وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا   هُمْ بِمُؤْمِنِينَ،يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا  هُمْ بِمُؤْمِنِينَ،يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

 بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه

قال الله تبارك وتعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) 12 البقرة، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) هؤلاء يدعون الإيمان بالله واليوم الآخر، ويتقمصون هيئة المؤمنين ويدعون أقوالهم، ظنا منهم أنهم يخدعونهم بإخفاء ما بأنفسهم!، والإيمان ليس قولا بالسان وحسب بل ما وقر في القلب وصدقه العمل، وظهر في السلوك والاخلاق وطبع الحياة ونظمها وحكمها بشرع الله، وهؤلاء لا تتعدى دعواهم طرف ألسنتهم ، عوضا أن تقر في قلوبهم وتحكم وتنظم حياتهم وأفعالهم، والإيمان بالله يعني إفراده تبارك وتعالى بالربويبة والألوهية بالعبادة المطلقه في جميع شؤون الحياة، بالتزام العقيدة والشعيرة والشريعة بالحكم والتحاكم بالعدل والإنصاف بما أنزل الله على رسوله ﷺ، وهذا يظهر في هيمنة الشريعة الإسلامية على حياة االناس، وطبع سلوكهم وأخلاقهم ومعاملاتهم بها، وفي الحكم والتحاكم وتنظيم الحياة كلها صغيرها وكبيرها، بتسير إرادة الناس والمجتمع والدولة بشرع الله، وإلا فلا إيمان ولا عبادة ولا طاعة. عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ:” قَالَ رَسُولُ اللّهِ “أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ ) وحق الشهادتين هوالتزام ما جاء به رسول الله التزاما كاملا غيرمنقوص، بالحكم والتحاكم  وتحقيق العدل والإنصاف بين الناس وتنظيم شؤون حياتهم بشرع الله، فالمؤمن يلتزم بطاعة الله وطاعة رسوله بتنظيم شؤون حياته بالأحكام والأنظمة والقوانين والأعراف والمقاييس والمفاهيم المنبثقة والمستنبطة من القرآن الكريم والسنة الشريفة، ومن يمتنع عن ذلك ويدعي الإيمان فهو حتما منافق لايؤمن بالله وبرسولهﷺ، ولا ينفعه تقمص هيئة المؤمنين (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) يظنون أنفسهم أذكياء قادرون على خداع الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم السر وأخفى ( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون) هؤلاء حياتهم قائمة على الكذب والرياء والخداع، فهم يظهرون الإيمان ويبطنون النفاق وقد عشش الشك والغش والريبة في قلوبهم، قال الله تبارك وتعالى: ( وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) 125التوبه، هكذا يتلقى المنافقون آيات الله بالشك والريبة والإستهزاء (فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا ) سؤال مريب كله شك واستهزاء، فيأتي الجواب، الذين آمنوا زادتهم آيات الله إيمانا بطاعتهم لله ولرسوله، ومرضى القلوب زادتهم شك وريبة ونفاق وماتوا وهم كافرون، وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض وقد تبين لنا حالكم (قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فهم سادرين في غيهم ونفاقهم لا يلون على شيئ ولا يعترفون بفساد أمرهم ويدعون أنهم مصلحون! (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) وهذا حال بعض أبناء المسلمين الذين انخدعوا بالقومية والعلمانية والديمقراطية والعشائرية والقطرية واشتغلوا مع الكفار وكانوا عونا لهم بالقضاء على الدولة الإسلامية – بدلا من إصلاحها- وتبنوا فصل الإسلام عن السياسة وإقصائه عن الحكم، تحت ذريعة الإصلاح الكاذب المخادع، والنتيجة لا تخفى على أحد وما نعيشه اليوم خير دليل على فسادهم وفساد مسعاهم، وما زال الفاسدون يدعون ( إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) ولا يثنيهم عن غيهم حال المسلمين وضياع بلادهم وتفرق شملهم وضعف حالهم، وتسلط أهل الكتاب على المسلمين!، هؤلاء المفسدين هم حكام بلاد المسلمين قاطبة هذه الأيام يتولون الكفار ويناصرونهم على حرب الإسلام والمسلمين ( أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) لا يشعرون من ألفتهم  للضلال والغي والفساد وتوليهم الكفار،

وقال الله تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) 73 الأنفال، الكفر ملة واحدة أعداء لكم مهما كانت شعاراتهم ومسمياتهم، لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة، وهذه حقيقة دينية وحقيقة تاريخية، حقيقة دينية لتناقض إيمانكم مع كفرهم، وحقيقة تاريخية أن علاقتهم بكم قائمة على العدواة والحروب وترصد الدوائر بكم، فلا تأمنوا لهم ولا تكنوا لهم المودة والولاء ولا تركنوا لهم فهم ( بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) وإن لم تجمعوا صفكم أيها المسلمون وتتناصروا وتنصروا دينكم، ويكن ولائكم لله ولرسوله وللمؤمنين حقا وصدقا، بإقامة دين الله وتنفيذ شريعته وأمره ونهيه ( تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) تذهب ريحكم ويسيطر عليكم عدوكم ويمزق شملكم،  ويتولى شراركم أمركم كما هو حاصل هذه الأيام في بلاد المسلمين!، 

وقال الله تبارك وتعالى : (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) 41 الروم، (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) هذه حقائق لا مراء فيها ولا ينكرها إلا كل متعنت ظالم، متكبر وفي نفسه صغر!، الله ربكم ورب أبائكم الأولين خلقكم ورزقكم وأحياكم ويميتكم ثم إليه تحشرون (هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) سوأل للنفي بمعنى ان شركائكم ومن تتولوهم، لا يقدرون أن يفعلوا لكم شيئ مما ترجونه فتوبوا إلى الله ربكم ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) من قبل أن يأتي يوم لا مرد له ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الفساد عم الكرة الأرضية وظهر في أركانها ولا تخطئه العين لإنتشاره في كل مكان، وذلك لفساد عقائد الناس وأفكارهم والأنظمه التي وضعوها لأنفسهم، فجلبت عليهم الحروب والخراب والدمار، واستعباد القوي للضعيف وظلمه، وأصل الفساد من إقصاء الشريعة الإسلامية عن الحكم، وعدم إلتزام المسلمين بالحكم والتحاكم لشرع الله، وعدم تغيرهم على الحكام الظلمة وقلع جذورهم والركون إليهم، ولا يخفى على أحد ما حدث ويحدث في بلاد المسلمين من قتل وتشريد وخصوصا في فلسطين، المجازر والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والقتل والتجويع والتشريد والتهجير، كأن الدنيا تعيش في أظلم وأحلك زمانها، لا دين ولا إنسانية ولا رأئفة ولا خلق عند الأمريكان واليهود، ولا مروءة ولا شرف ولا دين عند حكام بلاد المسلمين، فهم يتعاونون على قتل المسلمين وتجويعهم، والأمة الإسلامية مشدوهة لا تحرك يدا لدفع عدوها ولا لمحاسبة حكامها!، وهذا الهوان والذل والركون للظالمين، الذي نهى الله عنه يعود لإقصاء الشريعة الإسلامية عن الحكم!، والتعايش مع الأحكام الوضعية وكأنه القدر المحتوم!، والقبول بحكام ظلمة مارقين أفسدوا حياة المسلمين!، وصلاح الحياة لا يكون إلا بالحكم والتحاكم لشرع الله، والله تبارك وتعالى ليس له غاية عند أحد حتى يمكنه من حقوق وميزات لا تعطى لغيره، بينما الناس لهم أهوائهم وشهواتهم لأنفسهم ولمن يتبعهم في النسب والمصلحة والهدف، 

وقال الله تبارك وتعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) 206 البقرة ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ) هؤلاء الذين ملأوا الدنيا صياحا وإدعاء وأن الخلاص بأيدهم وتحرير بلاد المسلمين بأطراف أصابعهم، وهم في حقيقتهم ونتيجة حكمهم وأفعالهم وواقع حياتهم، لا بنوا بلدا ولا أنشأوا دولة ولا أعادوا أرضا ولا حرروا عبدا ولاحقنوا دما، وعودا كاذبة بالخير والتحرير، بدعوى القومية والإشتراكية والديمقراطية والوطنية، شعارات طنانة جوفاء لا ماهية لها، فقط لتدتليس والتلبيس على المسلمين ليخيل لهم أن آمالهم وأحلامهم قيد التحقيق، وواقع هؤلاء يشهد أنهم (َأَلَدُّ الْخِصَامِ) شديدي الخصومة كذابون يلبسون الحق بالباطل يختلقون الأكاذيب والقصص ليتمكنوا من سدة الحكم، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ( وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) وعمل هؤلاء الحكام وزبانيتهم الإفساد في الأرض ودعواهم جاهلية، لم تأتي بخير للمسلمين!، ولم يسلم من شرهم وفسادهم لا الشجر ولا الحجر ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ) وإذا نبه اعتبر التنبيه خطأ بحقه، واعتز بإثمه وسدر في غيه هذه النخبه الحاكمة في بلاد المسلمين، لظلمهم وسوء طويتهم وفسوقهم حسبهم (جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) وثم يتحدثون عن الفساد وضرورة محاربته والخلاص منه، وهم أهله وأدواته والقائمين عليه، فمن يمنعهم إذا – والسلطة بأيديهم – من الحكم بما أنزل الله إن كانوا صادقين؟، ومن يحملهم على الحكم بغير ما أنزل الله؟، ومن يدفعهم لأحضان الكفار؟. والله من وراء القصد، ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الكَافِرينَ، واغْفِرْ اللهم لِي وَلِوَالِدَيَّ ولمن له حق علي وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ إبراهيم سلامة 6/12/2024

CATEGORIES
Share This