كانت واحدة من الثورات التي شهدتها عدة أجزاء من بلاد المسلمين كتونس و ليبا ومصر و اليمن، ثورات لم يكتب لها أن تكتمل بسبب المكائد التي حيكت ضدها و كمائن المكر و الخداع التي نصبها لها أعداء الأمة.كل تلك الثورات قامت ضد حكام طغاة ، باعوا ذممهم إلى الكافر المستعمر، فساموا الناس أشد أنواع العذاب من أجل أن يظل الكافر المستعمر يتحكم و يتصرف في بلاد المسلمين كيف ومتى يشاء.سقط العسس الذين كانوا يحمون مصالح المستعمر وبات وجوده في بلاد المسلمين مهددا ، وحتى لا يطال لهيب الثورات أجزاء أخرى من بلاد المسلمين عمد الأعداء على اخماد جذوتها في المهد ، وعملوا على حرفها عن مسارها حتى لا تصيب وجودهم في مقتل باستهدافها مركز و منبت الداء و هو نظام الحكم.كانت خشية القوى الاستعمارية أن تصل الثورات إلى ذروتها و تأتي على الأخضر و اليابس وتجتث النظام الوضعي بعد أن أطاحت بأشخاص جلسوا على كراسي الحكم لحمايته و تطبيقه على الناس بأساليب تراوحت بين القمع و البطش و بين التضليل و المخاتلة، وبسقوطهم خسرت القوى الاستعمارية وكلاءها في تونس و مصر و ليبيا واليمن وها هي اليوم تخسر وكيلا أخر وذيل من أذيالها في الشام، وحتى لا تخسر الجمل بما حمل نجحت في تعويضهم بوكلاء صنعتهم على أعينها في إسطبلاتها المخفية على الأعين وألبستهم لباس الثورة ودفعت بهم في الواجهة ليتصدروا المشهد و يمسكوا بزمام الأمور خاصة أنهم كانوا معارضين لمن كانوا في الحكم ك «بن علي» في تونس ، و «القذافي» في ليبيا « وحسني مبارك» في مصر ، و الأهم من ذلك كله أنهم من الفئة الملتحية التي تتحدث باسم الإسلام وكانوا يرفعون رايته زمن معارضتهم للجالسين على كراسي الحكم ، مما أكسبهم ثقة الناس الذين يتوقون إلى أن يحكمهم الإسلام لا النظام الديمقراطي الوضعي.كان لهم ما أرادوا و أصبحت السلطة بأيديهم وما أن استتب لهم الأمر حتى نكسوا على أعقابهم ، وبتنا لا نسمع غير مدنية الدولة و القوانين الكونية و حقوق المرأة والحريات، ووجوب فصل الدين عن الدولة..ونحو ذلك من مفاهيم الغرب العفنة ووجهة نظره للحياة.بالمختص المفيد حافظو على النظام الديمقراطي بعجره و بجره ، وقطعوا الطريق امام كل من يسعى إلى التغيير الجذري على أساس الإسلام، فقد أوهموا الناس بالتغيير من خلال صياغة دساتير جديدة لا تختلف عن سابقاتها إلا من حيث التسميات وأسماء من صاغها، معدى ذلك فهي دساتير وضعية أساسها التشريع من دون الله غزّ وجلّ.فكانت النيجة استمرار المعاناة و تفاقم ضنك العيش و شضفه،والأدهى من هذا هو ماستمرار الكافر المستعمر في الهيمنة على بلادنا و التحكم في مصيرنا.
في الشام كانت نطلاقة الثورة مختلفة عن تلك التي اندلعت في تونس ومصر و ليبيا ، فمن الوهلة الأولى كانت الشعارات التي هزت الأرجاء تنادي بدولة الخلافة و تحكيم شرع الله، لهذا أطلق الرئس المخلوع «بشار الأسد» كلابه المسعورة مدعوما بمحور الشر أمريكا و اشياعها ونكلوا بهم شرّ تنكيل .فعلوا ما فعلوا حتى لا يسقط النظام ، ونجحوا في مسعاهم إلى حدّما ، وظل النظام ثابتا والقائمين عليه في أماكنهم إلى أن حدث ما فاجأ الجميع وشنت « هئئة تحرير الشام» حجوما كاسحا على جيش « بشار الأسد» و اجبرته على الفرار لا يلوي على شيء.»هية تحرير الشام» هذه صنفها الغرب ، منظمة إرهابية لكن قائدها « الجولاني» أسمعهم منذ اللحظة الأولى التي تلت هروب « بشار الأسد» ما يريدون سماعه أو بالأحرى وعدهم بما يريدون الحصول عليه ، دولة مدنية ..ومؤسسات الدولة..والتعامل مع المجتمع الدولي ..والالتزام بالقوانين الدولية ، وما إلى ذلك. وقد قال الرئيس الأمريكي معلقا على تصريحات « الجولاني» « ما سمعناه من قائد هيئة تحرير الشام صواب و ننتظر الأفعال» نعم هم يريدون من « الجولاني» أن يترجم كلامه إلى أفعال ، ويحكم بتشريعات الغرب لا بشرع الله ، ويلتزم بالقانون الدولي فلا يعكر صفو «كيان يهود» ويعلن عليه الحرب ،الحريات العامة كما يراها الغرب و يكرس حقوق المرأة كما يراها الغرب ، ويفصل تماما الإسلام عن الحياة ويدع له حبيس جدران المساجد كما هو الحال في سائر بلاد المسلمين.
ثورة الشام في بدايتها كانت مختلفة عن باقي الثورات التي سبقتها، لكنهم يعملون على أن تكون نهايتها كما انتهت عليه ثورة تونس و ليبيا ومصر، ثورة كالبرق الخلب الذي لا يعقبه مطر، ثورة عجفاء لا تأتي بالبديل الذي ترتجف منه فرائص زعماء الغرب الكافر وهو تطبيق الإسلام في ظل دولة تحمله إلى العالم لتملاه عدلا ورحمة.
لهذا ثورة الشام هي في مفترق الطرق ، إما أن تستكمل القائمون عليها طريقها نو ح الانعتاق التام من ربقة الاستعمار بتطبيق شرع الله بإقامة صرح الخلافة, وإما أن يسلكوا سبيل الضلال و يتبعون خطوات شياطين الغرب و ينسلخون عن ما أمر به الله و أوجبه على المسلمين كافة فيبوؤا بالخسران المبين…