أمريكا تدّعي الإستياء من الصفقة المبرمة بين تركيا وروسيا بخصوص منظومة صواريخ s400

أمريكا تدّعي الإستياء من الصفقة المبرمة بين تركيا وروسيا بخصوص منظومة صواريخ s400

الخبر

 تناقلت مصادر متضافرة أن أمريكا قد أعربت عن استياءها من صفقة منظومة  الصوايخ S400   المبرمة بين روسيا وتركيا.

التعليق:

 إن تركيا عضو في حلف الناتو وهي دولة تدور في الفلك الأمريكي، ومن المستحيل أن تعقد صفقة من هذا النوع دونما علم أو موافقة مسبقة من امريكا. والواضح أن القيادة الامريكية تتصرف على طريقة “يتمنّعن وهن الراغبات.”

منذ مدة تسعى امريكا الى محاصرة الصين والتصدي لصعودها المتنامي والذي صار يهدد مركزها في العالم،وهذه الخطة تقتضي كسر التقارب الصيني الروسي واستدراج روسيا للوقوف مع امريكا. وامريكا تسلك في مسعاها هذا سياسة العصى والجزرة مع روسيا .فقد فتحت أمامها المجال للقيام بدور فاعل في سوريا والظهور في ثوب الدولة المؤثرة دوليا، ولوّحت لها بفتح الابواب في ليبيا ومصر، في الوقت الذي  تقرعها و تسلط عليها العقوبات لتدخلها في الانتخابات الأمريكية. وكانت آخر هذه العقوبات تلك التي صادق عليها الكونغرس مؤخرا، وهي عقوبات مشدّدة وقد فرض الكونغرس على الرئيس الموافقة المسبقة في صورة أي قرار بسحبها، ثم إن امريكا تستعمل الجزرة بشكل مواز فتسمح لتركيا بإبرام صفقة الصواريخ الاخيرة. وهذه الصفقة تفتح شهية الروس لدخول الاسواق العالمية، فروسيا لا تملك تاريخا استعماريا، وليس لها اليوم مستعمرات ولا اسواق لترويج سلعها بينما تتوفر لديها امكانيات هائلة للإنتاج من ثروات طبيعية ومساحات شاسعة وموارد بشرية، وتتحفز لبناء اقتصاد قوي وتجارة مزدهرة وهي تنظر لجاراتها الدول الاوروبية وما حققته من رخاء ومدنية رغم قلة مواردها الطبيعية وتكاد تنفجر من هذه الطاقة الكامنة. ثم إن امريكا ترفع العصا مرة أخرى، فملف التدخل الروسي في الانتخابات مثله مثل مسمار جحا ثبتته امريكا لتعود إليه كلما عنّ لها ذلك, وكما يقول خبراء الإستراتيجيا, فإن التهديد بالحرب أنجع من الحرب نفسها, ذلك أن التهديد الفعال يجعل الطرف المقابل عُرضة للإبتزاز, بينما التنفيذ ينهي الأمر ربما دون الحصول على شيء.

مباشرة بعد قمة العشرين وفشل “قمة ترامب- بوتن” والتي  دامت ساعتين ونصف الساعة ، إضافة الى خلوة أخرى أريد لها ان تكون سرية بينهما، يعود ترامب لأمريكا وتنزل العقوبات، واللافت فيها أنها قد تطال مشاريع طاقة روسية بريطانية موجهة لأوروبا (روسيا اليوم26 -7- 2017  ) بعد أن نفضت امريكا يديها من بريطانيا في أن تكون قاطرة لتفكيك الاتحاد الاوروبي. وفي الوقت الذي تنزل فيه العقوبات تعقد صفقة الصواريخ بين روسيا وتركيا، وقد أعربت عدة دول عن رغبتها في الحصول على هذه المنظومة الصاروخية الروسية ما يسيل لعاب روسيا ويحرك أطماعها ويشعل حسرتها الامر الذي تسعى إليه أمريكا كي تستدرج روسيا الى حظيرتها.

سبق لامريكا أن قامت بمثل هذه الألاعيب  في نصب الفخاخ الدولية ، ففي السبعينات من القرن الماضي استدرجت الصين للوقوف في وجه الاتحاد السوفياتي ووقعت الصين في الفخ، وحينها قال كيسنجر مهندس هذا التقارب الامريكي الصيني: بعد عشرين سنة وإذا كان الرئيس الامريكي حكيما سيعمل على استمالة روسيا للوقوف في وجه الصين، وها هو الشخص نفسه، وباعتماد النهج البراجماتي الامريكي المعهود يحاول التخطيط لنفس العملية مجددا وقد كان مهد للقاء ترامب – بوتن  على هامش قمة العشرين.

قبل ذلك حاولت أمريكا أن تنصب فخّا للاتحاد السوفيتي بتوسيع مجال تدخله إلى حدود القارة الأمريكية على مرمى حجر من ترسانتها العسكرية باستدراجها للتدخل في كوبا، لكن ستالين تفطن لهذه الخدعة ورفض الانسياق، ثم جاء خروتشوف ووقع الدب الروسي بغباءه في الفخ.

إن هذا الزخم في الاحداث الجارية بين امريكا وروسيا لَيَدُلُّ على سعي امريكي محموم يشوبه اضطراب وتشوّف لاستكمال خططها لمواجهة الصين بإحكام الطوق حولها، وهي خطة تقتضي كسر التقارب الصيني الروسي وتسخير روسيا لهذا الغرض. ولا تزال امريكا تلعب بأعصاب الدب الروسي الهائج المتطلع إلى العظمة القيصرية واسترجاع أمجاده القديمة، فهل يقع الدب في الجب؟

في كل الأحوال ومهما كانت المآلات لن تتخلص الانسانية من شرور هذه الدول الرأسمالية الجشعة إلا بعودة الاسلام إلى واقع الحياة باقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإن ذلك  لقريب إن شاء الله.

ابن الجزيرة

CATEGORIES
TAGS
Share This