الأمن يتحقق في ظل الخلافة على منهاج النبوة وليس باتباع أجندات الدول الاستعمارية
من المتوقع أن ينتقل تصعيد حدة التوترات والنزاعات من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى بشكل كبير بعد اطمئنان أمريكا إلى حد ما بخصوص سوريا بإثبات قدرة تركيا على احتواء الثوار والضغط عليهم. وذلك ظاهر في توتير أمريكا لقضية كوريا الشمالية، والنزاعات في بحري الصين الجنوبي والشرقي، وتكبير خطر وتهديد (الإرهاب) في المنطقة. والهدف من ذلك هو تحجيم القوة الصينية المتصاعدة، والحيلولة دون رغبة الأمة الإسلامية بالرجوع إلى أحكام دينها، وتطبيق شريعتها، وإقامة خلافتها.
لأجل ذلك بنت أمريكا منذ عهد أوباما التحالفات حول الصين في كل من الهند واليابان وفيتنام والفلبين بالإضافة إلى كوريا الجنوبية بخصوص نزاعات الحدود والتهديد النووي، وعززت دور دول جنوب شرق آسيا لا سيما إندونيسا وماليزيا كأكبر البلاد الإسلامية في المنطقة بالإضافة إلى الفلبين بخصوص الحرب على (الإرهاب).
نعم، فقد زاد دور دول جنوب شرق آسيا خاصة إندونيسيا وماليزيا بخصوص الجانب الثاني من ورقات أمريكا في المنطقة وهو شعار الحرب على (الإرهاب) بالرغم من أن إندونيسيا وماليزيا لم تكونا تشاركان في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة بشكل رسمي، ولكن دورهما ظاهر في الأمور التالية، أولا: سن القوانين القمعية التي تقيد تحرك الإسلام السياسي والتي تمثل هدفا حقيقيا من هذه الحرب؛ ثانيا: الإساءة إلى الإسلام عبر الترويج لما يسمى بالإسلام الوسطي المعتدل الذي يعني التنازل عن بعض أحكام الإسلام مثل الجهاد ووجوب التحاكم لشرع الله، والمسايرة مع مشروع الغرب وقيمه؛ ثالثا: تجريم بعض الأفكار الإسلامية كفكرة الخلافة والجهاد في سبيل الله، وحتى رفض رئاسة الكافر على المسلمين الذي رفعه مسلمو إندونيسيا في الانتخابات الأخيرة، بل زاد على ذلك تجريم العلماء والمنظمات الإسلامية كما يحصل الآن في إندونيسيا من محاولات حكومتها لحل حزب التحرير.
وقد ساعد على هذه السياسة بعض الأعمال (الإرهابية) التي ادُّعي أن من قام بها هو تنظيم الدولة، مصاحبة لتواتر التخويف من أمريكا صاحبة القيادة لهذه الحرب الجديدة وأعوانها أستراليا وسنغافورة وروسيا وغيرها من خطر التنظيم في جنوب شرق آسيا بالتحديد.
من ذلك الاشتباكات المستمرة منذ 23 أيار/مايو الماضي في مراوي في مينداناو ثاني أكبر جزر البلاد، بين الشرطة الفلبينية ومسلحي جماعة “موتي” و”وأبو سياف”، بدعم من أمريكا باعتبار أن الفلبين هي الحليف الأول لأمريكا في المنطقة.
قال مسؤولون يوم السبت 10/06/2017، إن قوات أمريكية خاصة انضمت لمعركة ضد إسلاميين متشددين تحصنوا في مدينة جنوب الفلبين فيما تواجه القوات الحكومية صعوبات في تحقيق تقدم مع مقتل 13 من مشاة بحريتها في معارك شرسة. وقال الجيش الفلبيني إن أمريكا كانت تزوده بمساعدة فنية لإنهاء حصار مدينة مراوي فرضه مقاتلون موالون لتنظيم الدولة، وأكدت السفارة الأمريكية أنها عرضت الدعم بطلب من الحكومة الفلبينية، وذكرت وسائل إعلام أن طائرة استطلاع أمريكية من طراز أوريون شوهدت تحلق فوق المدينة. (رويترز، 10/06/2017).
وقد صدرت سابقا تصريحات عن الحكومة الفلبينية تفيد أن المعارك مع تنظيم الدولة ستطول، حيث نقلت سي إن إن الأمريكية في مدينة مراوي أن وحدات الجيش تتحرك ببطء في جبهات القتال وتستغرق العمليات المزيد من الوقت. (سي إن إن العربية، 12/06/2017). وقال أيضا وزير الدفاع الإندونيسي رياميزارد رياكودو، عند انطلاق دوريات بحرية فلبينية إندونيسية ماليزية مشتركة لمكافحة (الإرهاب)، – وفق ما نقلته صحيفة نيكاي اليابانية – “إن الدوريات ستستمر بدون وقت محدد، حتى تنتهي مشاكل (الإرهاب) والقرصنة” (صدى العرب، 19/06/2017). هذا ما يعني أن شعار الحرب على (الإرهاب) سيظل ورقة تلاعب بها أمريكا دول المنطقة.
فليس من المستغرب أن تجدد كل من ماليزيا وإندونيسيا والفلبين التزامها الكامل بمعالجة ما سموه بالتحديات الراهنة والتهديدات الناشئة العابرة للحدود التي تقوض استقرار دول المنطقة، حيث قال الجيش الفلبيني يوم الجمعة 12/06/2017، إن بعض المتشددين الإسلاميين الذين اجتاحوا مدينة مراوي في جنوب البلاد الشهر الماضي ربما اندسوا وسط من تم إجلاؤهم بغرض الهرب خلال المعركة التي استمرت قرابة أربعة أسابيع. (رويترز، 16/06/2017).
لأجل ذلك تبحث الدول الثلاث في تعزيز التعاون في معالجة التهديدات والتطرف العنيف التي تواجهها المنطقة، حيث جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الماليزية عقب اجتماع ثلاثي جمع بين وزير الخارجية الماليزي حنيفة أمان، ونظيريه الإندونيسي ريتنو مارسودي، والفلبيني ألان بيتر إس كايتانو في مدينة مانيلا يوم الخميس، (اليوم، 24/06/2017).
وفوق ذلك فإن نقل الحرب من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى يقتضي اتباع سبل من له تجربة لهذه الحرب كما يظهر من مخطط زيارة وزير دفاع ماليزيا داتوك سيري هشام الدين حسين إلى الرياض لأجل الاستفادة من تجربة السعودية ضد تنظيم الدولة، حيث أوضح الوزير أنه سيقوم خلال زيارته لمنطقة الخليج بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لمناقشة تفاصيل سبل مواجهة داعش. (صحيفة اليوم، 08/07/2017). ونقل الموقع عن الوزير الماليزي قوله: “من المهم أن نتعلم ونفهم كيفية تمكن هذه الدول من مواجهة خطر داعش في العراق وسوريا، وأن نعمل كذلك على تبادل المعلومات الاستخبارية”.
ولكن، على فرض صحة وجود هذه التهديدات من قبل تنظيم الدولة، – ولو كان الأمر أصبح مكشوفا لدى العوام فضلا عن علمائهم، ومثقفيهم، وسياسييهم، من هم الذين روجوا هذا الخطر واستفادوا منه ومن هو الخاسر الأكبر فيه -، فهل سيتحقق الأمن في البلاد الإسلامية ودول جنوب شرق آسيا بالتحديد باتباع أجندة أمريكا؟! وهل يصدق مسلم أن أمريكا التي ألقت في السنة الواحدة من العام الماضي فقط 24.287 قنبلة على سوريا والعراق هي المنقذة من (الإرهاب) ويداها ملطختان بدماء المسلمين؟! كلا…، وألف كلا! وإنما يتحقق الأمن في بلاد المسلمين إذا عادت إلى حضانة سيادتها في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بقيادة خليفة يعرف قول رسول الله eويخشى مخالفته إذ قال: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ». وأما أمريكا ومن كان معها في أجندتها الاستعمارية الشيطانية فستظل عدوا للإسلام والمسلمين، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
بقلم: أدي سوديانا