وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
الذكرى:
بينما النبي صلى الله عليه واله وسلم في الطواف إذا سمع أعرابياً يقول: يا كريم
فقال النبي خلفه: يا كريم ،فمضى الأعرابي إلى جهة الميزاب وقال: يا كريم
فقال النبي خلفه : يا كريم، فالتفت الأعرابي إلى النبي وقال: يا صبيح الوجه, يا رشيق القد ,أتهزأ بي لكوني أعرابيا، والله لولا صباحة وجهك ورشاقة قدّك لشكوتك
إلى حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فتبسّم النبي وقال: أما تعرف نبيك يا أخ العرب؟
قال الأعرابي : لا
قال النبي : فما إيمانك به؟
قال : آمنت بنبوته ولم أره وصدقت برسالته ولم ألقه…
قال النبي : يا أعرابي , اعلم أني نبيك في الدنيا وشفيعك في الآخرة.
فأقبل الأعرابي يقبّل يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فقال النبي:يا أخ العرب لا تفعل بي كما تفعل الأعاجم بملوكها،فإن الله سبحانه وتعالى بعثني لا متكبّرا ولا مُتجبّرا بل بعثني بالحق بشيرا ونذيرا..
فهبط جبريل على النبي وقال له: يا محمد: إن الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك : قل للأعرابي،لا يغُرنّه حلمنا ولا كرمنا,فغداً نحاسبه على القليل والكثير، والفتيل والقطمير.
فقال الأعرابي: أو يحاسبني ربي يا رسول الله؟
قال : نعم يحاسبك إن شاء.
فقال الأعرابي: وعزّته وجلاله، إن حاسبني لأحاسبنّه…
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وعلى ماذا تحاسب ربك يا أخ العرب ؟
قال الأعرابي : إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته،وإن حاسبني على معصيتي حاسبته على عفوه،وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه…
فبكى النبي حتى ابتلّت لحيته ،فهبط جبريل على النبي وقال : يا محمد،إن الله يقرئك السلام ، ويقول لك: يا محمد قلّل من بكائك فقد ألهيت حملة العرش عن تسبيحهم، وقل لأخيك الأعرابي لا يحاسبنا ولا نحاسبه فإنه رفيقك في الجنة.
الموعظة:
المواعظ كثيرة وما أحوجنا اليوم لتذكّرها والعمل بها حتى نلقى ربنا وهو عنا راض .
1-آمن الأعرابي بنبوة محمد وبرسالة الإسلام عن عقل وبينة دون أن يرى نبيه أو يعرفه،فكان إيمانه راسخا شامخا لا تهزه العواصف والشدائد ،وما أحوجنا اليوم إلى تجديد إيماننا ليكون بمثل إيمان هذا الأعرابي فيحصل التصديق الجازم بأن الإسلام حق والرسول حق والجنة حق والنار حق والبعث والنشور حق وأنك أيها الإنسان كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فإما أن تُؤتى كتابك بيمينك ففوز ونجاة وجنة نعيم وإما أن تُؤتاه بشمالك فجهنم تتلظى فيها وتشقى والعياذ بالله فعجل بحسن الوقوف بين يدي ربك في الدنيا ولا تعصي له أمر وحدث نفسك بالفوز والفوز فقط.
2-أرسل الله عز وجل سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور فكان الرحمة المهداة للبشرية جمعاء ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) فما من مخلوق على هذه الأرض إلا وقد نال حظًّا من هذه الرحمة المهداة،نالها المؤمن بهداية الله له، وأُعطيها الكافر بتأخير العذاب عنه في الدنيا، وحصَّلها المنافق بالأمن من القتل، وجريان أحكام الإسلام في الدنيا عليه؛ فجميع الخلق قد هنِئوا وسعدوا برسالته صلى الله عليه وسلم.والغافل من فرّط في هذه النعمة والرحمة وأعرض عن نبيه وربه والسعيد من استظل بحكم الإسلام واتبع هدى ربه ونبيه وأطاعهما فعجّل أخي المسلم بحب نبيك وحب ربك وحب دينك،حب ولاء وطاعة وسير وخضوع وخنوع وإنابة لا حب شهوة بلا عقل ولا اتباع.
3-حسن إسلامك أيها الأعرابي فقد أيقنت أن الذي خلقك غفور،عفو،كريم ،صفات كمال لا تكون إلا لعظيم ،والعظيم لا يشمت في عباده بل يحنو عليهم ويهديهم سبلهم وينتظر توبتهم بالليل والنهار حتى لو أذنبوا وعصوا وبخلوا …وفي الحديث القدسي: يُخاطب اللهُ تعالى عباده بالقول: يا ابنَ آدمَ، إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي؛ غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي؛ غَفَرْتُ لكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا، ثُمَّ لَقِيْتَني لا تشرك بِيْ شَيْئا؛ لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً.فعجل أيها المسلم بتوبة نصوح تقربك إلى الله زلفى وتنجيك يوم اللقاء.
4- إن الواجب في ذمة كل مسلم طاعة ربه في كل أمره ونهيه في سره وعلنه ،وإن ما يُنغّص علينا حياتنا اليوم استفحال الكفر وتفشيه وتحكمه في رقاب الناس وليس ذاك إلا لغياب سلطان الإسلام وحكمه ،تلك الأمانة التي استودعها الله ورسوله أمة الإسلام لتقوم بها وتنهض على أساسها ،أمانة الدين جسيمة وتحتاج رجال الأمة وأمة الرجال ،أترضون الدنية في دينكم ؟أترضون أن يحكمكم رويبضات بغير ما أنزل الله؟أترضون سيادة النظام العلماني الديمقراطي -عدو الله ورسوله والمسلمين- عليكم فيذيقكم ويلات الدنيا وضنكها ويدخلكم دار البوار؟
لا والله فما لا يأباه الله لكم لا تأبونه لأنفسكم فأنتم أمة الخير والعدل والقسط فاستنهضوا هممكم والتحقوا بصفوف العاملين لإقامة تاج الفرائض خلافة على منهاج النبوة فما هي إلا ساعات وتسقط كل الرايات وتعلو راية لا إله إلا الله محمد رسول الله .
CATEGORIES مميز