حكومة الصيد تقنن التجسس على المسلمين!
أكّد وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلّي عزم الوزارة التصدّي لظاهرتي الإرهاب والتهريب، وفكّ “اللغز الرابط” بينهما، وفق تعبيره. وأضاف على هامش يوم دراسي حول قوات الأمن الداخلي ورهانات مجابهة الإرهاب والتهريب، أنّ الوزارة تعمل على تسخير الإمكانيات الضرورية للعمل الإرشادي وتفعيل منظومة المخبرين. وقال الوزير إن قانون الإرهاب الجديد سيوفر الحماية لكل من يتعاون في مجال المعلومة.
تتوالى سقطات حكومات ما بعد الثورة في تونس، فإضافة لهزالها وعجزها عن إيجاد الحلول الناجعة للمشاكل المتراكمة في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أو حتى الأمنية، ها نحن نجدها اليوم تحنّ وتروم العودة لممارسات ما قبل الثورة من خلال تفعيل منظومة المخبرين وتحت غطاء قانوني.
جدير بالتذكير أنّ منظومة المخبرين تواجه رفضاً شعبياً واسعاً بعد أن ارتبطت بمنظومة البوليس السياسي طوال سنوات فترة حكم الطاغية ابن علي، وما عاناه الإسلاميّون خاصّة من ظلم وقهر نتيجة وشايات كاذبة وافتراءات زائفة من قبل هؤلاء المخبرين. وقد تمّ حلّ هذا الجهاز بعد الثورة على خلفية جرائمه المتعدّدة ضدّ حقوق الإنسان والفظاعات التي انتهكها إضافة إلى التضييقات التي مارسها على الحريات. فكيف يعقل لثورة قامت ضدّ الظلم والفساد وتكميم الأفواه أن تسمح بالعودة إلى منظومة المخبرين؟ ألا يُعدّ هذا الأمر تجسّساً على أبناء البلد وتتبعاً لعوراتهم وأسرارهم الخاصة؟
من المعلوم أن الشريعة الإسلامية قد صانت حقّ حفظ المرء؛ ما يعنيه وما يختصّ به من أموره وشؤونه وأسراره بعيداً عن تطفّل المتطفّلين واقتحام المقتحمين، فسدّت كلّ ذريعة لاختراقه بأيّ وسيلة، تجلّى ذلك في نهي الله عز وجلّ المؤمنين عن خُلق التجسس وهو تتبّع العورات والعثرات والبحث عنها في الخفاء وهو محرّم بالكتاب والسنة.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.
لقد أعطى الله الحياة الخاصة حرمة شرعيّة فلم يُجِزْ للغير اقتحامها، والأصل أن يعيش الناس آمنين على أنفسهم، آمنين على بيوتهم، آمنين على أسرارهم، آمنين على عوراتهم ولا يوجد مبرّر – مهما يكن -لانتهاك حرمات الأنفس والبيوت والأسرار والعورات. وجاء في الحديث الذي أخرجه البخاري – رحمه الله – في “صحيحه” عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجسَّسُوا، ولا تحسَّسُوا، ولا تباغَضُوا، ولا تدابَرُوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا».
هذا حكم الشرع في التجسس على المسلمين، ولكن أنّى لحكومة التوافقات والترضيات أن تدرك خطورة ما أقدمت عليه؛ وأفرادها مجرّد موظّفين لدى أسيادهم – الغرب الكافر المستعمر – يوقّعون حيث يُطلب منهم التوقيع ويعملون جاهدين من أجل تثبيت أركان نظامه المتهاوي – الذي لا يجد الرضا والقبول من أبناء تونس – بالقمع والاستبداد.
وفي الأخير نقول لمن تصوّر أو توهّم أنّه بالإمكان العودة إلى وضع ما قبل الثورة:
إنّ للتاريخ سنناً وقوانين وقد أذن الله للتاريخ أن يتبدّل فحضارتكم الرأسمالية مدبرة – رغم عمليات التجميل ومحاولة تلميع وجهها القبيح، والحضارة الإسلامية مقبلة – رغم محاولات التشويه والتضليل، ولن تستطيع مؤامراتكم أن توقف نبض الأمة وسعيها نحو التغيير الحقيقي.
قال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.
الأستاذ محمد علي بن سالم