غياب الإسلام عن الحياة أعظم الكوارث

أ, حسن نوير

هي الكارثة الكبرى والطامة العظمى, منذ وقوعها وإلى اليوم يرزح المسلمون تحت نير الظلم والقهر والاستعباد.انتُهكت أعراضهم وسُلبت ثرواتهم والأدهى من هذا وأشد مرارة فُرض عليهم نمط عيش يناقض عقيدتهم ولا يمتّ لها بأية صلة. سقوط دولة الخلافة وغياب الإسلام عن الحياة هو أشد الزلازل وأعظمها أدى وقوعه إلى دك حصون بلاد المسلمين وحوّلها إلى أشلاء متناثرة على خريطة العالم تنزف تفرقة وتشتتا, وتعاني من أوجاع تفوق تلك التي عانى منها أهلنا في المغرب إثر الزلزال الذي ضرب مدينة مراكش أو تلك التي ألمت بأهلنا في ليبيا عقب الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة ومدن أخرى بالشرق الليبي. إن ما حصل في هذين الجزأين من بلاد المسلمين قضاء الله ولا راد لقضائه سبحانه وتعالى, لكن كان من الممكن التقليل من هول الكارثة لو كانت هناك دولة همّها الأول والأخير حسن رعاية شؤون الناس والسهر على خدمتهم وجعل أمنهم وسلامتهم والعيش بكرامة فوق كل اعتبار وغاية لا تسبقها أية غاية وهذا غير ممكن ومستحيل في ظل نظام غير نظام الإسلام ذلك النظام الذي جعل أحد حكام المسلمين وهو الخليفة عمر الخطاب ترتعد فرائصه لإمكانيّة تعثّر بغلة في العراق لأنه هو المسؤول عنها ومن واجبه أن يمهّد لها الطريق حتى لا تتعثر, وإن حصل وتعثّرت بسبب عدم تمهيد الطريق فهو المسؤول عن هذا الخطأ الجسيم والجرم الكبير في حقّ مستعملي الطريق من المسلمين

نعم تمهيد الطرقات وتوفير شروط السلامة والأمان مسؤولية الدولة دون سواها وأدنى تقصير يحاسب عليه من تولّى أمور المسلمين ولا عذر له مطلقا. هذا ما يسمّى اليوم بالبنية التحتيّة وتهم جميع مرافق الحياة بدءا بالطرقات وتهيئة المدن والمدارس والمستشفيات وكل ما يحتاجه الناس في حياتهم, فالأموال يجب أن ترصد وتصرف من أجل أن يعيش الناس في كنف الرفاه ورغد العيش فالحاكم في الأول وفي الآخر لخدمتهم وهذا غير ممكن البتة في ظل نظام غير الذي جاء به الوحي كتابا وسنة, ففي الإسلام أحكام شرعية تضبط واجبات الدولة وتلزم الحاكم بإتباعها دون سواها ولهذا كان عمر بن الخطاب يصل ليله بنهاره في خدمة المسلمين ولهذا كان أبو بكر الصديق يقوم بخدمة عجوز فقيرة بنفسه ولهذا جيّش المعتصم الجيوش من أجل نصرة امرأة مسلمة انتهك عرضها

الأمثلة عديدة متعددة على حسن رعاية شؤون الناس في ظل أحكام الإسلام. كما أن الأمثلة كثير ولا حصر لها على سوء رعاية شؤون الناس في ظل نظام يُفصل فيه الإسلام عن الحياة وعلى سبيل الذكر لا الحصر ما حدث مؤخرا في المغرب وليبيا. الزلزال الذي ضرب جزءا من مدينة مراكش راحت ضحيته فئة من أهلنا في المغرب حكمت عليها الدولة بالموت منذ عقود: فتلك المناطق الجبلية الوعرة غير صالحة أن تكون مناطق سكنية لوعورة تضاريسها وصعوبة بل استحالة التنقل فيها, لكن الدولة أجبرت تلك الفئة على العيش هناك لشدة فقرهم وعوزهم. لا ماء ولا كهرباء, الأطفال محرومون من الدراسة والمرضى ممنوعون من العلاج, فتلك المناطق معزولة عن العالم تماما ولا يربطهم بالدولة أي شيء فهم بالنسبة للدولةجزء من الحيوانات البرية التي تعيش في الجبال, ولما حلت الكارثة وضرب الزلزال تلك المناطق واكتشف العالم وجود بشر يعيشون هناك, سارعت الدولة إلى تبرير عدم تعاملها مع ضحايا الزلزال بالشكل المطلوب بالطرقات الوعرة وانقطاعها بسبب تراكم الحجارة وغيرها من التعلات التي نكاد لا نجد لها نهاية والحال أنها هي المسؤولة عن وجودهم في تلك المناطق المعزولة وعيشهم في مباني تحيلنا إلى ما قبل العصور الوسطى. نسيتهم الدولة وهم على وجه الأرض وها هي اليوم تتجاهل من قضى نحبه تحت الأنقاض وتدير ظهرها للناجين من الزلزال. تركتهم يواجهون مصيرهم لوحدهم في العراء لا ماء ولا غذاء ولا غطاء لهم غير السماء. الدولة في المغرب همها الوحيد اليوم هو تهدم بعض المعالم الأثرية التي تعتبرها اليونسكو ضمن التراث العالمي, عدا ذلك لا يهمها من الأمر شيء, فالآلاف من ضحايا الزلزال غير مدرجين في سجلاتها ولا وجود لهم أصلا. ما حصل في مراكش هو ذاته الذي أصاب درنة مع الاختلاف في التفاصيل, فالمياه الطوفانية التي اجتاحت المدينة ما كان لها أن تخلف ذلك الدمار الصادم والمؤلم لو كانت الدولة تقيم للناس وزنا. لقد أجمع الخبراء والمختصون في علم الجيولوجيا أن كل السدود في ليبيا غير مهيأة لتجميع نسبة عالية من مياه الأمطار واستغلالها لاحقا في مرحلة موالية في إثراء المخزون المائي, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يؤكد الخبراء أن الكارثة التي حلت بدرنة تسهم فيها بنسبة تفوق الخمسين بالمائة البنية المتهالكة لسدود المدينة, فسدّي درنة لم تطرأ عليهما أية عملية صيانة منذ إنشائهما رغم التسربات الحاصلة فيهما والتي تسببت في فيضانات سابقة حصلت منذ أربعين سنة

لقد واصلت الحكومات المتعاقبة على حكم ليبيا ما بدأه “معمر القذافي” وأهملت صيانة السدود الحالية ولم تقم بتشييد سدود جديدة. فالإهمال وعدم المبالاة هي السمة الأبرز في سياسات حكام الضرار الجاثمين على صدور المسلمين يبدّدون أموالهم في تفاهات ما أنزل الله بها من سلطان, كما يفعل اليوم سفهاء آل سعود ينفقون آلاف المليارات على مجرد لعبة ويتهافتون على استقدام لاعبي كرة القدم والمسلمون يموتون إما جوعا أو غرقا أو تحت الأنقاض ولا مغيث لهم وان لم يقضوا بكل هذا يقوم هؤلاء الحكام السفلة بقتلهم إما في الزنازين تحت التعذيب أو اغتيالهم تحت جنح الظلام بسبب رفضهم العيش تحت تسلطهم وفي ظل نظام وضعي انبثق من أهوائهم بعد أن وسوست لهم شياطين الغرب باتباعه وتطبيقه من دون نظام ارتضاه الله للناس كافة

CATEGORIES
Share This