اليمن: قراءة في مبادرة مجلس النواب على ضوء الصراع الدولي في اليمن

اليمن: قراءة في مبادرة مجلس النواب على ضوء الصراع الدولي في اليمن

في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها تحالف الحوثيين – علي صالح، أقر مجلس النواب الذي عاود عمله منذ فترة والذي أغلب أعضائه هم من حزب الرئيس السابق “علي صالح”، أقر إحالة وزير الشباب والرياضة حسن زيد في حكومة “بن حبتور” إلى القضاء.

وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر في محافظة إب وعضو اللجنة الدستورية بالمجلس “عبد الرحمن معزب” إن اللجنة أحالت الوزير “حسن زيد” إلى القضاء على خلفية اتهامه لمجلس النواب الذي منح حكومة “بن حبتور” الصلاحية بالخيانة بعد موافقته على مبادرة لإنهاء الأزمة. وكان رئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي قد سلم مستشار سفارة روسيا مبادرة المجلس بشأن الأوضاع الراهنة في اليمن.

وأضاف “معزب” في إعلان بصفحته الرسمية على فيسبوك مجلس النواب يقر إحالة حسن زيد إلى القضاء وإحالة أحمد سيف حاشد إلى اللجنة الدستورية للتحقيق، حتى وإن تستر تحت عباءة الهاشمية فهو منبوذ.

واتهم كل من “حسن زيد” والنائب “أحمد سيف حاشد” مجلس النواب وأعضاءه بالخيانة بعد موافقة المجلس على مبادرة السبت الماضي تدعو لإنهاء الأزمة اليمنية بعدة بنود.

هذا وقد كانت بنود المبادرة كالتالي:

1- دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن.

2- دعوة الأمم المتحدة إلى وضع آلية مناسبة لمراقبة سير العمل في كافة المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات الجوية في أنحاء الجمهورية اليمنية دون استثناء… لضمان تحصيل إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني وبما يكفل مواجهة كافة الالتزامات الحكومية من صرف مرتبات موظفي الدولة وتوفير المواد الغذائية والدوائية ومواجهة شبح الأوبئة القاتلة التي تفتك بأبناء الشعب اليمني في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية.

3- دعوة مجلس الأمن إلى أن يضطلع بدوره الإنساني والقانوني بشأن إلغاء كافة القرارات والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية وأدت وتؤدي إلى تمزيق وتشتيت اللحمة الوطنية وعدم الاستقرار الغذائي والصحي وتمزيق وحدة الوطن وتشتيت الإيرادات العامة للدولة.

4- دعوة الأطراف المعنية إلى حوار بناء وشامل بدون شروط مسبقة وبإشراف دولي وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام والاستقرار لليمن والمنطقة والوصول إلى شراكة وطنية وسياسية حقة.

إن الناظر في بنود المبادرة يرى أنها تحقق مصالح عملاء الإنجليز وخاصة جناح علي صالح الذي أهم ما يريده هو إيقاف الحرب التي تدخلت من خلالها السعودية لتقود حرباً في اليمن بضوء أخضر أمريكي لإنقاذ الحوثيين وجعلهم شركاء في الحكم بعد أن كاد جناح علي صالح أن يعود مستغلاً هروب الرئيس هادي الذي ربما كانت بريطانيا ترى طي صفحته لولا تدخل السعودية في الحرب بحجة إعادة شرعيته، وهكذا فقد استغلت أمريكا الحرب السعودية في القضاء على قوة الإنجليز وإضعاف البنى التحتية وهي من كان بيدها هيكلة الجيش، ولعلنا نتذكر قول السفير الأمريكي لهادي أثناء فترة الحوار الوطني المنتهي سابقاً حيث كان هادي قد دمج فرق الجيش وغير الزي العسكري لها، فقال له السفير الأمريكي إن كنت تظن أنك قد هيكلت الجيش بتغيير زيه فأنت واهم؟!!

وكما قال هادي بنفسه إن الأمريكان وجمال بن عمر كانوا يسعون لإلغاء المبادرة الخليجية، وهي مبادرة تسوية سياسية بين الأطراف المختلفة آنذاك تحفظ السلطة في يد الإنجليز ولا تعاقبهم وتدوّر السلطة في أيدي العملاء لها.

كذلك لا يخفى ما قاله هادي من أن علي صالح لم يكن يتوقع أن تتدخل أمريكا في الحرب لإعادة شرعيته وذلك أثناء هروبه!!

إن علي صالح يريد من هذه المبادرة أن تنهي الحرب وتلغي القرارات والعقوبات الأممية، ثم يجعل للأمم المتحدة أن تشرف على الموانئ والمطارات والشواطئ مجرد إشراف حيث ستكون الآلية المقترحة من الأمم المتحدة تتضمن أن يكون هناك طرف ثالث من المحايدين أو الإداريين من الأطراف بالإضافة لدولة الإمارات التي أعدت في الجنوب كوادر تواليها وهي في خدمة علي صالح، وهذا سيكون لصالحه كون حزبه له خبرة وتجربة في إدراة الدولة – رغم فسادها -،بينما الحوثيون ليسوا سوى مليشيا تفتقد الكوادر المؤهلة.

لذلك سارع بعض عملاء أمريكا كالوزير حسن زيد والنائب أحمد سيف حاشد بالتحذير من المبادرة وتبعهم آخرون من مناصري الحوثيين.

ولربما سكوت الحوثيين على المبادرة رسمياً يجعلهم يعملون ضدها في الخفاء إن أوحت إليهم أمريكا أنها لا تخدمها ولا تخدمهم، وكان علي صالح لم ينكر عليهم حواراتهم مع السعودية منفردين، ولم ينكر عليهم تقديمهم لأي مبادرة، داعياً إلى عدم التشنيع والتخوين لكل من يقدم مبادرة لإنقاذ البلاد وإيقاف الحرب.

يستغل الإنجليز كل ورقة يعملون من خلالها سواء عن طريق جناح هادي أو عن طريق جناح صالح، لكن التعويل على جناح علي صالح ليلعب دوره وبدعم من الإمارات هو الظاهر هذه الأيام.

فهل ستكون هناك طبخة جديدة يكون بطلها علي صالح بالشراكة مع الحوثيين تقتنع بها أمريكا وبريطانيا اللتان تقودان الصراع في اليمن وأدواتهما كالسعودية والإمارات، علماً أن المبادرة لا تبتعد كثيراً عما يُعرف بمبادرة كيري والمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي تجعل هادي يسلم صلاحياته لنائب له والعمل لإيجاد طرف ثالث محايد يتسلم إدارة المدن وإعادة دمج المليشيات من جميع الأطراف واستثناء المجموعات التي تصفها أمريكا بـ(الإرهابية) خاصة في جناح هادي حسب قول الأمريكان!!

إنه مهما كانت الحلول والمبادرات المقدمة فلن تخمد الصراعات نهائياً في اليمن، والحل الكفيل بذلك هو أن يعمل أهل اليمن لإعادة الإسلام إلى واقع الحياة بإقامة دولةٍ إسلاميةٍ تجمعهم بعيداً عن مشاريع الغرب وأنظمة العمالة، دولة لا تعبر عن مذهبٍ أو حزب أو طائفة، بل تعبر عن عقيدة الإسلام وأهل الإيمان والحكمة فينصرون الإسلام كما نصره أجدادهم أول مرة، فأقاموا للإسلام دولةً تمددت في العالم ودان لها العرب والعجم.

بقلم: عبد المؤمن الزيلعي

CATEGORIES
TAGS
Share This