يتعالى صراخ الغربيين على اقتصاد تونس الذي دمروه: احذروا تباكيهم على بلادكم.. لا تخافوهم ولا تركنوا إليهم
تتالت تصريحات المسئولين الغربيين، في الآونة الأخيرة، محذرة من إشراف الاقتصاد التونسي على الانهيار، وأبان صراخهم عن قلق مراكز قرارهم من الوضع الذي آل إليه اقتصادنا، فوجدوا في عتمة انشغالهم بالحرب في أوكرانيا، والتكلفة التي عليهم تحملها، وأمام جدية التحالف الروسي الصيني الذي بات يهدّد السيطرة الغربية على العالم، أو في صراعهم الشرس على الطاقة ومصادرها وطرق نقلها، متسعا من الوقت للانشغال بالأحداث في تونس.
فأجندة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن لم تضق بهموم تونس، ولا لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، فيحذر من إمكانية انهيار الاقتصاد التونسي، ليرسل نائبته بربرا ليف التي لم تغب عن البلد إلا بضعة أشهر، معرّضا بالجانب الأوروبي من أن موجات الهجرة غير الشرعية تتهدد أوروبا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي.
ففي حين تضغط الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه أن تخضع تونس لشروط صندوق النقد الدول حتى يتسنّى المضيّ المضي في تنفيذ الاتفاق الإطاري الممضي في أكتوبر الماضي فإن الأطراف الأوروبية تتحرك بحسب ما تقتضيه مصالحها فهذا وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني يؤكد أن بلاده ترغب في أن يفرج صندوق النقد الدولي عن أقساط القرض المشار إليه آنفا، في حين أن السّفير الألماني عبر “عن اعتزاز بلاده بمستوى العلاقات مع تونس وعن استعداد ألمانيا الدّائم لمساندة جهود بلادنا في النّهوض الاقتصادي والتّنمية المستدامة وفي معاضدة مساعيها ضمن مؤسّسات الاتّحاد الأوروبي وصندوق النّقد الدّولي”.
أما الاتحاد الأوروبي فيدخل علينا من باب حقوق الإنسان لما دعاه برلمانه إلى “تعليق برامج دعمه لوزارتي العدل والداخلية في تونس، بسبب تدهور وضع حقوق الإنسان في البلاد، وعن قلقه العميق للوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ، حدا وصف معه مسئول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، “الوضع في تونس بالخطير للغاية” وعبر عن قلقه إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، وأنه يخشى انهيارها، ليتوج هذا التهارش الغربي على بلادنا بإعلان المقرّرة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين بمنظمة الأمم المتحدة، مارغريت ساترثوايت عزمها القيام بزيارة رسمية إلى تونس من 16 إلى 26 ماي 2023، عشرة أيام كاملة مبينة عن الحظ العاثر لموقوفي المرحلة كونهم سيقضون أيام العيد، وما بعده، رهن الاعتقال، عسى تسعد المقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحامين بزيارتها لتونس، في انتظار تقديم تقريرها الشامل في عام 2024
هل الهجرة غير الشرعية انطلاقا من تونس هي الخطر الذي يتهدد أوروبا؟
يتواطؤ مكر الفرقاء الغربيين، في تنازعهم على النفوذ في بلداننا وتدافعهم على المغانم، على خداع المضبوعين بعفونة مبدئهم الذين توقف الزمان عندهم المكان عند أعتاب الغرب حتى لو يعد يرون خلاف ما يريهم هذا الغرب الذي اتخذوه صنما يعبد من دون الله، فأوهموهم بأن مآسيهم متأتية من كونهم غير ديمقراطيين بالقدر الكافي، فصاروا يصدقون أن أوروبا تخشى فعلا من موجات الهجرة غير الشرعية، انطلاقا من ضفافها الجنوبية، لو ازدادت الأوضاع في تونس سوءا. والواقع أن أوروبا اليوم هي أحوج ما تكون إلى العقول المبدعة والسواعد البناءة أمام ما تشهده مجتمعاتها من تهرم وتدنّ في الولادات، وإنما قلقها متأتّ ممّا تشهده من تنامي الوعي لدى شعوبنا على حقائق الأمور، وعلى طبيعة العلاقة بيننا والمستعمرين الكفار الذين بسطوا سلطانهم علينا وعلى مقدراتنا، بتوطئة من الحكام الذين مكّنوهم من رقابنا. وخشيتهم أشدّ ما تكون من انفضاض عموم أبناء الأمة من حول هؤلاء الحكام، إذ لم يعودوا قادرين على خداع الناس وإقناعهم بمشاريعهم الوهمية، وأطروحاتهم المتهافتة، فتعظم خشيتهم بتفاقم الأزمة الاقتصادية التي ستكون عاملا رديفا لوعي الناس وانتباههم.
فكان مكر الأعداء الغربيين، أوروبيين وأمريكان، يتركز على التضليل عن المعالجة الجذرية التي تتوفر أمام أبناء تونس وسائر الأمة ، والمتمثلة في أحكام الإسلام، وذلك لخ يتعالى صراخ الغربيين على اقتصاد تونس الذي دمروه:
احذروا تباكيهم على بلادكم… لا تخافوهم ولا تركنوا إليهم.وفهم من مبدإ الأمة وما يكتنزه من طاقة التغيير الجارفة، القادرة على تحطيم سلطانهم وتعرية كذبهم، وإنهاء تسيّدهم على البشرية، وكشف بهتانهم.
أما رفض قيس سعيد استقبال مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف مرة ثانية، بعد أن كان له معها حوار الصيف الماضي، واكتفائه بالسماح لوزير خارجيته نبيل عمار بمقابلتها، تعبيرا عن رفضه للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لتونس، وكذلك استثارة حفيظة الأطراف السياسية والبرلمانية، التي يراد تشكيل وسط سياسي جديد منه، بدلا عن الوسط القديم الذي زج بأغلب قياداته بالمعتقلات، رفضا للتوصيات والملاحظات حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس، التي اتخذها البرلمان الأوروبي في تونس باعتبارها ” تدخلا سافرا في الشأن الداخلي التونسي، متضمنا مغالطات كثيرة “، ودفاعا عن «سيادة بلادنا وحرية قرارها»، فلا يعدو كل ذلك إلا استبدال وهم بوهم، ومغالطة خطيرة للناس، مادام الصراع مع خصوم الداخل وأعداء الخارج يدور على صعيد مبدإ الغرب المستعمر الكافر الذي يتوهم كل طرف أنه يعمل على التخلص من سلطانه، وهو في الحقيقة لا ينفك عن تثبيت قيوده حول معاصمنا. والحل معلوم غير مجهول، ولن يكون إلا في مبدإ الأمة، في شرع الله الذي تطبقه دولته دولة الخلافة على منهاج النبوة، فمن رام صدقا، سيادة البلاد وحرية قرارها، ومن ابتغى قطع كل تدخل سافر أو موارب في شؤوننا الداخلية والخارجية فليس له إلا هذا السبيل. فلا يخدعنكم تعالي صراخهم على اقتصاد تونس،فهم الذين دمروه بقبولكم الخضوع لهم.احذروا تباكيهم على بلادكم، لا تخافوهم ولا تركنوا إليهم.
إلا أننا نقول لهم، إذ أبيتم إلا الركون إليهم: وفروا جهودكم، وارفقوا بحناجركم فنحن على بينة بالداء وعلاجه. فنكبتنا في الطغمة التي مكنتموها من رقابنا… الحكم في تونس والمعارضة، فقدوا البوصلة وانبتّت بهم السبل، ولم يعودوا يرون إلا ما يرى الأعداء، فالأمة انتبهت وإن غدا لناظره قريب..
CATEGORIES كلمة العدد