هل أصبحت أمريكا عاجزة عن قيادة العالم؟

هل أصبحت أمريكا عاجزة عن قيادة العالم؟

الاخبار:

1: لا تزال القضية اليمنية تراوح مكانها حيث عجزت أمريكا عن تمرير خططها رغم تدخلها السافر سواء مباشرة أو عن طريق تسخير عملاءها في السعودية التي أثقلت الحرب كاهلها وصارت تعدّ لعقد صفقة يستعيد بموجبها صالح عميل الانجليز دورا فاعلا.

2: في الخليج نجحت قطر في احتواء الصدمة الناتجة عن المقاطعة بفضل الدبلوماسية المراوغة التي يمليها عليها سادتها الانجليز، ورغم أن أمريكا تستثمر في هذه الأزمة, إلا أنه من الصعب عليها تحويل قطر عن الولاء البريطاني, وتبقى قطر مطبخا للسياسات الانجليزية.

3: بعد مرور سبع سنوات على ثورة الشام المباركة لا تزال أمريكا عاجزة عن ايجاد عميل بديل لعميلها القديم بشار الاسد الذي كاد يسقط ويترك فراغا في السلطة تخشى أمريكا أن يتبوأه المخلصون من أبناء الأمة، وقد اوعزت لصنيعتها حزب إيران لإسناده فتدخل لإنقاذه دون جدوى، ثم أمرت عميلتها إيران بالتدخل لإنقاذه فلو تنجح ، واستنجدت أمريكا بروسيا وبآلتها العسكرية الضخمة فلم تفلح ما اضطرها في آخر الامر إلى إسقاط القناع عن خادمها أورد قان الذي صنعته على عين بصيرة فخان الثورة وطعنها في الظهر بتسليم حلب.

4: في ليبيا لا تملك امريكا وسطا سياسيا تعتمد عليه لتمرير مشاريعها، وكل خطتها هو العمل على احباط اي خطة عن طريق البلطجة والتشبيح وقد حاولت مؤخرا اشراك فرنسا في لقاء تم برعاية ماكرون بين عميلها حفتر والسراج صنيعة الانجليز، إلا أن هذا الاخير وفي طريق العودة إلى ليبيا مر على ايطاليا كخط للرجعة وعقد اتفاقا يسمح للبحرية الايطالية بالتدخل في المياه الليبية ما اثار حفيظة حفتر، وبغض النظر عن التفاصيل فقد بدأ الإنجليز منذ اللحظة الاولى بالعمل على افشال هذا المخطط.

5: هب المسلمون في جميع أقطار العالم هبة رجل واحد إثر تطاول الكيان الصهيوني النجس على المسجد الاقصى، فسارعت امريكا بإرسال موفدها للضغط على يهود خشية عودة روح صلاح الدين لهذه الامة الاسلامية العظيمة رغم انها  لا تملك دولة ولا جيشا، علما ان امريكا صارت عاجزة عن كبح جماح هذا الكيان المسخ سواء في ما يخص التفاوض حول حل الدولتين او ضبط المستوطنات، فقد تحول هذا الكيان من الابن المدلل إلى الابن العاق لأمريكا مستغلا أزماتها وانشغالها وقلة حيلتها.

6: سعت امريكا منذ زمن لبسط سيطرتها على منطقة المغرب العربي، وفي بداية القرن شكلت فرقة خاصة هي فرقة الساحل والشمال الافريقي هدفها العمل من أجل الاستيلاء على هذه النقطة الحساسة وطرد الاستعمار الاوروبي لكنها فشلت في ذالك ودخلت في صراع محموم مع الاستعمار القديم سواء في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والصحراء الغربية أو في مالي ولا تزال تستنزف قواها من أجل تحقيق تقدم ما إلا ان منافسيها الاوروبيين ينجحون في كل مرة في التفلت من بلطجتها وتثبيت نفوذهم، حتى إن ملف الصحراء الغربية قد شهد جمودا مزمنا نتيجة عجز امريكا عن تمرير سياساتها.

7: في أفغانستان كما في العراق تكبدت أمريكا هزائم مذلة حتى أعلنها قادتها صراحة نحن لا ننتصر في أفعانستان. وقد اضطربت قراراتها بين دعم تواجدها العسكري هناك وبين التخفيض فيه. ذلك أنه منذ حرب فيتنام سجل عزوف متصاعد عن الخدمة العسكرية وقد ضاعفت امريكا من الانفاق على الجندي تجهيزا وتأجيرا لإغراء شبابها بالالتحاق بالجندية دون جدوى وتفكر أمريكا في الآونة الاخيرة بخصخصة الجيوش العاملة في افغانستان وتسليم الجبهة للشركات الأمنية، اي للمرتزقة. وقد تفاقمت ظاهرة المرتزقة في السنين الاخيرة ما يأ شر على تدهور خطير للمنظومة القيميّة وترهّل للفكرة التي تقوم عليها الدولة.

8: بالنسبة لأوروبا ومنذ ان تفردت امريكا بقيادة العالم بدأت تنقلب على حلفائها القدامى انطلاقا من فلسفتها البراغماتية العفنة وصارت تعاملهم كأتباع وتطلب منهم الطاعة الكاملة واصطدمت بهم مرات عدة. ومع أوباما عمدت لاستبدال الحليف (أوروبا) بالعدو القديم(روسيا) لا سيما في الشام.ومع مجيء ترامب شهد التوتر بين الطرفين تصعيدا متكررا نتيجة اصرار امريكا على جر اوروبا لإرادتها سواء فيما يخص ملف التجارة الدولية أو تمويل الناتو او الاحتباس الحراري أو القضايا الاقليمية . ولا تزال عملية شد الحبل مستمرة بين الطرفين ولم تنجح امريكا لحد الان لبلوغ حالة الاستقرار ووضوح الرؤيا مع حلفائها التقليديين .

9: على الجانب الاخر تواجه امريكا معضلة المارد الصيني، وقد اضطربت خططها في مواجهة هذه القوة الصاعدة بين سياسة الاحتواء وسياسة التطويق فلم تفلح لا في هذه ولا في تلك بينما تحقق الصين ا لمكاسب تلو الاخرى في الوقت الذي تنفق فيه امريكا الجهود العبثية لصدها، ولم يجد النباح الامريكي نفعا على القطار الصيني السائر حتى صارت امريكا تلاحق الصين كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .

10: تحاول أمريكا إلى حد الان جر الروس الى جانبها لكسر تقاربها مع الصين وتسخيرهم   في مواجهة القوة العالمية الصاعدة الجديدة ،ورغم غباء الدب الروسي المعهود إلا انها لم تفلح الى حد الان ولعلها تضطر لدفع المزيد للإيقاع بالروس، وفي كل الحالات تكلفها مواجهة الصين فاتورة غالية يرجح ألا تقدر عليها وهي غارقة في أزماتها. اما إذا كان للروس بعد نظر وصمدوا أمام الاغراءات الامريكية المسمومة فسوف يكون في ذلك نهاية الغطرسة الامريكية المحتومة  .

11: على المستوى الداخلي تعاني امريكا أزمات متعددة:

– ازمة مالية لا تزال مفاعيلها مجهولة العواقب تحاول امريكا التستر عليها بتزييف الارقام واستعراض العضلات، لكن ذلك لم يعد ينطلي على الخبراء الذين يتنبئون لها بالاسوء

– ازمة اجتماعية متعددة الوجوه من البطالة إلى العنصرية والتطرف اليميني الى الرعاية الصحية التي تبلغ تكاليفها حسب قانون اوباما كير ما يضاهي ميزانية الجيش .

– أزمة سياسية ناتجة عن صعود رئيس وصف بالمجنون وقد استقال أو أقيل العديد من رجال إدارته في زمن قياسي وهو لا يزال يتحين الفرص لإقالة المزيد لحماية عرشه من فضيحة الاستعانة بالروس في حملته الانتخابية.

– أزمة كيان ناتجة عن انشقاق الطبقة الرأسمالية الحاكمة بين رأسمالية الاقتصاد الحقيقي المعتمدة على الصناعة والتي يمثلها ترامب نفسه ورأسمالية الاقتصاد الافتراضي القائمة على الاسواق المالية والتي يمثلها المضارب المعروف سوروس. وقد نشب صراع قاتل بين الطرفين تستخدم فيه المؤسسة والمخابرات والإعلام وكل الوسائل المعهودة لدى الراسمالية البراغماتية التي لا تعرف اي قيم.

– أزمة قيم ناتجة عن تهافت الفكرة الرأسمالية التي تقوم عليها الدولة حتى خرج الناس وقد ضجوا من حيفها لإسقاط وول ستريت .وقد عبر بريجنسكي عن هذه الحقيقة حين قال”امريكا تحتاج مراجعة كاملة للفلسفة المادية التي تقوم عليها حضارتها…” بينما تساءل المفكر الامريكي المعروف صموال هنتنغتن عن عناصر الهوية الأمريكية في صرخة لافتة عن أزمة الهوية الأمريكية .

التعليق:

اتضح أن أمريكا عاجزة عن قيادة العالم لوحدها قيادة رشيدة, وأنّ عداءها لأوروبا مُسطّر في حدود النفوذ والعنجهية, حيث تحتاجها لتخفيف الحمل عنها بين المدة والأخرى حتى تسُد عنها ثغرات في البلدان الاسلامية قد يكون التدخل الأمريكي فيها مثيرا للثورات ضد نظامها الديمقراطي الراسمالي, وان الإنسانية في حاجة إلى قيادة جديدة مقتدرة، تمسح ما على سماء العالم من كدر وظلمة خلفتها الرأسمالية الغربية التي حملتها أمريكا إلى العالم رسالةَ دم بالرصاص والقنابل على رؤوس العُزَّل في شتى أقطار العالم, ولا يكون ذلك إلا بنظام قيّم يُكرِم الإنسان ويوفيه حقّه في الدنيا ويفسح له مجال إختيار منزلته بعدها, وليس ذلك إلا بنظام الإسلام البَيِّن المُبين, خلافة راشدة على منهاج النبوة, وما ذلك على الله بعزيز.

التحرير

CATEGORIES
TAGS
Share This