد يحيى موسى، رئيس الغرفة النقابية للمخابز بالنيابة، في مداخلة له مع برنامج «صباح الناس» يوم الجمعة 4 أفريل 2025، أن مشروع «الخبز بالألياف الغذائية» سيرى النور في القريب العاجل، ليشكل إضافة هامة في مجال تحسين صحة المواطن التونسي.
و أوضح موسى أن معهد التغذية قدّم جميع الدراسات العلمية اللازمة لهذا المشروع، الذي يتمتع بفوائد صحية كبيرة، مما يضمن جودته من الناحية الأكاديمية والعلمية.
ويعد هذا المشروع خطوة هامة نحو تعزيز الوعي الصحي في المجتمع التونسي، حيث يهدف إلى توفير خبز غني بالألياف الغذائية، وهو ما يمكن أن يساهم في تحسين التغذية والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري.
وأكد موسى أن دعمه للمشروع يأتي من منطلق الإيمان بفوائده الصحية، مشددًا على ضرورة أن يلتزم الوزراء المعنيون وديوان الحبوب بتطبيق هذا المشروع لضمان نجاحه.
من جهة أخرى، أشار موسى إلى أن الإنتاج اليومي من الخبز في تونس يصل إلى حوالي 8 ملايين و850 ألف ‘’باقات’’ في الفترة العادية، إلا أن هذه الكمية تنخفض بشكل ملحوظ في رمضان، حيث يبلغ الإنتاج حوالي 6 ملايين باقة يوميًا بسبب تنوع الخبز خلال الشهر الفضيل. كما كشف موسى عن أنه يتم التخلص من حوالي 900 ألف باقات يوميًا.
التعليق:
يمثل الخبز الغذاء الأساسي للمواطن في تونس و في كثير من البلاد العربية، كما انه مكون غذائي أساسي في الكثير من أكلاته. بالإضافة إلى أن الحبوب، ومنها القمح، تدخل في صناعة العديد من المواد الغذائية التي يعتمد عليها المواطن في أكثر من بلد عربي. ويرمز الخبز كذلك لاستقلال الدولة وعدم اعتمادها على المعونات الخارجية. فإذا كانت الدولة تستطيع توفير الخبز بنوعية رفيعة و بسعر مناسب لمواطنيها، فذلك يعني اعتمادها على محصولها من القمح أو الدقيق أي نوع آخر من الحبوب بشكل كبير. أما إذا ارتفع سعر الخبز أو قلّت جودته فذلك يعكس اعتماد الدولة على استيراد الحبوب من النوعية الرديئة كما هو حاصل في تونس أو اعتمادها على المساعدات الخارجية أو وجود أزمة اقتصادية في هذه الدولة.
أصل حكاية الخبز بالألياف الغذائية
بدأ الترويج لموضوع إمكانية صنع خبز غنيّ بالألياف الغذائية منذ جويلية 2023 حين دعا رئيس الدولة السيد قيس سعيد عند نظره في النظام القانوني المتعلّق بتصنيف المخابز إلى ضرورة اتّخاذ إجراءات عاجلة لتجاوز أزمة الخبز الحاصلة ( في ذلك الوقت) ، مؤكّدا على أنّ «الخبز خطّ أحمر بالنسبة للتونسيين». وتابع: «اليوم أصبح هناك خبز للفقراء وخبز للأثرياء! وكأنّها طريقة ملتوية لرفع الدعم عن الحبوب.. هناك خبز واحد للتونسيين، وينتهي الأمر». كما نبّه الرئيس إلى أنّ «الترفيع في الأسعار الهدف منه تأجيج الأوضاع، إلاّ أنّ الشعب على دراية بأنّها عملية مقصودة»، وفق تعبيره. و منذ ذلك الوقت و الجميع ينتظر من الدولة أن تسير في اتجاه « توفير خبز غني بالألياف الغذائية، وهو ما يمكن أن يساهم في تحسين التغذية والوقاية من العديد من الأمراض المزمنة مثل السمنة و السّكرى» كما جاء في التصريح السالف ذكره.
هل تحوّلت القضيّة في تونس إلى رغيف الخبز..؟
كثر الحديث وخاصّة في الأيّام الأخيرة التي سبقت عيد الفطر المبارك عن الأسعار وغلائها، وعن فقدان كثير من الموادّ الأساسيّة من السّوق. وتحوّلت القضيّة في تونس إلى قضيّة رغيف الخبز و كأنّنا لا يشغلنا إلا بطوننا.
إنّ تونس كانت منطلقا للثّورة في كامل البلاد الإسلاميّة، زلزلت أركان المنظومة التي أرستها الدّول الرّأسماليّة المنتصرة في الحرب العالميّة الثّانية، المنظومة التي جعلت من بلادنا وسائر بلاد المسلمين كيانات هزيلة ضعيفة تابعة للدّول الكبرى عبر تنصيب حكّام موالين للسياسات الغربيّة الرأسماليّة وعبر تجذير وسط سياسيّ علمانيّ لا يرى إلا اتّباع الغرب وكانت الحصيلة أن صرنا في تونس مجرّد كيان تابع، لأوروبا خادم لها ولمصالحها مضيّعا الشعب ومصالحه عبر الضغط على موارد البلاد وتفقيرها حتّى لا يكون من حديث إلا عن الأسعار والموادّ الغذائيّة.
إن ربط اهتمام النّاس بلقمة العيش غاية ومقصدا، فيه إهانة للتّونسيين باعتبارهم جزء من أمّة عريقة سادت الدنيا لأكثر من ألف وأربعمائة عام، وفيه تجاهل لتاريخهم الحضاري العريق، في محاولة للفصل بين ذلك التاريخ وبين الحاضر والمستقبل الذي نتطلع إليه.
إن سوء الأوضاع المعيشية في بلادنا و في البلدان الإسلامية لا يمكن إنكاره، لكن المغالطة أن يتم التعمية عن الأسباب الحقيقة التي تسببه، السياسة التي يتبعها الحكام والوسط السياسي العلماني الموالون للاستعمار، فبلاد المسلمين أغنى بلاد العالم، وخيراتها –من النفط والغاز والمعادن- لا تنضب، وموقعها استراتيجي بامتياز، لكنها مع ذلك كله تعاني الفقر وخيراتها منهوبة.
نعم إذا لم تتحرّر الأمّة المسلمة لن يتوفّر لها حتّى رغيف الخبز وسيظلّ المسلمون يركضون ويشتغلون بالليل والنّهار، ثمّ يسلبهم المستعمر جهودهم كما سلبهم ثرواتهم ولن يترك لهم إلا الفتات. وسيكون الاستعباد مرّة باسم الاستقلال و مرّة باسم الثورة و مرّة ثالثة باسم محاربة الفساد و الفاسدين .