حوار خاص: مع فاخر العجمني الناطق الرسمي باسم اعتصام العرقوب بو لحبال (قبلي) بين صمود وتضحية ووعي المعتصمين وتجاهل الحكومة

حوار خاص: مع فاخر العجمني الناطق الرسمي باسم اعتصام العرقوب بو لحبال (قبلي) بين صمود وتضحية ووعي المعتصمين وتجاهل الحكومة

ونحن في الطريق إلى نقطة اعتصام العرقوب “بولحبال” لم تكن تراودنا إلا فكرة الوصول إلى مقصدنا, فالصحراء قاحلة وممتدة على مد البصر وأشعة الشمس تلفح أجسادنا عبر نوافذ السيارة والحرارة تزيد من ضيق صدورنا وتختبر صبرنا وجلدنا والجمال التي تكلأ متجهة بناصيتها نحو الشمس حتى لا تصاب بضرب شمس فتموت، فسبحان الذي قال ” أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ” في هذا الإطار كنت أفكر في أولئك المعتصمين في ظروف لا يتحملها إلا الرجال الرجال ولكن أمام حفاوة استقبالهم لنا عند الوصول علمت أنهم من طينة أخرى غير التي اعتدناها: صبر وجلد وتواضع وكرم يخجل الضيف ويرفع عنه عناء الطريق ويشعره أنه بين رجال ليسوا كباقي الرجال.

التقينا بالسيد ” فاخر العجيمي” الناطق الرسمي لتنسيقية اعتصام “العرقوب بولحبال” وخصّنا مشكورا بالحوار التالي:

س : هل يمكن أن تعرفنا بشخصك و باعتصامكم ؟

ج : فاخر العجيلي الناطق الرسمي باسم تنسيقية ” العرقوب بولحبال ” وهي تنسيقية متكونة من عشر جهات تمثّل دوز الكبرى وغليسية، وحتى نكون واضحين للرأي العام الداخلي و الخارجي ما خرجنا واعتصمنا وكابدنا ما كابدناه من عناء و مشقة ترونها بأم أعينكم لأننا جياع أو معطلون عن العمل بل غايتنا الأساسية من هذا الحراك هو كتابة تاريخ جديد لهذا البلد الطيب أهله والتي نحبه ونعشق العيش فيه أسيادا على كل ثرواته ومقدراته المنهوبة من الشركات المتعددة الجنسيات. فارفعي أيتها الحكومة الغموض عن ملف الثروات الطبيعية لنعرف ما لنا وما علينا ” حل الدوسي انحل الفانا ” هذا أولا .

و ثانيا ليعلم الجميع أننا على هذه الأرض الطيبة “ملاكة ما ناش كراية ” فنحن أصحاب حق و نريد أن نعرف حقوقنا قلت أم كثرت. وبذلك فأهداف هذا الاعتصام وغاياته ليست جهوية ولا شخصية إنما هو اعتصام من أجل قضية مركزية تخص كل تونسي من بنزرت إلى برج الخضراء وما عدا ذلك فتفاصيل.

و هنا نوجه رسالة إلى كل أحرار البلاد ونقول: إن الثروة للجميع ونحن قبلنا عن وعي وباختيارنا أن نكون رأس الحربة في الصراع حتى ينتفع الجميع بخيرات هذه البلاد قلت أو كثرت. وسيكتب التاريخ أننا بادرنا، وبقي عليكم يا أهلنا في تونس أن تنفضوا عنكم غبار السلبية وتقفوا معنا لنكون يدا واحدة نسترد حقوقنا المسلوبة وسيادتنا المنتهكة ومقدرات بلادنا المهدورة .

س : لقد دخل حراككم شهره الثالث فكيف تعاملت معكم الحكومة والسلطات المحلية والجهوية؟

ج : لقد تعاملوا معنا بما يدمي القلب ويكسر النفس فلو كانت لهذه الحكومة مصداقية ما كانت لتتعامل مع خيرة شباب هذه البلاد بالشكل الذي رأيناه: تجاهل تام وتعتيم إعلامي كامل إن لم نقل حربا إعلامية مضللة للرأي العام ومغيبة لوعيه .

فالوفد الوزاري الذي ضمّ وزير الفلاحة ووزيرة الصناعة ووزير الشؤون الاجتماعية وبعض نواب الجهة وبعض كتاب الدولة، جاءنا فقط لرفع العتب عليهم فلم يقدموا شيئا يرتقي إلى مستوى وعي المعتصمين وذكائهم ومطالبهم المشروعة. فقد كانت زيارتهم مماطلة وتسويف آملين أن يفتر حراكنا ويفقد جذوته بدخول شهر رمضان الفضيل ونسوا أننا أعددنا عدتنا وقرأنا حساب المكر والخداع و المماطلة. فأجبناهم بأن قسمنا أيام تواجدنا في الشهر الفضيل على الجهات العشر المعتصمة فكان نصيب كل عرش ثلاثة أيام متفرقة بحساب يوم في كل عشرة أيام كما أرسلنا لهم رسالة مضمونة الوصول باجتماع عام مهيب مع كل الأهالي في قلب المدينة لعل الحكومة تفهم أن حراكنا ليس طيش شباب ولا نزوة منفعل متحمس بل كل أهل دوز الكبرى وغليسية والمناطق المساندة تقول قولنا وتبارك سيرنا في وحدة تاريخية بين كل مناطق دوز وعروشها. وهنا أقول للسلطة والحكومة لاحظوا جيدا في كل مرة تتعاطون معنا بتجاهل ومماطلة وازدراء إلا و كان لنا معكم محطة تصعيدية أقوى من سابقاتها ومازال في جرابنا من المفاجآت ما يذهلكم.

أما الحرب الإعلامية فتمثلت في التعتيم الإعلامي الكامل و تجاهل حراكنا وحتى الصوت المخلص الوحيد الذي ساندنا والمتمثل في الصحفية النبيلة ” حليمة الهمامي ” فقد تعرضت لضغوط شديدة من طرف إدارة إذاعة ” صراحة أف أم ” مما اضطرها إلى تقديم استقالتها وقد أصدرنا بيانا أشدنا فيه بإخلاصها وتضحيتها ونددنا فيه بألاعيب الخسة وأساليب الطغيان في التعتيم. ولقد انصرفنا تلقاء صفحات التواصل الاجتماعي الإعلام البديل الذي فضح بن على وأعوانه فانه قادر باذن الله على تجاوز مكر الحكومة واذنابها فهذه البلاد تعج بالخير وهي مازالت ولادة وتزيد وإن غدا لناظره قريب.

س : ماذا عن الوسط السياسي كيف تعاطى معكم ومع حراككم ؟

في البداية أود أن أبين أننا نرفض كل محاولة للركوب على حراكنا المبارك من طرف أي تيار سياسي انتهازي، ولكن هذا لا يمنع تواصلنا مع كل الأطراف المخلصة التي تساند وتبارك حراكنا ومطالبنا المشروعة وفي هذا الإطار وجهنا دعوة مفتوحة إلى كل المخلصين لمساندتنا وحددنا يومي 8 و 9 جويلية يومين مفتوحين نستقبل فيهما كل مخلص يريد مساندتنا من التيارات السياسية المختلفة وقد زارنا وفد مكون من كل رؤساء الأحزاب والجمعيات والنقابات بالجهة وشرحنا لهم أهدافنا ومطالبنا وأمددناهم بملف حول الغاز الصخري وأضراره البيئية والطبية التي لحقت بالجهة وأهلها فعرض علينا الاتحاد العام التونسي للشغل وبعض رؤساء الاحزاب أن يكونوا ضامنين في أي تفاوض مقبل مع الحكومة و لكننا رفضنا الضمانة المنفردة واشترطنا عليهم أن يكونوا جميعهم ضامنين لتعهدات الحكومة وإلا فلا مجال للضمانات المنفردة ومازلنا ننتظر إلى الآن نتائج مساعيهم والكرة في ملعبهم الآن واليوم زارنا وفد من حزب التحرير واستمع لمشاغلنا و ساند تحركنا و هو مشكور على ذلك .

س : أوضاعكم صعبة ومعاناتكم كبيرة ولكنّ صمودكم أقوى وعزمكم أمضى وهمّتكم عالية فكيف تفسرون الأمر؟

ج : الأمر ليس سرا ونحن لم نأت بأناس من المريخ، أبناء دوز الكبرى وغليسية كانت تحركاتهم من قبل منفردة وقد تراكمت تجاربهم السابقة وكان كل حراك ينطلق من النقطة التي توقف عندها حراكهم السابق ويمكن أن نلخص نجاحات تحركنا في ثلاث نقاط:

1 ــ السلمية الكاملة: ولم يستطع المتربصون بنا أن يحرفوا حراكنا هذا نحو الأعمال المادية فرغم طول المدة واختلاف المناطق وتنوعها لم يصدر من أي معتصم أي عمل مادي يخل بسلمية حراكنا بل وفقنا الله في أن أمسكنا ببعض المأجورين من الذين اشترت ذممهم شركة بيرنكو يحاولون الدخول خلسة إلى الشركة وكتابة عبارة ” الرخ لا ” والإضرار بالشركة من أجل لصق التهمة بالمعتصمين وإعطاء الشرطة مشروعية التدخل ضدنا، وقد أمسكنا بهم وسلمناهم للشرطة ورفعنا ضدّهم قضية عدلية .

2 ــ وحدة الصف: تجاوزنا خلافاتنا السابقة وعملنا كجسم واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فلأول مرة في تاريخ مناطق دوز الكبرى وغليسية يجتمع الفرقاء السابقون على مائدة واحدة ويسيروا صفا واحدا بقيادة واحدة تشاركية مترفعين عن كل الخلافات والجراحات القديمة فقد تجاوز الجميع أحداث دوز والقلعة وأحداث دوز الغربي وغليسية وأحداث دوز الغربي والعوينة، نحن اليوم صف واحد كلمتنا واحدة وهدفنا واحد.

3 ــ إقصاء كل الوجوه والشخصيات المتمعشة والتي وجهت تحركاتنا السابقة لفائدتها الشخصية وجنت ثمار تعبنا على حساب وحدتنا ومصلحة بلادنا، وهذه النقطة جعلت الأهالي يلتفون حولنا ويساندوننا لأنهم رأوا صفاء أجوائنا وخلوها من تلك الوجوه الانتهازية المتسلقة.

س : في ختام هذا الحوار هل من رسائل تريد توجيهها إلى الحكومة والسياسيين ؟

ج : للحكومة نقول باختصار وإيجاز: لنا حق سنصل إليه بإذن الله ولن نفتر ولن نتراجع فعبارة ” الرخ لا ” ليست شعارا أجوف بل هي عقلية ترسخت فينا كبارا وصغارا رجالا و نساء و” ما ضاع حق و راءه طالب ” .

أمّا السياسيون فنقول لهم: انسوا خلافاتكم قليلا والتفوا حولنا وساندونا بإخلاص فالأصل أن تتحركوا أنتكم ونساندكم نحن لا العكس. هنا نتحرك لمصلحة العباد والبلاد فلا مجيب ولا مساندة بشكل فعال. إننا نريدها مساندة مخلصة لمصلحة البلاد والعباد لا مساندة من أجل مكاسب سياسية ذاتية ضيقة .

أمّا أهلنا الطّيّبون فنقول لهم: حياكم الله على صبركم وتضحياتكم فلولا التفافكم حول أبنائكم ما كنا لنسطر هذه الملحمة وما كنا لنضع لبنة في صرح تاريخنا الحديث وما كنا لنصمد هذا الصمود ولا وصلنا إلى هذه الوحدة والقوة والوعي فشكرا لكم. كما نشكر كل من ساندنا من الجهة كجرسين وجمنة ونويل وكل الأحرار الذين تكبدوا المتاعب وقطعوا المسافات الطويلة من تونس العاصمة ومنطقة الجريد.

وكلمة أخيرة للجيش والأمن: أنتم إخواننا وأبناؤنا وجيراننا وأعمامنا وأخوالنا نحن منكم وأنتم منا مطالبنا مشروعة وهي لمصلحة الجميع فلا تطعموا أبناءكم من دمائنا ولا تسقوا نساءكم دموع أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا.

وليعلم الجميع أنّ

الرخ لا …

الضخ لا …

الفتنة لا …

CATEGORIES
TAGS
Share This