النظام الديمقراطي الوثن القاتل

النظام الديمقراطي الوثن القاتل

حسن نوير

كم من فاجعة وكم من رزية يجب أن تحل بالبلاد حتى يُدرك الناس أن كل النوائب مردّها النظام  الديمقراطي الوضعي, وأن أولئك الخُشب المسندة الذين جيء بهم إلى الحكم  بدء ب ” بورقيبة” مرورا ب ” بن علي” ووصولا إلى كل من تعاقبوا على الحكم بالوكالة بعد الثورة ونفذوا فينا أوامر وإملاءات المسؤولين الكبار، ما هم إلّى آلة الجريمة ليس إلا في يد قاتل لم تذهب ظمأه أنهار الدم التي سفكها, ولم تكبح نهمه الثروات التي نهبها. هذا القاتل هو وثن صنعه الغرب ومعه صنع دمى أجلسها على كراسي الحكم في بلاد المسلمين ومنذ ما يزيد عن مائة عام وهم عليه عاكفون ومن حولهم آلاف المشعوذين ممن يسمون أنفسهم بالطبقة المثقفة أو النخبة وأبواق صدئة احتلت الساحة الإعلامية وطوقتها من جميع الجهات المرئية والمسموعة والمكتوبة تنشر وتروج عبادة هذا الوثن الذي لم ينشر في بلاد المسلمين غير الموت والخراب بما يحتويه من أفكار ومفاهيم فتاكة.

فصل الإسلام عن الحياة

الكل يعلم كيف ظهر هذا الوثن وكيف انتشرت طقوس عبادته في العالم. لقد ظهر في أوروبا بسبب تسلط وتجبر الكنيسة وبسببها تفشى الجهل والتخلف وعمّ الظلم والقهر نتيجة افتقار المسيحية لنظام يعالج المشاكل مما فسح المجال لرجال الكنيسة كي يتحكموا في كل شيء حسب مصالحهم ومصالح الملوك والإقطاعيين, وهذا الوضع أدى إلى ثورة على الكنيسة والبلاط ومن هنا جاءت فكرة فصل الدين عن الحياة, لأنه وكما أسلفنا الذكر دين بلا نظام وكل تعاليمه من صنع ما يسمى برجال الدين. وكانت النتيجة أن عرفت أوروبا قفزة نوعية وتخلصت من فقرها وتخلفها. في المقابل كانت بلاد المسلمين تشهد تقهقرا واضحا في جميع المجالات نتيجة الضعف الفكري الذي طرأ على المسلمين, الشيء الذي استغله أعداؤه وتمكنوا من إيجاد موطئ قدم في العالم الإسلامي عن طريق فئة انبهرت بما حققته القارة العجوز من تقدم مادي وأوعزوا تردي أحوال المسلمين إلى الإسلام, والحال أن العكس هو صحيح, وهنا كانت الطامة الكبرى. فلقد بث الغرب سمومه في جسد الأمة المنهك وحوّله إلى مزق شتى، وتم تغييب الإسلام وأحكامه عن الحياة وأصبح التشريع من دون الله ديدن الحكام والمضبوعين بحضارة الغرب, ونتيجة لهذا تمكن الغرب من الاستحواذ على بلاد المسلمين “الجمل بما حمل” وألقى بنا أذيال الاستعمار في أتون الدمار الشامل, وكله تحت قداسة وثنهم الذي استماتوا في الذود عن حماه ليرضى عنهم الكاهن الأعظم وهو المستعمر صانع وثن اسمه النظام الديمقراطي.

لهم رغد العيش ولنا شظفه

اثر الفاجعة الأخيرة في عمدون المتمثلة انقلاب الحافلة وهلاك 29 شابا, وإثر كل فاجعة تحل بالمسلمين, غالبا ما تقع المقارنة بين الوضع في بلادنا وأوضاع الغرب, ففي الحادثة الأليمة الأخيرة ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور تظهر البون الشاسع بين طرقاتهم وطرقاتنا ومستشفياتهم ومستشفياتنا…، مع كمّ هائل من المديح والثناء على مهندسيهم ومقاوليهم وأطبائهم وحكامهم, وعمال النظافة عندهم, وبلدياتهم.. ولكن فات أولئك المقارنين أن يلقوا نظرة على ما يقع في بلاد المسلمين من قتل حدّ الإبادة,  ونهب للثروات حدّ الاستنزاف ,على أيدي من طرقاتهم فيها كل مقومات السلامة ولا توجد فيها حفرة ولو في حجم ثقب إبرة ومن مستشفياتهم يطيب المقام فيها ولا يخاف زائرها بخسا ولا هضما. فرغد عيشهم رهين ما يغنمونه من بلادنا عن طريق الدهس والعفس والسحل.. وعن طريق حكام وكلوهم ليجعلوا من طرقاتنا مقابر ومن مستشفياتنا مسالخ ومن مدارسنا ومعاهدنا إسطبلات, ومن كل شبر من بلادنا جحيما يجبر لظاها آلاف الشباب على الموت غرقا في عرض البحر.

نعم عملوا على تغيير نمط عيشنا وأخضعوا مجتمعنا لوجهة نظر وثنهم فأصابنا ما أصابهم من تفسخ وانحلال وتفشّ لكل أنواع الجريمة, فكانت مصيبتنا مضاعفة, فقر, تهميش, تخلف, زائد تدهور أخلاقي وفقر مدقع في القيم تحت وطأة وسطوة ذاك الوثن وسدنة معبده الذين يسبحون بحمده أناء الليل وأطراف النهار, يقدمون له الذبائح والقرابين أمواتا وأحياء, وما الذين قضوا نحبهم في حادثة عمدون أو تلك الطفلة التي جرفتها مياه الوادي في جندوبة ومن قبلهم العاملات اللواتي فقدن حياتهن أثناء الركض خلف لقمة العيش أو الرضع الذين حكموا عليهم بالموت المبكر تماما كما حكموا على مئات الآلاف بالانقطاع المبكر عن التعليم إلا عينة بسيطة من جرائم وثن النظام الديمقراطي.

CATEGORIES
TAGS
Share This