قال وزير المالية محمد نزار يعيش يوم الجمعة 3 افريل 2020 أن القرض المعروض للمصادقة في الجلسة العامة يندرج في إطار استمرارية الدولة مشيرا إلى ان هناك وثائق والتزامات أخرى في نفس الإطار سيتم عرضها على المجلس في نطاق الشفافية.
وأكد يعيش في رده على استفسارات النواب في الجلسة العامة أنّ القرض تم سحبه وصرفه في جويلية 2019 وان الحكومة الحالية غير مسؤولة عنه وان مبدأ استمرارية الدولة يقتضي الإمضاء عليه مؤكدا أن بعض القرارات الأخرى قد لا تعجب وأن الحكومة ستكون مجبرة رغم ذلك على المصادقة عليها.
وحول الوضعية الحالية أكد الوزير انها “صعيبة برشة برشة والثنية مسكرة” مشيرا الى أن بعض المسائل تزيد الأمر صعوبة مقدما كأمثلة على ذلك التجاذبات وتصارع اللوبيات داعيا الجميع إلى وضع “اليد في اليد” حتى تكون الطريق أسهل.
وأشار إلى أنّ جائحة كورونا “شيء كبير” وأنّ دولا عظمى شهدت عمليات تسريح للعمال بالملايين وتوقعات بان تنخفض نسبة النمو بـ10 و12 بالمائة لافتا إلى أن العالم سيتغير وإلى أن نظام الرأسمالية المتوحشة سيتغير وأنّ التوازنات شمال-شمال ستتغير وأنّ نموذج الانفتاح بالتكلفة الزهيدة الذي يتمّ اعتماده خاصة في الشرق سيتغير كذلك.
واعتبر انه امام تونس فرصا يمكن استغلالها وأنها ستعرف في الفترة القادمة قيمة جيرانها لافتا إلى وجود فرص واعدة في التعاون مع الأجوار وفرص التكامل مؤكدا ان قطاعات مثل الفلاحة والسياحة ستشهد تغييرات كبيرة في الفترة القادمة.
التعليق:
تكلّم الوزير بلهجة هي مزيج بائس بين الاستسلام والتّخويف، استسلام للوضعيّة الحاليّة بذريعة استمراريّة الدّولة، والحلّ عنده أن يواصل نفس السياسة، التداين… التداين… التداين…، والتخويف ممّا سيحدث في الدّول التي سمّاها “عظمى” من انهيار اقتصادي مروّع، وهو رغم ذلك لن ينفكّ من تبعيّتها والتعلّق بأذيالها
أيّها الوزير هل أنقذ التّداين من سبقوك في الحكم؟ بل هل أنقذ التّداين يوما أيّ بلد؟ ألم تكن الدّيون سببا في استعمار بلادنا؟؟؟
نعم أيّها “الوزير” الوضعيّة “صعيبة…” بل كارثيّة وقبل أن تُخبرنا أنت عنها فقد أخبرنا ربّنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حيث قال في سورة “طه”: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ(124) )،
ولكنّ الله بيّن لنا في هذه الآية وهدانا إلى سبب الشّقاء وانسداد الأفق، (الثنيّة المسكّرة) فالسبب هو النّظام الذي تتّبعونه، السبب أيّها الوزير أنّكم أعرضتم عن دين الله واتّخذتم النّظام الرأسمالي دينا لا تستطيعون التفكير خارجه ولا تنظرون إلا حيث وجّهكم الرأسماليّون، فأنتم لا ترون إلا اتّباع الدّول الغربيّة ولو كانت مستعمرة لبلدكم، ولا ترون حلولا اقتصاديّة إلا باتّباع وصفات صندوق الخراب الدّولي والبنك العالمي رغم تحذيرات كبار الاقتصاديين في العالم منه حتّى لقّبوه بالقاتل الاقتصادي، نعم لقد عميت بصائركم بل أبصاركم عن أن تروا أن البنك وصندوق النّقد الدّوليين هما من أكبر المتسببين في انهيار اقتصادات الدّولوالمجاعات في افريقيا والفقر المدقع المهيمن على أمريكا الجنوبيّة… ،
وأنتم لا ترون إلا التّداين بالرّبا المحرّم، وزعمتم أنّه الحلّ الوحيد الآن. وأن إيقاف التداين بالربا الحرام غير ممكن. ألم تقرأ قول ربّنا تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).
أيّها الوزير: أعميتم عن ثروات البلاد ومن ينتهبها ليلا نهارا؟ وماذا عن صابة القمح القياسيّة أين ذهبت؟ ولماذا ندفعلنشتري القمح من الخارج في الوقت الذي سجّل فلّاحونا أرقاما قياسيّة في الإنتاج؟؟؟ ولمصلحة من؟ ولن نسألكم عن الثروات الباطنيّة الأخرى، فتلك من المحرّمات عندكم، ولن نسألكم عن البنوك الخاصّة في تونس وأرقام أرباحها الفلكيّة في السنوات الأخيرة رغم الأزمة الخانقة في البلاد، فذلك ما لا يخطر ببالكم أصلا.
نعم بمثل هذه العقليّة الضيّقة التي لا ترى عن الرأسماليّة بديلا ستكون “الوضعيّة صعيبة برشة برشة” وستكون “الثنيّة مسكّرة”. لأنّكم ببساطة لا تريدون النّظر في الإسلام دينكم ودين آبائكم الذي جعل من تونس سيّدة لحوض المتوسّط لقرون عديدة. وأبيتم معشر السياسيين إلا الانغماس في تبعيّة مقيتة لعالم رأسماليّ مأزوم يتداعى للانهيار.
إنّ في الإسلام العظيم حلولا لكلّ مشكلات البشر (لا التونسيين فقط)، فمشكلة تونس ليست في نقصان الثروة أو عدم إنتاجها كما تزعمون إنّما المشكلة في توزيع الثروة توزيعا عادلا، ولقد أثبت النّظام الرأسماليّ فشلا ذريعا في توزيعها، بل شهدنا وشهد العالم هيمنة فئة الواحد بالمئة على العالم، ولم تشذّ تونس عن هذه القاعدة، فقلّة قليلة من أصحاب المال تسيطر على معظم الثروة وتحبس بعضها لرفاهيّة أفرادها، وتهرّب الباقي إلى البنوك الخارجيّة (ألم تسمع بالتحقيقات التي أثبتت أنّ نزيف التهريب في السنوات الثمانية الماضية وصل حدّا مرعبا عشرات الآلاف من المليارات وجدت سبيلها إلى البنوك الخارجيّة..؟)
نعم في الإسلام العظيم الحلّ ألم تسمع إلى قول الله تعالى في سورة طه:(…. ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ(123))
نعم لقد أنزل الله هدى يهدينا ويجعل “الثنيّة مفتوحة” والفرج قريبا، ولقد بيّن حزب التحرير في عشرات الإصدارات حلول الإسلام العمليّة العادلة التي تنقذ البشريّة من وحش الرأسماليّة، وإن كان من تغيير سيحصل في العالم فإنّه قيام دولة إسلاميّة على منهاج النبوّة تطبّق الإسلام وتنقذ به الانسانيّة جميعا. وهذا أوانها بإذن الله تعالى.