العجز التجاري في تونس يرتفع إلى مستوى قياسي والإجراءات الفورية التي يجب اتّخاذها
قال البنك المركزي التونسي الخميس 28 كانون الأول/ديسمبر 2017، إن العجز التجاري للبلاد سجل مستوى قياسياً مرتفعاً حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بوصوله إلى 14.362 مليار دينار، مقابل 11.628 مليار دينار في الفترة نفسها من العام 2016، أي بزيادة تقدر بـ23.5 بالمائة. وعزا البنك المركزي زيادة العجز التجاري إلى ارتفاع الواردات بنسبة 19.2 في المائة خاصة واردات الطاقة والسلع الغذائية، في حين زادت الصادرات 17.3 في المائة.
وقد وافق البرلمان التونسي هذا الشهر على ميزانية حجمها 32.7 مليار دينار للعام القادم تشمل إجراءات لتقليص العجز من أبرزها زيادة الضرائب وتقليص كتلة الأجور وتقليص دعم الطاقة والمواد الغذائية، وذلك استجابة لإملاءات صندوق النقد الدولي. وبناء عليه فإن إظهار هذه البيانات من طرف البنك المركزي في هذا التوقيت، ما هو إلا تمهيد للإجراءات المؤلمة والمصيرية التي وعدت الحكومة صندوق النقد الدولي باتخاذها قبيل مناقشة مجلس إدارته قرار منح تونس الجزء الثالث من القرض الممدد المقرر آخر كانون الثاني/يناير 2018.
وأضاف البنك المركزي أن من أسباب ارتفاع العجز تواصل الأداء الضعيف لقطاع المناجم والفوسفات ومشتقاته، دون ذكر الثروات الهائلة من نفط وغاز ومعادن التي وقع تسليمها للشركات الاستعمارية تنهبها صباح مساء، ودون ذكر السبب الرئيسي للمشكلة وهو اعتماد الحكومات المتعاقبة على الاستدانة كخيار استراتيجي لمعالجة العجز مما فاقم من حجم المديونية وجعل سيادة البلاد بيد الأجنبي.
وبالرغم من الوضع المزري الذي آلت إليه البلاد نتيجة لسياستهم الرديئة التي رهنت البلاد لصندوق النقد الدولي، فإن الخروج من الأزمة ممكن، إذا اعتمدنا على أنفسنا، وذلك بإجراءات منها:
1- الاهتمام بالزراعة الإستراتيجية كزراعة القمح وغيره مما تحتاجه البلاد احتياج ضرورة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير ما زاد فوق الحاجة لتوفير العملة الصعبة، ويكون ذلك بتوزيع ملايين الهكتارات المعطلة على جيوش المعطلين عن العمل وتوفير ما يلزمهم من بذور ومياه.
2- استرجاع الثروات الباطنية من الشركات الناهبة وإدارتها بأنفسنا استخراجا وتسويقا.
3- الإيقاف الفوري للمشاريع التي لا نحتاجها حاجة ملحّة والاقتصار فقط على ما هو ضروري، حتى نوفر التمويل اللازم للمشاريع الضروريّة كالصناعات الثقيلة، ولتوفير ما يلزمنا من آلات نحتاجها في الزراعة وفي مصانعنا الفرعية.
4- ولا مجال للحديث عن عجز التمويل ذلك أنّ ما تدره الزراعة والثروات الطبيعية من أموال كاف وزيادة. فحجم الثروات في تونس كبير، يشهد بذلك عشرات الشركات العالمية المنتصبة في طول البلاد وعرضها تستنزف ثروات البلاد بلا عدادات ودون حسيب ولا رقيب، فإذا ما استرددنا هذه الثروات من الشركات الاستعمارية وأدرناها بأنفسنا إنتاجا وتسويقا فسنوفر السيولة اللازمة لبعث المشاريع الاقتصادية المنتجة كالتصنيع، خاصة وأن كل عوامل النجاح متوفرة، فالأرض أرضنا والثروة ثروتنا، والقوى العاملة المدربة من خبراء ومهندسين وعمال هم أبناؤنا وموجودون على الأرض ولا ينقصهم إلا حسن الإدارة والتسيير، أما ما نحتاجه فيمكن شراؤه من الدول غير الطامعة في بلادنا وما أكثرها، ويمكن تغطية نفقاتها مما تدره الثروات الطبيعية من بترول وغاز وفوسفات وملح وإسمنت وغيرها من المعادن التي تزخر بها أرض الخضراء؛ إمّا مقايضة أو بحسب العملة التي نشترطها نحن.
5- أمّا مسألة الدّيون فحلّها يسير؛ ذلك أنّ الدّيون التي أُكرهنا عليها وأخذتها حكومات ظالمة (زمن بن علي وبورقيبة) أو ضعيفة خضعت لضغوط الدّول الاستعماريّة (بعد الثورة) تُعتبر في عرف الدّول ديونا كريهة لا يجب علينا سدادها، وقد نادى نوّاب أوروبّيّون من البرلمان الأوروبي منذ 2011 أنْ ليس على تونس تسديد ديونها لأنّها كريهة، فلا أقلّ من أن نعلن تجميد تسديد الدّيون لأنّها كريهة مستغلّين الرّأي العامّ العالمي الذي ينادي بإسقاط ديون العالم الثالث باعتبارها ديونا ظالمة. هذا فضلا عن كون الدّول الاستعماريّة استردّت كلّ ديونها وزيادة، وهي اليوم تزيدنا ديونا حتّى نسدّد فوائد الدّيون السابقة. فلماذا نواصل إعطاءهم من أموالنا؟ ولا عبرة هنا بما يروّجه خدّام الغرب من أنّ التوقّف عن سداد الدّيون سيشوّه صورة تونس ويجعلها محاصرة اقتصاديّا من الدّول الدّائنة، لا عبرة بذلك لأنّنا لن نتعامل مع تلك الدّول في كلّ الأحوال لأنّها دول استعماريّة عدوّة لا تتعامل معنا إلا لتنهبنا فإن نحن قطعنا معها نكون قد حمينا أنفسنا وثرواتنا من نهبها، وأبرز مثال على ذلك ما فعلته البرازيل حين جمّدت تسديد الدّيون ووقفت في وجه الدّول الاستعماريّة ففضحتها فقد كانت الدّول الدّائنة تطلب منها تسديد 120 مليار دولار ولكنّ البرازيل أثبتت حينها أنّ الدّيون الفعليّة كانت فقط 18 مليار دولار مما يعني أنّ الدّائنين هم مجموعة من اللصوص. وانتهت مسألة مديونيّة البرازيل. أمّا مع من سنبيع ونشتري؟ فإنّ الاقتصاديّات الصاعدة اليوم كثيرة وكلّها تريد أن تشتري وتبيع ولا يمكن للدّول الاستعماريّة منعها.
هذا غيض من فيض مما يمكن فعله إذا توفرت الإرادة السياسية، ومع ذلك فإننا ندرك أن مثل هذه القرارات لا يستطيع أن يتخذها الضعفاء والعملاء. إن هذه الإجراءات هي عيّنة من آلاف الإجراءات الفورية التي ستتخذها دولة الخلافة الراشدة فور قيامها بإذن الله، والتي ستكون أخبارا عاجلة متلاحقة تذهل العدو وتبهته وتحبط مساعيه معلنة أن عهد الضعفاء قد ولّى وأنّ زمن الرجال قد حلّ، ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾.