يوم كانت لنا دولة تجمعنا…
كانت الولايات المتحدة الأمريكيّة، تطلب رضا المسلمين وتدفع لهم إتاوات. في ذلك الزمن، تلقت هزيمة عسكرية على يد ليبيا، وكانت تخاف من الجزائر وتبحث عن رضاها، وأسعدها كثيراً أن المغرب اعترف بها.
فبعد انتصار المستعمرات الأمريكية على بريطانيا عام 1776، وتأسيس الولايات المتحدة، بدأ بحارتها يرفعون العلم الخاص بالدولة الوليدة على سفنهم، وكانت سفن أمريكا التجاريّة لا تستطيع المرور إلا بإذن من ولاة الدّولة العثمانيّة في الجزائر وتونس وليبيا.
الولايات المتحدة أرسلت عام 1784 بعثة دبلوماسية تكونت من ثلاثة من أهم الشخصيات في تاريخها، هم بنجامين فرانكلين، وتوماس جيفرسون، وجون أدامز، إلى دول المغرب العربي التي كانت تابعة للخلافة العثمانية. لإقامة علاقات سياسية واقتصادية معها وضمان الإبحار بأمان في البحر الأبيض المتوسط، بحسب درسة للدكتور كفاح عباس رمضان الحمداني، بعنوان “الإستراتيجية الأمريكية في دول المغرب العربي”.
الدولة العلوية التي كانت تحكم مراكش بشكل مستقل عن الدولة العثمانية، استجابت للبعثة الدبلوماسية، وعقدت معها معاهدة عام 1786، بموجبها تتعهد الولايات المتحدة بدفع 10 آلاف دولار سنوياً لحاكم المغرب، مقابل حماية تجارتها، وعدم تحصيل رسوم ترانزيت من سفنها. فقد ارتبط المغرب بعلاقات مع الولايات المتحدة منذ حرب الاستقلال، وكانت مراكش أول مَن اعترف بالولايات المتحدة كدولة مستقلة، بعد حربها مع بريطانيا.
اتفاقية مع الجزائر
أما الجزائر فقد كانت معروفة بقوة أسطولها البحريالذي كانت أوروبا كلها تخشاه، خاصة بعد انتصاره على إسبانيا عام 1783، فرفضت طلب الوفد الأمريكي ولم توقع معه أي معاهدات. وفي عام 1785، استولت الجزائر على سفينتين أمريكيتين، فأرسلت واشنطن مندوبها، جون لامب عام 1786، للتفاوض مع حاكمها، الداي محمد باشا. وافق الأمريكيون على طلبه بدفع مبلغ عشرة آلاف دولار، مقابل تحرير السفينتين، بحسب كتاب “الجزائر خلال الحكم التركي” لصالح عباد. ويوضح عباد أنه في عام 1793، هاجمت الجزائر السفن الأمريكية مرة أخرى واستولت على 11 سفينة وأسرت 150 شخصاً، واضطر وزير الخارجية الأمريكي إدمون راندلوف إلى تخصيص نحو مليون دولار، لتخليص الأسرى والسفن. وأقر الكونغرس عام 1794 قانوناً لإنشاء أسطول من ست سفن لاستخدامها ضد الاعتدءات المعادية في البحر المتوسط. لكن جون لامب كتب تقريراً أكد فيه أن الولايات المتحدة غير قادرة على إرغام الجزائر على السلام، خاصة أنها كانت قد وقّعت اتفاق هدنة مع البرتغال عام 1791، ومعنى ذلك أن حركة الأسطول الجزائري ستمتد أيضاً إلى المحيط الأطلسي، وتستطيع إعاقة حركة السفن الأمريكية فيه، بحسب عباد.
وفي عام 1795 أرسلت واشنطن مندوبها، جوزيف دونالدسون، إلى الجزائر للتفاوض، وتم الاتفاق على معاهدة “الصداقة والسلام” بين البلدين في 5 سبتمبر 1795، كتبت باللغة التركية. واشترطت المعاهدة على الولايات المتحدة أن تدفع للجزائر إتاوة سنوية مقدارها 21 ألفاً و600 دولار، أو ما يقابلها من بضائع أو خدمات، مقابل السماح للسفن الأمريكية بالمرور في البحر الأبيض المتوسط. وفي عام 1800، كانت السفينة الأمريكية جورج واشنطن في الجزائر تحمل إلى حاكمها الإتاوة السنوية.
اتفاقية تونس
بعد عامين من توقيع الاتفاقية الأمريكية الجزائرية، وقعت واشنطن اتفاقية مع تونس في 1 أغسطس 1797، بوساطة جزائرية، وصادق عليها الكونغرس الأمريكي في 6 مارس 1798. تضمنت الاتفاقية 23 بنداً، ومن بين بنودهاأن تخضع البضائع الأمريكية في الموانئ التونسية لرسوم جمركيّة بنسبة 10%، مقابل 3% للبضائع الواصلة إلى الموانئ الأمريكية، كما تعهد الأمريكيون بدفع هدايا لحاكم تونس والمقربين منه عند توقيع المعاهدة وفي المناسبات الرسمية، ما يوضح أن الطرف التونسي تمتع بامتيازات أكبر
حرب طرابلس
وقّع والي طرابلس يوسف باشا القرمنلي اتفاقية مع الولايات المتحدة تشبه التي وقعها التي وقعها والي الجزائر، وذلك في 4 نوفمبر 1796.
هذه بعض المعلومات التّاريخيّة الموثّقة التي تبيّن كيف كنّا سادة الدّنيا تخضع لنا الرّقاب يوم كانت لنا دولة حقيقيّة عزيزة منيعة صاحبة رسالة عالميّة. فكانت أوروبا مجتمعة والولايات المتّحدة الأمريكيّة ترهب جانب المسلمين وتقرأ لهم ألف حساب لأنّهم كانوا سادة لا يعرفون الخضوع إلا لله وحده حين كانوا يدركون أنّهم من أمّة نبيّ الله محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأنّ دورهم أن يعمروا العالم بنور الله الإسلام حتّى عرف كلّ العالم قوّتهم وعدلهم.
ولكن خلف من بعدهم خلف ضيّعوا الدّين وضيّعوا بلدانهم ووقفوا بذلّ وصغار فهانت عليهم أنفسهم وداسهم الاستعمار وفرّقهم وصاروا يطلبون رضا الغرب الذي لا يرضى.
نعم كنّا سادة بالإسلام وبالإسلام وحده نعود سادة كما كنّا هذا هو القانون هذا هو شرع الله.
التحرير