السماء المفتوحة وسياسة التفريط في البلاد

السماء المفتوحة وسياسة التفريط في البلاد

في حين تبحث الحكومة في ميزانية 2018 لتعبئة المزيد من الموارد المالية وذلك من خلال إثقال كاهل الشعب بالترفيع في نسبة الضرائب والجباية ورفع الدعم عن العديد من المواد الأساسية والترفيع في أسعار الكهرباء والغاز والماء وإغلاق انتدابات الوظيفة العمومية..

في خضم كل هذا نجد الحكومة تتعامل وبطريقة عكسية مع كبرى شركات النقل الجوية العالمية، حيث وبقدرة قادر تفتح السماء وترفع القيود وتمحى الإتاوات وتتنازل الحكومة عن مواردها طبعا تحت غطاء رنان مكذوب وهو تنشيط القطاع السياحي وتوفير المزيد من مواطن الشغل

اتفاقية السماء المفتوحة جزء من اتفاق التبادل الحر المعمق والشامل بين تونس والاتحاد الأوروبي  ALECA

 فيما يتعلّق بتحرير النقل، نؤكّد بأنّ هذه الاتفاقية تنضوي تحت اتفاق التبادل الحر المعمق والشامل بين تونس والاتحاد الأوروبي  ALECAالبند المتعلّق بما يسمّى بـ “الحريّة الجوية ” “أو السماوات المفتوحة ” (Open Skies)، هذه الاتفاقية ترتكز أولا على الترخيص لحرية العبور لجميع الخطوط بين كل الدول عبر عدد من الإجراءات الهادفة إلى الانفتاح والتخلي عن القيود المانعة لحرية الطيران والسماح لكل الشركات الجوية بحرية النشاط في كل المطارات. أما الإجراء الثاني فهو في علاقة مع عدد الرحلات اليومية غير المحدودة على جميع الخطوط وهو ما يمكّن شركات الطيران من وضع استراتيجيات ما يسمّى بالمطار المحوري «hubs» والعمل دون قيود من كل مطار من أي دولة منضوية تحت الاتفاقية. وتبقى من أهم نقاط اتفاقية السماوات المفتوحة إمكانية تحديد الأسعار بكل حرية هذه الشروط تمكن شركات الطيران الأكثر قوة من الاستحواذ على خطوط جديدة وزيادة حجم حصصها في السوق.

ما وراء اتفاقية السماء المفتوحة

تعد شركة تونس الجوية جزء من المؤسسات العمومية، ولعل ما يحاك لتونس من مؤامرات لنهبها وللنيل من ثرواتها هو ما يحاك بالمثل لهذه الشركة التي تسيل لعاب الكثير من أصحاب رؤوس الأموال رغم ما يسوقونه من ظروف وخسائر واهية تتعرض لها، وما الدعوة لتحرير الأجواء وفتح السماوات إلا دعوة لإضعاف شركات الطيران المحلية وعلى رأسها تونس الجوية، ليس ذلك فقط، بل الانقضاض على مطار تونس قرطاج، هذا المطار المحوري ليصبح مطارًا عاديًا ويصبح غيره من مطارات أخرى بالمنطقة نقطة ارتكاز وتوزيع للرحلات إلى إفريقيا، وهو الدور الموكل إلى مطار النفيضة بالأساس..

ولكم في تجربة المغرب خير دليل على فساد نتائج هذه الاتفاقية، ففتح الأجواء ودخول شركات الطيران الأجنبية للمنافسة في المغرب أثر على “الخطوط الملكية المغربية” التي وصلت مرحلة الإفلاس لولا ضخ الملك ل 200 مليار من الدراهم (حوالي 350 مليار تونسي) للشركة لإنعاشها. وقد لجأت “الرام” لبيع عدد من طائراتها وإغلاق بعض وكالاتها في الخارج، خصوصا في فرنسا، كذلك تسبب إمضاء اتفاقية السماوات المفتوحة في المغرب في الإضرار بقطاع الطيران منخفض التكلفة بالمغرب، ف”إيزي جيت” أجبرت على حذف بعض رحلاتها، وطيران العربية تواجه صعوبات مالية. في حين قررت شركة الطيران “ريانير” تقليص أنشطتها في المغرب وحذف 6 رحلات إلى جانب الأزمة المالية التي تعانيها.

إن قرار فتح سماء تونس هو مطلب فئة رأسمالية محتكرة تريد مصالحها الخاصة دون أن تفهم الأبعاد الدولية وراء هذا القرار على حساب البلاد ويبدو أن المخطط الأوروبي، طبعا دون التغافل عن الجانب البريطاني خاصة بعد زيارة وزير النقل رضوان عيارة إلى لندن في الفترة الأخيرة وما سار من محادثات مطولة بينه وبين كاتبة الدولة لدى وزير النقل البريطاني حول هذه المسالة، فالمخطط الأوروبي يسعى ويعمل على الانقضاض على مرفق الطيران المدني باعتباره قطاعًا استراتيجيًا ، والسيطرة عليه هى سيطرة على أجواء تونس.

ممدوح بوعزيز

CATEGORIES
TAGS
Share This