25 جويلية: قطع الطريق على ثورة شعبية لا تبقي ولا تذر
عقد حزب التحرير / ولاية تونس يوم الخميس 26 أوت الفارط بمقره المركزي بأريانة ندوة صحفية بعنوان: 25 جويلية: قطع الطريق على ثورة شعبية لا تبقي ولا تذر.
ندوة أثثها كل من الدكتور الأسعد العجيلي, رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير, والأستاذ عبد الرؤوف العامري رئيس مكتبه السياسي, والأستاذ المحامي عماد الدين حدوق.
وتمحورت التداخلات حول:
تبيان أن ما حصل في 25 جويلية كونه عملية إنقاذ للنظام المتهاوي في تونس, بعد ما شهده من سخط متعاظم من قبل عامة الشعب, ومطالبات يومية بالتغيير الجذري, لتأتي عملية قيس سعيد عبر تفعيل الفصل 80 من الدستور لإيهام الناس بإحداث التغيير والالتفاف والتضليل وصرف الناس عن عملية التغيير الجذري الحقيقية.
حيث قال الدكتور الأسعد العجيلي إن ما حدث في حقيقته هو إدخال نفوذ غربي جديد على البلاد وحكمها, وارتماء في أحضان فرنسا التي دعمت الرئيس لإزاحة خصومة من الوجوه القديمة وهم بالذات عملاء بريطانيا في الحكم, والسير في ما أجمعت عليه دول الغرب فيما يخص البلاد الإسلامية عامة وتونس خاصة,لا وهو: عدم السماح بحدوث ثورات أخرى في تونس وبلاد المسلمين حتى لا تنفلت من الأمور من بين أيديهم.
وأضاف: الرئيس أن سعيد أسير للفكر الغربي ولا يرى حلا إلا ضمن المربع الذي حشرنا فيه الغرب الذي يرى أنه لا بد من إقصاء الإسلام من التشريع, ومحاربته تحت عنوان محاربة الإرهاب, وأن الغرب ودوله متفقون على عدم السماح للمنطقة العربية أن تخرج من سيطرتهم, وخاصة تونس.
وأكد العجيلي أن تونس لن تحقق الثورة ولن تشهد التغيير الجذري المنشود إلا إذا تسلح الشعب التونسي بمشروع حضاري نابع عن الأمة ومنها, وهو المشروع الذي يقدمه حزب التحرير, نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي يحرر طاقة البلاد ويفك عنها أسر الدول الغربية.
وفي السياق ذاته تحدث الأستاذ عماد الدين حدوق عما شهدته تونس خلال السنوات الفارطة من خيانات سياسية متتالية, باستعمال نفس الأساليب التي تقوم على تجويع الشعب وإذلاله ليتسنى للحكومات المتعاقبة آنذاك رمي البلاد في أحضان المستعمرين الغربيين بخيارات اقتصادية تقوم على رهن البلاد للمؤسسات المالية بالقروض, وخنق الصحوة الإسلامية وقصف الأصوات المنادية بتحكيم الإسلام ووصمهم بأبشع النعوت, وغلق المساجد.. وكله تحت مظلة محاربة الإرهاب… كما ذكّر حدوق بدور حزب التحرير في عديد المحطات المشرفة من العمل السياسي الذي سعت الطبقة السياسية المتعاقبة على حكم البلاد آنذاك على إفشاله وتطهيره. ومنها دور حزب التحرير في الوقوف في وجه من شرعوا دستور 2014 الذي أشرفت عليه الدوائر الغربية, وكان للحزب في صدّه وبيان خطره الصوت العالي والتبيان الكبير لمخاطره في شكل ملحمي. إضافة إلى إطلاق الحزب لحملة “وينو البترول” التي أثارت فزع السفراء والقناصل الغربية داخل البلاد, وكشف الإرهاب المتمترس وراءه أياد غربية أحدثته في توقيتات حساسة ومفصلية, تحت هالة من القصف الإعلامي المظلّل والمهرسل لعقول العامة.
وأضاف حدوق: إن هذه الدولة قد ماتت وانتهى دورها منذ فرار بن على ومن ذاك الوقت وهي تعيش بالمحاليل الترقيعية, وعلى ذلك نرى في كل مرة محاولات جديدة لإنقاذها بتوافقات مرة, وباغتيالات أخرى وباستبعاد وجود واجراءت استثنائية كهاته التي حصلت في 25 جويلية كجرعة انتظار ووقفة لاسترجاع نفس من قبل النظام.
ومن جهته تحدث الأستاذ عبد الرؤوف العامري عن الوضع الذي تعيشه تونس من كونه نتيجة طبيعية لما مرت به من مراحل منذ ما يقرب قرنين من الزمن، تميزت بداية بمحاولة الانفصال عن كيان الأمة ودولتها وبدية تشكل الكيان الوطني تحت إشراف قناصل وسفراء الدول الأوروبية مرورا بعهد الأمان ودستور 1861 ثم مرحلة الاستعمار وما صاحبها من محاولات سلخ أهل تونس عن دينهم.. بدأ بالمرحلة البورقيبية والحرب على الإسلام وعملية تجفيف المنابع.. بدعوى التحديث والتقدم… مرورا بالثورة والمكر بها: الفصلين 56 و57.. الدستور وظروف إصداره… والمسرحية الهزلية للحياة البرلمانية… وترذيل العمل السياسي, وقرب انفجار الوضع في وجه الطبقة السياسية بأكملها…
لتأتي حركة قيس سعيد الإستباقية لانفجار الوضع وتحرك الناس نحو الحلول الجذرية…
وإن كان لما قام به قيس سعيد من إجراءت من شيء إيجابي هو أنه أجهز على ما تبقى من الصورة الوهمية المرسومة لدى بعض أبناء تونس من جدوى الديمقراطية والانتخابات التي تفرز مؤسساتها وأطراف الحكم فيها.
ودعا الأستاذ عبد الرؤوف العامري في مداخلته إلى توحيد الجهود مع أبناء الأمة من أجل استرداد البلاد، وإخراج الأجنبي، والأخذ على يد كل من خضع له، ويعمل معه لتثبيت نفوذه وسيطرة ثقافته المنبثقة من وجهة نظره…
وأكّد على أن ذلك يستوجب تجسيد الإسلام في الحكم والعلاقات وسائر شؤون الحياة، أي أن نتخذ العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام، وما بني عليها من أفكار قضيتنا السياسية، وذلك باستئناف الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.
وحذر من الإنخداع بالدعوات التي تكرس المنظومة الغربية علينا وتأبيد حكمها. وعدم الانجرار إلى القوانين الظالمة.
وتوجّه إلى الشرفاء من القضاة والمحامين وأعضاء النيابة العمومية.. بالقول: أنتم القوامون على العدل ومنع الظلم، أقسمتم على حماية الحق العام المجتمع من الجريمة فأين أنتم من هاته الجرائم…؟ فعليكم اليوم مسؤولية عظيمة تقتضي أن تتبينوا مفهوم العدل الذي لا يعني تطبيق القوانين كما هي وإنما تطبيق أحكام الله, لإخراج الناس من دائرة ظلم هذه القوانين الوضعية الجائرة.
وإلى المخلصين من رجال تونس ووجهائها وكل صادق حر شريف يهمه مصلحتها ومصلحة أهلها, تحمّلوا مسؤوليتكم فيما يحدث في البلاد وكفوا عن تعليق الآمال فيمن لا رجاء فيه وأن يتحملوا مسؤوليتهم في إعلان عدم رضاهم إلا بإقامة الإسلام.
وإلى علماء المسلمين وخطباء المنابر: من أولى منكم بكلمة الحق, وأنتم الذين اعتلَوتم منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فاصدعوا بالحقيقة وكونوا كمثل العز ابن عبد السلام والإمام أحمد بن حنبل..
إلى القيادات الأمنية والعسكرية وبخاصة المخابرات.. نقول لهم صادقين مهم: إن كان السياسي يتتبع الأحداث ويغربلها, فأنتم مطلعون على الملفات بتفاصيلها, أنتم أعلم الناس بمن خان, وأنتم أعلم الناس بمن أخذ الأموال, نربأ بكم أن تأخذوا على أيدي هؤلاء وتكشفوهم وأن لا تحموهم.
وختم قوله بالتأكيد على أن جماع القضية أن هذا الوسط السياسي برمته واقع تحت النفوذ الغربي وعاجز أن الخروج عنه, حتى أصحاب النوايا الحسنة منهم, وعليه فمسؤوليتكم مفصلية حاسمة فكونوا على قدرها.