عبد الفتاح مورو: لا استقرار في بلد يحكمه شيخين عمرهما 93 و74 سنة
الخبــــــر..
في حوار أجرته صحيفة Tribune de Genève السويسرية ونشر يوم الثلاثاء الفارط, قال نائب رئيس مجلس النواب التونسي, عبد الفتاح مورو أنه لا يمكن تحقيق استقرار سياسي في دولة يحكمها شيخان كالباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي.
وأضاف مورو: ” السبسي بلغ من العمر 93 سنة والغنوشي قارب 74 سنة والبلاد ستعيش حالة من عدم الاستقرار إذا غاب أحدهما.
وتابع عبد الفتاح مورو: ” إذا غاب السبسي أو الغنوشي فإن حزبيهما سيعرفان صراعا كبيرا خاصة وأن التوافق بينهما غير مكتوب.”
التعليــــق:
تضليل متعمد من عبد الفتاح مورو حين يربط الاستقرار في أي بلد من البلدان بعمر حاكمها, وهو بذلك يوهم مستمعيه أن سبب السياسات المعوجة والظالمة والمنتجة للفقر والتهميش وضنك العيش ما هو إلا شيخوخة حاكم البلاد وتقدمه في السن, نظرا لغياب العقل الرصين وذهاب الحكمة. وهنا حكمة جديدة -وهي في الحقيقة ضلالة- يسعى مورو لغرسها وبثها في الناس ليستثمر “حسناتها” إن هي دَرّت بذلك، ومفادها أن رغد العيش ثمرة لا ينتجها إلا حاكم صغير السن ! كذلك قام بالدعاية لفكرة خبيثة وهي فكرة التوافق وحرص على جعلها في ميثاق حتى يحمي كتلته من غدر من وضع يده بأيديهم, وهنا إقرار منه على أن هذا التوافق هو رباط هش لا يقوى على الصمود أمام المتغيرات, إضافة الى أنه توافق على باطل لا ينتج طمأنينة عند أهله بل كل يتحين الفرصة للإجهاز على غريمه والتفرد بالساحة… عوض أن يكون التنافس حول: “نظام الحكم” أي ماهية المعالجات التي يقدمها كلّمنهما ومنبعها من اين؟ صار التنافس حول:”من سيحكمنا”.
إن الاستقرار (مصدر استقر أي الهدوء والثبوت والسكون)هو نتيجة وثمرة نظام حكم مطبق على الناس وليس ثمرة شخص يحكم, وإن كان وجوده مطلوبا فالحاكم راع وهو مسئول عن رعيته, برعايتها وقضاء شؤونها على أكمل وجه …قال صلى الله عليه وسلم((عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُم َمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).فالمسؤولية التزام بتنفيذ النظام .
نظام الحكم هذا هو مجموع التشريعات والأحكام والقوانين الموضوعة لرعاية الشؤون, وهو ترجمة عمليّة لعقائد الناس ولا تعدو أن تكون انبثاقا عن العقيدة وبالتالي ينظر إلى العقيدة المتبناة للحكم على القوانين بصلاحها أو فسادها،وحين النظر إلى الأحكام المطبقة في البلاد لرعاية شؤون الناس نجدها منبثقة عن عقيدة فاسدة, وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة التي أنتجت هذا النظام الرأسمالي الكالح .
لذلك نوجه الخطاب للأستاذ عبد الفتاح مورو ونصحح له كلامه بالقول أن الفساد وعدم القدرة على إدارة الشأن العام والفوضى العارمة وتعطل كل المصالح ليس نتيجة “كِبَر الشّيخَين” كما أردت قلت, بل هي نتيجة لأنظمة وقوانين فاسدة أشرف على صياغتها بشر ناقصون وعاجزون, صاغوها وفق المنظومة الرأسمالية ليحكموا به العباد على الضديد لما يحملوه من عقيدة ومبدأ يطمئنون له بالفطرة، فالظلم والبغي والاعوجاج والانحراف والضلال والشذوذ, كلُّها نتائج حتمية لتطبيق هذه القوانين المُهلِكة على الناس، أما تغيير الأشخاص فما هو إلا معالجة رأسمالية للتمديد في عمر هذا النظام بالتحَيُّل على الناس وإيهامهم بأن المشكلة في الأشخاص وليست في المنظومة وها إنكم ترَون وتشهدون, بل وتشاركون, حكومة تجيء وأخرى تذهب إلى حد أننا عجزنا عن حفظ الأسماء لشدة التواتر، فماذا أنجزت غير الانحطاط والعودة بالبلاد إلى سنين القحط الفكري والثقافي والحضاري حدّ الحضيض.؟؟؟؟
إن الفرج لا يأتي من أنظمة الجور والفساد, ولو رُقِّعَت مليون مرة, وإنما يأتي من إتباع الوحي والاستجابة لله ورسوله بإنفاذ أحكام الإسلام الشافي والكافي لكل مناحي الحياة في ظل خلافة على منهاج النبوة والخليفة فيها ما هو إلا مطبق للأحكام، كبر سنه أم صغر.
قال صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ”.وفي رواية لمسلم: “ثُمَّ لاَ يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ”.