المؤتمر الدولي للاستثمار “تونس 2020” لن يُصلح ما أفسده النظام الرأسمالي
الخبر:
تستضيف تونس يومي 29 و30 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 الندوة الدولية للاستثمار “تونس 2020” لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وأعلن السيد محمد الفاضل عبد الكافي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي أنه سيتم عرض 145 مشروعاً خلال المؤتمر منها 67 مشروعاً عمومياً و34 مشروعاً في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص و44 مشروعاً خاصاً، وتبلغ قيمة المشاريع الجملية 67 مليار دينار.
كما أكد أن المؤتمر سيعزز بتواجد شركات أوروبية ضخمة في قطاعات عدة على غرار الصناعة والطيران والنسيج وقطاع السيارات كما أعلن أن العديد من الشركات التي بارحت تونس ستجدد استثماراتها بالبلد.
كما أفاد وزير التنمية أن الندوة ستشهد توقيع حوالي 15 اتفاقية تمويل وسيتم أيضا إمضاء عقود شراكة مع شركات أمريكية.
التعليق:
تسعى الحكومة التونسية من خلال استضافتها لمؤتمر “تونس 2020” الدولي، لدعم التنمية المحلية وجلب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية، وذلك بهدف دفع نسق النمو الاقتصادي والتقليص من نسبة البطالة والتحسين من الظروف الإنسانية المتأزمة.
وفي هذا الإطار، انبرت جوقة من الإعلاميين والسياسيين، ومن خبراء الاقتصاد والمالية المضبوعين بالفكر الرأسمالي المتوحش المفلس، ليُسوِّقوا لنا أن هذا المنتدى الاستعماري هو ترياق الحياة وحبل النجاة وأن لا منفذ لنا ولا مخرج إلا به وبالارتماء في أحضان الشركات المتعددة الجنسيات الاحتكارية والصناديق المالية العالمية، ونسوا أو بالأحرى تناسوا أن صندوق النّقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي هم من هندسوا السياسات الاقتصاديّة في بلادنا، طوال فترة حكم المقبور بورقيبة والمخلوع بن علي، هذه السياسة التي ضيّقت على النّاس معاشهم وجعلت خيرة أبنائهم مجرّد خدم لأصحاب الشركات الكبرى بدعوى الاستثمار الأجنبي.
إن خدعة الاستثمار الأجنبي ليست بالخدعة الجديدة على تونس فهذه السياسة الخبيثة متغلغلة فينا منذ 1972م، تلك الفترة التي انتهج فيها الوزير الأول آنذاك الهادي نويرة سياسة الانفتاح والليبراليّة الاقتصادية، أو ما يعرف حاليا بالاقتصاد الحرّ، والذي جاء في أبعاده الأولى، التشجيع على الاستثمارات الأجنبية الموجّهة نحو التّصدير، ثم جاءت مجلة الاستثمار لسنة 1992 لتكيف المزيد من القوانين لصالح الحضور الأجنبي بحجة دفع النمو ودفع عجلة الاقتصاد. وها نحن اليوم في 2016 نعيش مصادقة مجلس النواب على قانون الاستثمار الجديد لمزيد من تعميق وتجذير سياسة الاستعمار غير المباشر فينا.
وهنا نتساءل، بعد تجربة دامت أكثر من 40 سنة، هل هذه الاستثمارات المزعومة ساهمت في رقي البلاد والرفع بها إلى مستوى الدول المتقدمة أم أنها لا تتعدى أن تكون مظهرا آخر من مظاهر الاستعمار المتجدد، خصوصا وأننا نعيش وضعا شبيها بالفترة التي سبقت احتلال تونس في أواخر القرن التاسع عشر من حيث ارتفاع حجم المديونية وهشاشة البنيات الاقتصادية والإنسانية والسياسية، وإفلاس تدبير الشؤون العامة؟
إن هذا المؤتمر لا يحل المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وإنْ أثمر فلا يتعدى نفعه زيادة معدلات نموِ الناتج الإجمالي، والذي في حقيقته ليس حلاً ولا معياراً يعكس الحالةَ الاقتصادية الحقيقيّة للبلاد.
إن الداء يكمن في جوف النظام الاقتصادي الرأسمالي المطبّق في تونس، وهو نظامٌ يحمل الداء في ثناياه، فلماذا التشدّق بهذا النظام الفاسد؟ ولماذا يحاولون حل مشكلاتنا عن طريق إعادة استنساخه، وهو خال وعاجز عن أن يمدَّنا بالحلول الجذرية.
فالواجب هو اجتثاثه من جذوره واستبدال النظام الاقتصادي الإسلامي به، كاملاً في إطار تطبيق المنظومة الإسلامية الكاملة دون اجتزاء أجزاء منها، في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هذا ما فرضه علينا رب العالمين، وهذا ما يجب أن نعمل من أجله، وأن نلفظ النظام الرأسمالي العفن المطبق في البلاد الذي ما أورثنا إلا ذلا وتبعية للغرب الكافر.
ممدوح بوعزيز