إلى السفير الأمريكي بتونس دانيال روبنستين: تونس الزيتونة تشق طريقها إلى خلافة على منهاج النبوة
الخبر:
“تونس ترسم نظامها الديمقراطي وتشقّ طريقها إلى الأمام” هكذا عنون سفير الولايات المتحدة الأمريكية بتونس دانيال روبنستين مقالا له أصدره بتاريخ 2016/12/27 في الموقع الرسمي للسفارة الأمريكية، وفي هذا المقال مجّد السفير التقدم والتحول المستمر في المجال الديمقراطي، كما أنه أشاد بمؤسسات إنفاذ القانون والعدالة الجنائية التونسية وزيادة احترامها لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
التعليق:
في البداية، نوضح للسفير دانيال روبنستين الذي عرّف تونس بأنها “خليط من لسانين عربي وفرنسي، موسيقى السطمبالي والمالوف، تنافس فرق كرة القدم وكرة اليد المحليّة وحبوب صنوبر (البندق) التي تعلو شراب شاي بالنعناع”. نقول له: إن تونس هي بلد الإسلام بلد الزيتونة وعقبة بن نافع، هي بلد العبادلة السبعة، وهي منطلق الفتوحات الإسلامية في أوروبا، وغير هذا التعريف يكون تعريفا غريبا منكرا مسقطا لتونس ابن خلدون والطاهر بن عاشور.
ثم إن ثورة تونس الأبية، التي قررت التمرد على النظام الرأسمالي وكنس رموزه ووجوهه الكالحة، لم تنادِ لا بمبادئ الديمقراطية ولا بمبادئ الجمهورية، بل تعالت الحناجر صراحة “الشعب يريد إسقاط النظام” وما النَّفَس الإسلامي المهيمن على الحراك الثوري، الذي عشناه في تلك الفترة إلا خير دليل على المطالب الحقيقية لعامة الناس، وما مسألة الحريات العامة من حرية العقيدة وحرية الضمير وحرية التعبير وما شابه ذلك من حريات شاذة وغريبة عن هذا المجتمع إلاّ كما وصفها السفير في مقاله المبتذل “المصالح الوطنية للولايات المتحدة في تونس”.
كما تطرق سفير الولايات المتحدة الأمريكية إلى جملة المساعدات اللوجستية والفنية والتقنية التي قدمتها بلاده لوزارة الداخلية وللمؤسسة العسكرية، وهنا نقول لأصحاب مقولة “هيبة الدولة”: إنه لمن الخزي والعار أن نسلّم أمننا ودفاعنا ومراكزنا الحيوية ومؤسساتنا السيادية لأعدائنا بأيدينا ترتع فيها كما تشاء، في حين إن لنا من الكفاءات العلمية ومن القيادات المحلية ما يغنينا عن هذه التبعية المذلة وهذه الاختراقات الناعمة.
كما أشاد دانيال روبنستين بالإصلاحات التشريعية الاقتصادية كقانون شراكة القطاع العامّ والخاصّ وقانون البنوك وقانون الإفلاس، وهنا ليس من الغرابة بشيء أن تجد هذه الإشادة، فما كان لهذا النظام الرأسمالي الفاسد المتوحش أن يتركز فيما بيننا، وما كنا لنصل إلى هذه الإفرازات المالية الكارثية ولا إلى هذه النتائج المجتمعية والإنسانية المزرية لولا تلك المجالس التمثيلية التي نسبوها إلى الشعب زورا وبهتانا وتلك العُصبة من النواب الذين عشقوا التبعية الأجنبية والتشريعات الغربية والأفكار العلمانية واتخذوا من مبادئ أمثال سيئ الذكر “نوح فيلدمان” الصنم الذي يقدس والذي يقتدى به.
كما أن ما سماه السفير الأمريكي بمساعدات وتمويلات ميسورة التكلفة ما هي إلا سبب البلاء والبلية والأزمة الاقتصادية التي وصلت إليها البلاد اليوم والتي كلفتها ديناً بلغ 62.660 مليار دينارٍ.
وفي الختام نقول إن الأمة الإسلامية وتونس على وجه الخصوص، باتت تطالب بإلحاح شديد بضرورة التغيير الجذري والعمل على قلع أمريكا ومن لف لفها وقلع آليات النظام الرأسمالي المتوحش التي أدت إلى رهن الشعوب بجبل من الديون الخارجية وبأعباء ثقيلة شلت قدرتها على النهضة والتنمية الاقتصادية الصحيحة.
إن الحل الأمثل للخروج من هذا الاستعمار الجائر والمذل هو إعادة الإسلام إلى سدّة الحكم حتى يمكننا علاج المشكلة الاقتصادية بناء على أحكام الإسلام التفصيليّة فنكون في مأمن من قروض تذل العباد وتغضب رب العباد، فمنظومة الإسلام الاقتصادية الكاملة لو طبقت في دولة تقوم على عقيدة الإسلام، ليكونَنَّ الرخاءُ والسيادة وخير منهما رضوان من الله، هذا مع استرجاع هذه الأمة العظيمة هيبتها بين الدّول بعد ذلّ حكّام لا يرون أنفسهم إلا تبعا للكافر المستعمر.
ممدوح بوعزيز